مرسي والدولة العميقة

mainThumb

17-06-2012 10:01 AM

 الدولة العميقة  تعني باختصار سلطة غير شرعية بجانب سلطة شرعية ، بحيث يكون رئيس منتخب وبرلمان منتخب و حكومة منتخبة أو شكلت بطريقة شرعية وقضاء مسقل  وبجانب هذا كله يوجد سلطة موازية لا تخضع للسلطة الشرعية   وفي الحالة المصرية هي الجيش والمخابرات وطبقات من القضاة ورجال الأعمال و مجموعة كبيرة من وسائل  الأعلام  والمشهد المصري من إنفلات أمني مقصود وشيطنة جماعة الإخوان المسلمين  ومرشحهم ثم قرار المحكمة الدستورية  بإعاز من المجلس العسكري  بحل مجلس الشعب المنتخب الذي يسيطر عليه الإسلاميون ليظهر بوضوح أن مصر وقعت في حفرة الدولة العميقة   

 
 ورغم وقوف الدولة العميقة بجانب شفيق فإن  المرجح فوز المرشح محمد مرسي بإنتخابات الرئاسة وذلك أن الداعمين لشفيق من  الجيش والأجهزة الأمنية  بكل إمتداداتها العميقة  والأقباط وجزء من الرأسمالية المصرية طاقتها الإنتخابية لا تزيد عن ثلاثين في المئة وأن الذين قاموا بالتصويت له في الجولة الأولى لن يزيدوا إلا قليلاً في الجولة الثانية   أما مرسي فإن الذين صوتوا لغير شفيق ومرسي الغالبية الساحقة منهم  لن تصوت لشفيق بينما مرسي هو خيارها  الوحيدحتى لو كرهته و معرفة مزاج من إنتخب أبو الفتوح وحمدين صباحي يقود لمعرفة  لمن ستصوت اغلبية هذه الفئة  التي لا تجد بديلاً عن مرسي  
 
ويقوم هذا التحليل على عدم التزوير المباشر للإنتخابات ونقصد بالتزوير المباشر هو التزوير في أوراق الإنتخاب وذلك أن الوضع الداخلي لا يسمح بالتزوير وهذا رادع للدولة العميقة وهي الجيش والأجهزة الأمنية كما أنه لا يوجد ضوء أخضر من القوى الدولية بالتزوير لذلك لن تخاطر الدولة العميقة بمقامرة التزوير  لذلك فإن مرسي هو الأوفر حظاً في الفوز 
 
ولكن مرسي سيأتي بعد اليوم الأول  لفوزه ليجد نفسه بصلاحيات غير معروفة  وسيطلب منه  ليجيب على أهم سؤال في مدة رئاسته ما هي شكل العلاقة مع الدولة العميقة ( الجيش والأجهزة الأمنية) هل سيسير في رئاسته متصالحاً معها أم في صراع  وحتى نستطيع أن نستشرف المستقبل لا بد لنا أن نعرف ما الذي تريده الدولة العميقة بالضبط وأفضل مايرشدنا لمعرفة ذلك هي وثيقة السلمي التي  سعت لإستنساخ النموذج التركي الذي يقوم على تقاسم الصلاحيات بين مؤسسات الدولة المنتخبة والقوات المسلحة
 
 ففي المادة التاسعة من الوثيقة تقول  أن من مهمة القوات المسلحةحماية الشرعية الدستورية ومعنى ذلك أن لها الحق في التدخل في الحياة السياسية وفي كيفية سيرها إذا رأت  أن الشرعية الدستورية تتعرض للخطر ، أما المادة العاشرة فتقول  (يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بـالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقما واحدا فى موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بـالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره) ومعنى هذا الكلام هو مشاركة مؤسسات  الدولةالمنتخبة  من قبل  القوات المسلحة بكل ما يتعلق بالأمن القومي والحرب والسياسة الخارجية .
 
ومما يدعوا للتأمل  أن معظم الباحثين الأتراك مقتنعون أن المخابرات الأمريكية هي من أوجد ورعى الدولة العميقة في تركيا  وذلك لمنع أي قرار من المؤسسات المنتخبة يضر بالمصالح الأمريكية  فمحاولة المجلس العسكري إستنساخ النموذج التركي يكشف أن الولايات المتحدة  ليست بعيدة عن المجلس العسكري ، فهي لا تقبله حاكماً مباشراً بل تريد منه تقليد النموذج التركي والتعلم من تجربته 
 
فمصر مقبلة في أيامها الأولى على ايام صعبة وغير واضحة تماماً ورغم ذلك  فإن مصر ستتخطى هذه المحنة وذلك ان الدولة العميقة تضعف مع الزمن إذا إستطاعت المؤسسات المنتخبة تحقيق نجاحات في سيرها ،وتتآكل  بتجذر الحياة السياسية النظيفة في الواقع ، فذهاب الدولة العميقة في مصر هي مسألة وقت ربما يطول ولكنه سينتهي بإنتصار إرادة الشعب ، فمصر لا تمثل نفسها فنجاحها هو نجاح للإمة بكاملها وسيرها للأمام سيجرنا قدماً شئنا أم أبينا ، فمصر هي امل بالنسبة للأمة  وهذا الأمل سيكبر بإذن الله .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد