حكاية المكر السيء

mainThumb

27-06-2012 03:20 PM

 إنتهت المشاجرة بينهما إلى صلح داخل مركز الأمن وتنازل كل منهما عن شكواه ولكن كل منهما أضمر المكر بالاخر ، وكان البادئ هشام فبعد جهد كبير  حصل على رقم الهاتف الخلوي لإخت بلال الوحيدة فهو يعرفها جيداً لأنها ابنة حيه ، وفي وقت الظهر  وسلمى تجلس مع أخيها بلال  لوحدهما  حيث أمه عند بيت خاله في زيارة  وأخيه الكبير في عمله رنَ  هاتف سلمى  ، فوجدت رقما غريبا ، ففصلت الإتصال على الفور ، وإذا بنفس الرقم يتصل مرة أخرى ،ففعلت نفس الشيء بفصل الإتصال ، فسألها أخوها بلال متشككاً 

*- من هذا 
ـ:رقم غريب ، منذ أوصيتني أن لا أرد على أي رقم غريب و أنا ملتزمة بذلك 
وإذا بنفس الرقم يتصل  مرة ثالثة، فقال لها أخوها 
*- ردي وإفتحي السماعة الخارجية 
بلال ظن أن أخته تعلم من المتصل ،وهي على علاقة به ،وهو الان يريد كشف هوية  ذلك الشخص ، وبعد دقيقة فقط من حوار أخته مع المتصل أدرك بلال أن أخته ليس لها علاقة بذلك الشخص وادرك ايضاً ما هو أهم من ذلك بالنسبة إليه أن المتصل هو بلال غريمه ومن تشاجر معه ، فطلب من أخته الإستمرار معه في الحديث وقام هو بتسجيل المكالمة على هاتفه  ، وثم طلب منها إستدراجه للمجيء إلى البيت ، وفي نهاية الإتصال الذي إستمر ما يقارب الساعة إتفق هشام وسلمى على موعد في بيتها بعد ما يقارب الساعتين من إنتهاء المكالمة 
 
سلمى كانت غير راضية عما يجري ولكنها بقيت صامتة خوفاً من اخيها ، وعدم إدراك منها لما يمكر به بلال  ، وفي تلك الأثناء إتصل هشام بأخيه الكبير وعمه ، وطلب منهما الحضور على الفور ، وعند حضورهما أخبرهما أن هشام إتصل بسلمى  وأخذ يعاكسها ويريد ان يأتي إلى البيت ليلتقي بها ثم أسمعهما تسجيل المكالمة ،التي يظهر فيها هشام كصياد يحاول الإيقاع بفريسته ، وإتفق الثلاثة على إدخاله البيت ثم تربيطه والإتصال بالشرطة حتى يتأدب ويبتعد عن طريق سلمى 
 
وقبل العصر بقليل إتصل هشام بسلمى وأخبرها أنه قريب من البيت ، فأخبرته أنها لوحدها في البيت وأن باب البيت مفتوح ، فلما إقترب  هشام من باب السور   فتحت له باب البيت   وهو يراها ثم دخلت إلى الداخل ، وما أن دخل هشام باب البيت ، حتى قام الثلاثة بعد إغلاق الباب خلفه بإلقائه على الأرض وتربيط يديه ورجليه بلاصق عريض ، وأخذ بلال يدوس على رأس  هشام بحقد شديد حتى سال الدم من وجهه ، وأخ بلال وعمه يحاولان منعه ، وبعد أن اشفى غليله نزل بلال إلى هشام وهو ملقى على الأرض ولطمه بوجهه ومسكه من شعره وقال له :
*- قل لي هل تريد ان تدخل السجن بتهمة سرقة أم شروع  في الإغتصاب ، فكر بالموضوع إلى حين مجيىء الشرطة  
ثم قام بالإتصال بقسم الشرطة  مبلغاً عن شخص إقتحم البيت وما زال داخل البيت ، جاء ت الشرطة ، رآها بلال من النافذة ، فعلى الفور أزال اللاصق المقيد به هشام وأخفاه ، ثم فتح عمه الباب للشرطة فلما رأى هشام الشرطة إستنجد بهم قائلاً :
*- كنت أمشى بجوار البيت فقام هؤلاء الثلاثة بإختطافي وتقييدي بلاصق عريض وإدخالي إلى البيت عنوة 
  كتبت  الشرطة محضر ضبط بما رأت ، وقيدت هشام وساقته إلى قسم الشرطة وطلبت من الباقي اللحاق لأخذ أقوالهم ، قال بلال لعمه   وأخيه :
*- لقد إتهمنا هشام بإختطافه ولا بد لنا  من إتهامه بتهمه   تلبسه ولا يستطيع خلعها  ، ولا يوجد إلا إتهامه بدخول البيت ومحاولته التهجم على سلمى لإغتصابها ، وغير ذلك ربما سندخل جميعنا السجن 
وذهب الجميع وألقوا بإفاداتهم .... قالت سلمى ما لقنها إياه بلال :
*- كنت أنشر الغسيل على سطح المنزل ، فوقف الشاب الذي قبضت عليه الشرطة في منزلنا ، فنادى علي وطلب مني هاتف أخي بلال  لإنه يريده في أمر هام ، فقلت له أنني لا استطيع ذلك لأني لوحدي في البيت وما ان نزلت من سطح المنزل حتى وجدته داخل البيت واضعاً يده على فمي ثم أخذ يقبلني وأنا اقاومه حتى دخل البيت أخواي وعمي فلما رآهم حاول الفرار ولكنهم قبضوا عليه ثم إتصلوا بالشرطة 
 
 وذكر كذلك بلال وأخوه وعمه  في إفاداتهم بما لا يتناقض مع كلام سلمى  وكيف انهم حضروا لتناول الغداء فلما إقتربوا من البيت سمعوا صوت زجاج يتكسر فهرعوا إلى البيت فشاهدوا ما أخبرت به سلمى ، وتلك الإفادات تكررت عند المدعي العام ثم عند القاضي بعد ان كانوا يضعون أياديهم على كتاب الله ان يقولوا الحق ولا شيء غير الحق ، لقد كان مكر بلال محكماً ، فقد حكم القاضي على هشام بالسجن لمدة أربع سنوات ، ومما ساعد على قناعة القضاة بإدانة هشام هو أنهم حسب خبرتهم وتجربتهم في قضايا الشروع في الإغتصاب أنه من النادر جداً براءة المتهمين 
 
وخلال فترة القضية التي إستمرت اكثر من سنة ، تنقلت سيرة سلمى على ألسنة الجميع ، سارت شائعات كثيرة تتمحور حول أن سلمى هي من أدخله  البيت بإختيارها وأنها على علاقة به منذ سنوات ، وأن هشام ليس أول شاب تدخله البيت  بل سبقه الكثير من الشباب 
فبلال وأخوه يسر الله لهما من يسمعهما على الدوام ما تتداوله الألسن عن أختهما من شائعات ، قيحترقا بسماعها وتكسر جحوظ عيونهما أمام أهل الحي ، وزاد الله عقاب بلال حيث قذف في قلبه المزيد من الشك في النساء فحرمه الله من الزوجة والأسرة حتى وصل عمره الأربعين سنة ، وبعد الزواج بقيت نيران الشك تحرقه بين الحين والأخر وتحرق معها الراحة والطمأنينة في البيت   وسلمى تزوجت بمن لا يعرف قصتها مع هشام  وهو من محافظة أخرى وعندما أنجبت فتاة وبلغ عمرها سنة علم زوجها بالقصة فطلقها رغم انها اقسمت له على كتاب الله مرات كثيرة وهي تروي له القصة الحقيقية ،ولكن زوجها لم يصدقها وكيف يصدقها وهي تروي له كيف أقسمت عدة مرات على كتاب الله كذباً ، وبعد سنة أرجعها زوجها وقلبه متشكك منها ، فعاشت معه وهي يقتلها الظمأ لثقته ، قلة الثقة شكلت لها على الدوام قدوماً يقطع كل فرعٍ ينمو من شجرة حبه الصغيرة لها 
 
أمضى هشام  فترة حكمه كاملة  في السجن  ، فهو من بدأ بالمكر وحاول الإساءة لبلال عن طريق اخته ، وقد دخل بيت سلمى بنية السوء والفاحشة  ، ولكنه بريء من تهمة الشروع في الإغتصاب ، ولكنه مكر بأعراض الناس ، فمكر بنفسه دون ان يشعر 
إنها سنة الله التي ذكرها في كتابه حيث قال جل جلاله( ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)
 
إنها سنة الله في هذه الحياة الدنيا ، فلو تأملت أهل المكر لوجدت نهايتهم خاسرة ومكرهم تنقلب عليهم في نهاية المطاف ، عندما نقرأ قول الله تعالى  ( ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله ) تظهر لنا صورة  مصر  فكم مكر نظام مبارك على معارضيه ، فكانت نتيجة مكره على نفسه فمعارضيه اليوم على عرش مصر وهو ملقى في سجنه محطم العقل والقلب والجسد ، هي سنة الله التي لن تتبدل ولن تتحول ، فعندما نسمع بمخططات الأعداء ومكرهم بنا يجب ان لا نرتعب ، وعلينا ان نؤمن ان مكرهم السيئ سينقلب عليهم ، طال الزمن أم قصر ، كلمات قالها أحد علماء الأمة الكبار  ( من عاش بالمكر مات بالفقر )  
 
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ( ربِ ....إمكر لي ولا تمكر علي .....وإنصرني على من بغى علي )
.................................


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد