افتعال تهديد الكيماوي السوري لضرب النووي الإيراني

mainThumb

30-07-2012 09:30 PM

 الحال العربي فيه من مرارة التأسي ليس على أوطان نفقدها باحتلال استيطاني لفلسطين تقف حدوده عندها, وقضم لواء الإسكندرون أو احتلال جزر في الخليج العربي من دول جوار,أوبفقدان نظم حكم في مرابعه لاستقلال قرارها السياسي والاستثماري لثرواتها الطبيعية ,أو التخلي عن سيطرتها على بعض (إن لم يكن غالبية)المساحة من أراضيها لإقامة قواعد عسكرية واستخباراتية أجنبية طامعة هنا وهناك تحافظ على مصالحها وتحمي أنظمة الحكم لا تنطبق على أي منها شروط النظم الديمقراطية أو الحداثية , بل نظم حكم وراثية تقتسم ثروات هائلة لأفرادها وتمنح بقية الناس ما يفي بحاجاتها المعاشية دون مرجعيات دستورية أوقانونية ,فإذا كانت المعلومة دقيقة ,ورث أبناء الأمير سلطان (رحمه الله) في السعودية 800 مليار دولار. وإنما شدة المرارة من مواقف أحزاب وجماعات سياسية وعقائدية وتيارات مدنية حيال كل ما يجري فوق أرضنا وبأيدينا.مواقف تائهة ومرتبكة ومتعجلة من التعامل مع الأعداء التاريخيين  للأمة العربية والتنسيق مع قواهم للوصول إلى السلطة وإنْ تطلب ذلك تنفيذ مخططات تضعها قوى أجنبية عسكرية واستخباراتية تبدأ بالقتل وتنتهي بالتدمير!. 

 
هي في الحقيقة مرارة من نتائج مأساة ثقافية لتراث سياسي خلفه فكر تجاوزه زمن الحداثة ولم يدرك ما سيؤول مستقبله إليه , وإنْ توهم إنه يستثمرمرحلة السلطة الموعودة وثمنها دماء ودمار لاستعادة نهج تاريخي وإعادة البناء على المزاج العقائدي وأنغامه الحماسية , متجاهلين تغير مناهج الحكم ودور المكونات الشعبية الرئيس في استقراره .
 
 
 التعاون مع عدو تاريخي لأمة والتناغم مع شعاراته الخادعة ليس إلا سقوط قوى في براثن متاهة من الفوضى لا تقوم لها قيامة صالحة لحقبة من الزمن طويلة  .
 
أمن المنطقة العربية,في الرؤية الإمبريالية , مرهون بحرية مرور مصادر الطاقة , وعدم قيام دولة يمكنها السيطرة على أحداث المنطقة أو التأثير فيها أو تهديد أي من دول الطاقة أوالكيان الإسرائيلي . 
 
أما محاربة القوى القومية والوطنية التي لا تنسجم مع المزاج السياسي الأميركي فتتم باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحريات الشعوب !!ويتم التدخل في شؤونها الداخلية   تحت ذريعة المساعدات  الإنسانية التي اعتمدتها السياسة الأميركية لتحل بديلا عن ذريعة  دعم الحريات والديمقراطية .
 
ومن خوفهم على الشعب السوري ,على سبيل المثال, يقلقون على الأسلحة الكيماوية والجرثومية وغيرها من أن تصل إلى أيدي من يدعمون من المسلحين الذين يقاتلون الجيش السوري, ويبدون عداء قبيحا لا يخلوا من الوقاحة لسورية ويزودون المسلحين بالقرارات والأسلحة والمعنويات والمناورات والمعلومات الاستخبارية ويشجعونهم على المضي في طريق المجهول ثم يقلقون من خوفهم على تلك الأسلحة,ويهددون بالتدخل العسكري لحمايتها!!.
 
عجزهم عن التدخل العسكري المسبوق بخطط استخبارية استنفذت عصارة ذكاءهم ومشاركة أطراف عديدة يورو- أميركية – عثمانية – خليجية , وتهيئة إعلامية فقدت المصداقية وأخذت على عاتقها إرسال الرسائل المشفرة ,فشلت كلها أمام استعداد الكفاءة السورية اليقظة .
 
 ذلك العجزعن التدخل العسكري الذي تدعو إليه قوى معترضة ودول عربية وأمين عام الجامعة العربية في سوريا يعود إلى صمودها مما سبب صدمة قوية لهم ,وإحباط جماعي, وتسببت قوة شكيمتها بإرباك مخططاتهم الخبيثة وهدرثرواتهم (وهي في الواقع ثروات شعوبهم) وأعوانهم  في المنطقة الهادفة– إعادة  صياغة مكونات الدولة السورية – السياسية والعسكرية والاجتماعية والتعددية على غرارما فعلته في العراق بعد غزوه ونهب مقومات تراثه التاريخي وتحطيم بناه التحتية والعلمية وتشتيت القدرة البشرية المهنية لفنييه وعلمائه ومفكريه ومثقفيه و كل ذلك من أجل إقامة الشرق الأوسط الجديد الذي بشربه بيرس (رئيس الكيان الصهيوني منذ حوالي  عشرين عاما ). 
 
أمن إسرائيل,وتأمين طرق إمداد أوروبا بالطاقة ,واستعادة تفرد القوة الأميركية في التأثير على مجريات الأحداث في العالم كله, أهداف استراتيجية تتفرد بها أميركا , أما الدول الأخرى (الأوروبية وغيرها) فهي مرغمة ومذعنة لها ولكنها منتفعة بما تجود بقايا المصالح الأميركية  بها عليهم , ولهذا فهم يتسابقون في دعم مخططاتها ويتحركون بإيعاز من الديناموالأميركي ويتنادون بطروحاتها وسياساتها. 
 
والمعيقات الأساسية والمباشرة لهذه الأهداف الواحدية المنبع والمصب هي الدولة السورية بكل مؤسساتها و بسياساتها التي تنهل من المرجعية القومية والوطنية,والمقاومة الفلسطينية - اللبنانية المدعومتين سوريا ً,ونووي إيران وموقفها من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين,وتطويق النهوض الروسي الصيني المتنامي وتحجيم قدرات كل منهما على تحدي إرادة الهيمنة الأميركية وسيطرتها على مجريات الأحداث في كل بلد من هذا العالم .
 
تفكيك الدول العربية جغرافيا ً تحقق بموافقة قوى عربية,منتفعة من إقامة كيانات حتى وإنْ لم تستطع نُظم هذه الكيانات حماية أمنها والدفاع عنها , ومباركة قوى غيرعربية في المنطقة.   
 
ومن نافلة القول إن تفكيك الروابط بين الدول الإقليمية لا يقل أهمية عن تفكيك الكيانات العربية أهمية وضرورة ؛ تركيا مقيدة بحلف اطلسي واتفاقيات ومعاهدات (أخوية) مع الكيان   الصهيوني وروابط متينة مع الولايات المتحدة وأوروبا؛ إيران الشاه الموالية لأميركا ذهبت     بها ثورة شعبية تلمست طريقها نحو استقلال قرارها السيادي,وأصبحت قوة  إقليمية لها شأن  تعدى حدود ماوصفه السيد كسينجرعن ملف الاستراتيجية الأميركية- بمنع قيام  قوة مؤثرة في المنطقة- وهي لذلك الهدف المباشرالمستهدف بطريقة غيرمباشرة كما يظن البعض, بضربة عسكرية منسقة بين أميركا وإسرائيل وأوروبا ودول الخليج العربي.ويمكن فهم ما ترمي إليه الأحداث الجارية في سوريا وفي لبنان بما يتعلق بوجود حزب الله المسلح جيدا ًوحليفي إيران   في السلم وفي الحرب.
 
حسم الحرب ضد إيران ونجاح الوصول إلى أهدافها مرهون بتحييد سوريا لو قبلت العروض السخية الأميركية بالمساعدات والخيرات والاستقراروقبول التعاون والانسجام مع تردد موجات السياسات الأميركية – الإسرائيلية في المنطقة , وتطويق قوة حزب الله ونهبها.
 
تشتيت الانتباه عن الحملة المنظمة لضرب إيران,تمرعبر خوف أميركا (وأعوانها والمجندون لخدمة أغراضها) على الشعب السوري من الكيماوي, وهي في الواقع تذبح الشعب السوري وتضعف قواه وتستنفذ ثرواته المادية والبشرية بأيد عربية (إن كانت تدري ما تفعل , وهي تدري, فإن مرارة المأساة العربية كونها مصنعة بإتقان أجنبي وتنفيذ بأيد عربية!! ) وصولا ً إلى مفاجأة ضرب إيران وتدميرمقومات إمكاناتها النووية.
 
ونسأل المتباهين بالتهديد الصهيوني لإيران ,ماذا تأملون وعلى ماذا تعولون؟؟!! وقد أضعتم كرامة أمتكم عندما رهنتم مستقبلها بأيد ملوثة بالدم العربي ناهبة ثرواته مجزئة كياناته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد