منْ يحاسب هذا الوزير ويُحاكم مشروعه .. ؟!

mainThumb

19-05-2013 12:54 AM

 استطاع وزير تطوير القطاع العام خليف الخوالدة أن يعبر أربع حكومات أردنية متعاقبة بدءاً من حكومة عون الخصاونة مروراً بحكومة فايز الطراونة وحكومة عبدالله النسور الأولى وانتهاء بحكومة النسور الثانية، ولم تتغيّر حقيبته الوزارية بل حافظ على ذات الحقيبة، ومرّ القطاع العام في عهده الميمون بهزّة عنيفة، لم تؤثّر على موظفي القطاع العام والقطاع ذاته فحسب، بل أثّرت على الدولة وماليتها بصورة غير مسبوقة، حتى رأينا الدولة تموج بعشرات الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات التي تركت أثراً سلبياً بالغاً على القطاع العام، ولعل أكثر منْ يعرف حجم الخلل والهزّة التي أصابت الخزينة العامة للدولة جرّاء مشروع هيكلة رواتب القطاع العام هو وزير المالية الحالي أميّة طوقان الذي كان وزيراً للمالية عند بدء تنفيذ المشروع في عهد حكومة الخصاونة بقيادة الوزير الخوالدة نفسه، ولكم سمعنا الوزير طوقان يصرخ ويصرّح بألم وحسرة عن كلفة الهيكلة التي ناهزت الأربعمائة وستين مليون دينار خلال العام الماضي..!!

 
ليست المشكلة هنا فقط، بل إن مسلسل الاعتصامات والاحتجاجات والمطالبات بين موظفي القطاع العام من وزارات ودوائر ومؤسسات وهيئات لم يتوقف حتى اللحظة ولا زال جارياً بعد أكثر من ثمانية عشر شهراً على بدء الهيكلة، وتمكّن موظفون عموميون في معظم هذه الجهات من ليّ ذراع الحكومة وحققوا مكاسب مادية كبيرة، لم يكن مشروع هيكلة الرواتب يسمح بها، لكنهم بالاحتجاج والإضراب والإصرار حققوها، فماذا كان دور الوزير الخوالدة وهو عرّاب الهيكلة، وماذا كانت ردّة فعله إزاء ذلك، وهل في اعتقاده أن ما حققه هؤلاء الموظفون وغيرهم عبر أكثر من سنة ونصف من الاحتجاجات والاعتصامات التي أشغلت الدولة والناس يصب في العدالة ويصب في تحقيق أهداف الهيكلة..؟!! 
 
دعُوْنَا نفهم الموضوع جيداً، ودَعُوْنا نراجع كل ما حدث، وكل التصريحات التي أدلى بها الوزير الخوالدة، وكل مشروعه العظيم وحيثياته، هل ما حصل خدَمَ الدولة، وخدم الاقتصاد، وخدم مشروع تطوير القطاع العام، وهل سيقود إلى تنمية هذا القطاع فعلاً وإصلاحه أم إلى إحباطه وتدميره، هل يملك الوزير المحترم أن يخرج على الرأي العام في مناظرة عامة مع خبراء الإصلاح الإداري ومتابعي الشأن العام ليقدّم حججاً ناصعة عن إيجابيات الهيكلة التي انحرفت عن مسارها، وأفسدت ذوق ومشاعر الموظف العام، وحرّضت على العنف الوظيفي، والاحتجاج الوظيفي، وأدّت إلى غلبة مشاعر عدم الرضا بين موظفي الدولة بصورة لم تحصل من قبل عبر مسيرة الدولة وتاريخها..!!
 
لماذا لم تستمع الدولة إلى خبراء التطوير الإداري والاقتصاديين وتقف على رأيهم في هذا الموضوع، ولماذا صَمّت آذانها عن الاستماع إلاّ لصوت ورأي وزير التطوير وكل منْ تحدّث ولا يزال يتحدّث باسمه من تابعيه وكأنه الخبير الوحيد الملهم، الذي سينقذ القطاع العام وينقذ مالية الدولة، ويحقق معجزة التطوير والإصلاح الإداري والمالي لجهاز الدولة الحيوي، بينما قُدّمت آراء كثيرة موضوعية انتقدت مشروع الهيكلة بالطريقة التي نُفّذ بها، وانتقدت أسلوب الحكومات في التعامل مع المشروع، وفي التعامل مع أصوات المحتجّين، وفي وضع مؤسسات الدولة جميعها الصالح منها والطالح في سلّة واحدة..!!
 
أنا أدعو الوزير الخوالدة إلى تقديم جردة حساب عن الخسائر التي مُنيَ بها القطاع العام وبالتالي مُنيَ بها الاقتصاد الوطني والناتجة عن حصيلة أكثر من سنة ونصف من الاعتصامات والاضرابات وتعطيل المصالح العامة بسبب الهيكلة التي قادها مشروعه العتيد، ولو كانت الهيكلة عادلة ما فتحت على الدولة كل هذه الأبواب الجهنّمية، وما كلّفت الخزينة كل هذه المبالغ الطائلة في الوقت التي تشكو فيه الحكومات من نضوب الخزينة وعجزها المتراكم الكبير.. حتى باتت الشكوى من عدم القدرة على تدبير رواتب الموظفين تتكرر على ألسنة كبار القوم..!! فأين هي العدالة يا وزير التطوير، ومشروعك العتيد لم يُرضِ أحداً، ولو أحصينا الاحتجاجات ما وسعنا الأمر، وإني لأدعوك إلى حديث صريح ومراجعة موضوعية للمشروع، وأجدّد الدعوة لك لكي ترحل عن هذه الوزارة، أو أن تحلّ الإشكالات التي سبّبها مشروعك الوطني الكبير الذي مزّق القطاع العام وخَلَقَ حالة من الفوضى في أوساطه، يسودها السخط وعدم الرضا، وهي أكثر مشاعر يمكن أن تؤدي إلى تدمير هذا القطاع الحيوي، لأنها تدمّر مشاعر الانتماء والولاء، وتؤدي مع الأيام إلى تهيئة أرض خصبة لفساد هذا القطاع وفساد موظفيه..!!
 
أيها الوزير: عليك أن تحل أزمة موظفي وزارة العدل، ولو كانت هيكلتك عادلة ما احتجّ عليها موظفو العدل، وعليك أن تحلّ أزمة موظفي تنمية أموال الأيتام، وأن تحل أزمات أخرى قادمة، وبذات الأسلوب الذي تم فيه حل أزمة موظفي وزارة المياه الذين نالوا كل ما طالبوا به من مكاسب وأكثر... فلا يجوز أن تتعنّت الحكومة مع جهة، وأن تتساهل مع جهة أخرى، فالعدالة تقتضي أن يُعامل الجميع على قدم المساواة.. وعليك أن تحلّها يا وزير التطوير إن استطعت، ثم عليك أن ترحل لأن مشروعك فاشل فاشل فاشل، ولو كانت ثمّة محاسبة في الدولة للمسؤولين على أخطائهم واجتهاداتهم التي كلّفت الدولة والشعب، لكنّا رأيناك تقف أمام القضاء تُحاسَب على ما فعلت، وما أدّت وستؤدي إليه فعلتك من أضرار بليغة لجهاز الدولة العام، وإني لأستغرب كيف بهؤلاء الرؤساء يأتون بك وزيراً بالرغم من كل ما فعلته في القطاع العام وما ألحقته به من أضرار، ويكفي أنك وضعت الموظف العام في خانة العدو للدولة.. وأنّ عليه أن ينتزع حقه منها انتزاعاً، كما فعل موظفو عشرات الجهات والدوائر الحكومية، وللحديث بقايا..!!  
 
 
Subaihi_99@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد