استثناءات خارجة على العدالة

mainThumb

24-06-2013 03:14 PM

حين يقرر مجلس الوزراء استثناء أبناء الشهداء من تعليمات وشروط التنافس والامتحانات للتعيين في أجهزة الدولة المختلفة، فذلك أمر يتعارض مع مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع الواحد، ومع كل حبنا لأبناء شهداء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وتقديرنا الكبير لشهداء الواجب وتضحياتهم، إلاّ أن ذلك لا يسوّغ الخروج على مبدأ العدالة وخرقه من خلال تمييز أبناء الشهداء على باقي أبناء الوطن الآخرين في مسألة التعيين، ومن هؤلاء الآخرين من قدّموا تضحيات كبيرة مُقدّرة في جوانب مهمة للدولة، وأفاد منها الناس والوطن، لكنهم لم يحظوْا بما يحظى به أبناء الشهداء من الرعاية والتمييز..!

مشكلتنا الكبرى في الأردن أننا بلد يمكن أن نطلق عليه اسم بلد الاستثناء لكثرة الاستثناءات التي تُميّز بين الناس دون مبررات مقنعة، وهي استثناءات تخرق القاعدة الدستورية التي تضع أبناء الوطن أمام الدستور والقانون سواسية بلا أي تمييز، ومع ذلك نحب دائماً أن نخترع بين حين وآخر استثناءً من نوع جديد ونُلبِسه لبوس الشرعية، وما هو من الشرعية في شيء، بل إن مثل هذه الاستثناءات تزيد من الاحتقانات في طبقات المجتمع، كما تفعل المنح التعليمية الجامعية وبعض المكرمات التي تسمح لطالب حاصل على معدل (85%) من دخول كلية طب الجامعة الأردنية كونه يحظى بمكرمة، في حين يُحرم طالب آخر حاصل على معدل (95%) من دراسة الطب كونه لا يحظى بأي مكرمة، فأين هذا من العدالة وتكافؤ الفرص..!!؟

بالأمس كان الملك يتحدث عن غياب العدالة الاجتماعية وأن ذلك سبب رئيس للعنف المجتمعي، وهذا صحيح تماماً، وكلّما غابت العدالة الاجتماعية كلما مهدنا الطريق لمزيد من العنف وزاد حجم الاحتقان والغضب في المجتمع، فهل تكمن مصلحة الدولة في رفع وتيرة الغضب والعنف في المجتمع أم في تخفيف الاحتقان من خلال إرساء مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع..؟

كان يجب على مجلس الوزراء إذا أراد تكريم أبناء الشهداء أن يبحث عن طريقة أخرى لتكريمهم غير تمييزهم عن بقية أبناء المجتمع، فليس مقبولاً تقديم هؤلاء على غيرهم في مسألة التعيين، لأن هذه الطريقة تنطوي على ظلم لآخرين بلا أي ذنب، وهو ما يثير في نفوسهم الألم والحسرة والغضب، فكيْف يُعيّن شخص في وظيفة حكومية فور تخرجه كونه ابن شهيد، في حين هنالك منْ ينتظر التعيين منذ سنوات ولا يكاد يرى بصيص أمل بذلك..!!

إرساء العدالة الاجتماعية في أركان الدولة مهم، لأنه يريح الجميع حاكمين ومحكومين، وينشر شعوراً إيجابياً في المجتمع، وفوق هذا وذاك يحفظ للدولة هيبتها ولسلطاتها المختلفة مكانتها، وبغير العدالة لا هيبة لدولة ولا لحكومة، أما أبناء الشهداء ففي عيوننا نكرمهم ونرعاهم، ولكن دون تمييز على حساب آخرين..!  

 
Subaihi_99@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد