رسالة إلى وزير الأوقاف ..

mainThumb

27-10-2013 11:01 PM

لا يزال الآلاف من موظفي وزارة الأوقاف ما بين مؤذن وواعظ وإمام وخادم مسجد، يعانون من انتهاكات لحقوقهم وضعف كبير في مكافآتهم ورواتبهم، لا سيما تلك الفئة التي تم تعيينها على نظام المكافأة وفقاً للمادة 305 من الموازنة، وهي فئة يتجاوز عددها ألـ (1800) لا يزال معظمهم بدون تثبيت وبمكافآت شهرية زهيدة، كما أنهم محرومون من الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي..!

لقد كتبت أكثر من مرّة عن هذه الشريحة المهمة من أبناء المجتمع، وهي شريحة قيادية، تتولى مهمة جليلة هي تنوير الناس، فالوعّاظ والأئمة هم قادة التنوير في المجتمع، وعلى الدولة أن تقدّر دورهم الرائد، وأن تتعامل معهم على هذا الأساس، لا أن تهملهم وتتجاهل حقوقهم، خصوصاً وأن الكثيرين منهم قد يخجلون من المطالبة بهذه الحقوق، أو تحسين أوضاعهم المعيشية، خاصة وأن ما يتقاضونه من مكافآت ورواتب لا تكاد تكفي لتأمين حياة كريمة لهم ولعائلاتهم، وهو ما يُضطر بعضهم إلى العمل بأعمال أخرى قد لا تتناسب مع وقار العالم والواعظ والإمام، أو يلجأ لوسائل أخرى للرزق تنطوي على إذلال للنفس، ولقد تألمت لحال ذلك الإمام الذي الذي اتصل ببرنامج تلفزيوني للمسابقات الرمضانية مستجدياً مقدمة البرنامج مساعدته لكي يربح جائزة البرنامج الكبرى لتمكينه من سداد ديونه..!


رسالتي لوزير الأوقاف الصديق الدكتور هايل عبدالحفيظ داود، وهو الذي رأينا لسنوات طويلة خطيباً مفوّهاً على منابر المساجد وواعظاً وداعية إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو الأكثر دراية بأحوال الوعّاظ والأئمة ومؤذني وخدم المساجد، أن يسعى جادّا إلى إنصاف أبناء هذه الفئة المهمة في المجتمع، وهم الذين أسمّيهم قادة التنوير، إذْ لا بد أن يتم إنصافهم من ناحية الحقوق المادية والمزايا التي ينبغي أن يتمتعون بها، فمن غير المقبول أن تقوم الدولة برفع رواتب موظفيها في مختلف الدوائر والمؤسسات والوزارات، ولا يتم النظر إلى هؤلاء القادة والعلماء والقائمين على خدمة بيوت الله، وكثير منهم يمنعهم وقار العلم والزهد من المطالبة بحقوقهم المنتهكة، ولا نجد مسوّغاً على الإطلاق للاستمرار في تجاهل هذه الحقوق كالحق في التثبيت في الخدمة الدائمة والحق في التأمين الصحي، والحق في الضمان الاجتماعي، والحق في راتب أو مكافآت مناسبة، ناهيك عن الحق في الإجازات المدفوعة وغيرها من الحقوق التي يتمتع بها كل مواطن وكل عامل على أرض المملكة ومنهم الوافدون العاملون في مؤسسات رسمية وخاصة..!

أعلم أن هناك قرار من الحكومة بالبدء بإنصافهم، ولكن تنفيذ القرار يمر بحالة عجز كبير، والسير به سلحفائي، وليس من ذنب هؤلاء أنه تم تعيينهم وفقاً للمادة المذكورة من الموازنة، وكثير منهم عُيّنوا قبل بضع سنوات، ولكنهم حتى اللحظة ما زالوا يعملون بحقوق منقوصة وينتظرون إنصافهم على أحر من الجمر، أما لماذا عجز المسؤولون عن ذلك ومنهم وزراء أوقاف متعاقبون، فلا ندري، حتى بات الشعور بالمؤامرة يتسلّل إلى نفوس هؤلاء، مع أنهم الفئة التي يجب أن تحرص الدولة على تعزيز مكانتهم من الناحيتين المادية والمعنوية وعلى أعلى المستويات، ولكن مع الأسف ومنذ أكثر من سنتين ونحن نطالب بإنصافهم والاعتراف بحقوقهم وشمولهم بمظلة الضمان الاجتماعي للحفاظ على حقوقهم التقاعدية مستقبلاً، إلاّ أن الاستجابة لا تزال محدودة للغاية، وبخاصة ما يتعلق بشمولهم بمظلة الضمان الاجتماعي، حيث لم يتم شمول سوى ما يقرب من خمس هؤلاء الأئمة والمؤذّنين، وما يزال البقية محرومين من الاستفادة من التأمينات الاجتماعية التي يوفرها الضمان الاجتماعي لكافة المشتغلين على أرض المملكة أردنيين وغير أردنيين وفي القطاعين العام والخاص، فكيف بالعاملين في وزارة كبيرة مثل وزارة الأوقاف، وكيف الحال بالنسبة لأهم فئة كما ذكرت وهي فئة قادة التنوير في المجتمع..!


كيف صمت ويصمت وزراء الأوقاف على واقع مؤلم يعيشه قادة التنوير في المجتمع، ولا يبادروا إلى النظر في أحوالهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية القاسية، فهل من المعقول مثلاً أن يتجاوز راتب سكرتيرة عشرة أضعاف راتب واعظ أو إمام مسجد أو مؤذن..!! ومنْ يقبل هذا من مسؤولي الدولة..؟! وهل سيد البلاد الذي كان ولا يزال يدعو إلى العدالة والإنصاف، ويحرص على راحة هذه الشريحة الرائدة وتلبية احتياجاتها وتحسين ظروفها وأحوالها يرضى بذلك..؟! بالتأكيد لا يقبل بذلك، ولو وصله علم بتاطؤ الجهات المعنية وتلكّؤها في حقوق هؤلاء، لما سكت على ذلك أبداً ولانتفض منتصراً لهم.. والأمل بأن يسعى الوزير داود لرفع الظلم الذي حاق بهؤلاء، وسكتوا على ذلك على مضض، وقاراً وزهداً..!!

وحتى نضمن السلّم الاجتماعي والأمان الذي يمكن أن يبثه هؤلاء الدعاة والقادة ويرسّخونه في المجتمع فلنمنحهم الأمان أولاً..


Subaihi_99@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد