نفوس أبية ونعال عربية ..

mainThumb

21-12-2013 04:35 PM

كأنني بالظلمة وهم بين يدي ربهم واقفون يوم الحساب يبررون ويعتذرون ، وكأنني بالجبابرة وهم بين يدي ربهم يصرخون ويتوسلون : ربنا ؛ لقد خدعتنا البطانات المنافقة وحرفتنا الشعوب الصامتة ، ربنا ؛ إنهم لم ينصحونا أبدا” ؛ ولو نصحونا مرة” واحدة” لرجعنا ، ربنا ;  إنهم لم يذكرونا أبدا” ؛ ولو ذكرونا مرة” لأهتدينا ، لقد كانوا لنا كالشياطين الخرساء يصفقون ولا ينطقون ، ربنا ; لقد قتلتنا صمتهم وقولهم : نعم نعم نعم ، ربنا ; لقد خدعتنا الجموع التي لاحقتنا تبتسم ، اننا نتوسل اليوم اليك يا ربنا مذعنين ؛ فعسى أن تتالنا اليوم بعفوك ، أو يصيبنا شيء من رحمتك ...

ربنا ،  قد لمسنا النار فوجدناها حارقة” ، وأبصرنا العذاب فوجدناه حقيقة” نافذة ، إننا اليوم نتودد اليك وأنت الغني ، ونتذلل اليك وأنت القوي . ربنا ؛ لقد خدعنا المنافقون بطول المدح والثناء  ، حتى استقر في نفوسنا الضعيفة بأننا المنزهون عن كل خلل أو زلل ، نرى ما لا يرون ونبصر كل ما يجهلون ...

هذه بعض من العبارات والتبريرات التي سيسوقها الظالمون في يوم الحساب العظيم ، وسيدافع هؤلاء الظلمة عن أنفسهم بكل قوة طمعا” منهم في النجاة من النار وتجنب السعير وسوء القرار  ...

أيها الصامتون تحت ضغط الاستبداد ;  آن لكم اليوم أن تتكلموا ، أيها الخانعون أمام عدوكم اللعين ; لقد آن لكم اليوم بأن تنتفظوا ...

وحتى لا يوغل الظالمون في ظلمهم ، وحتى لا يتمادى المتسلطون في غيهم ؛ كان أساس ديننا الاسلامي هو : النصيحة ، وحتى يتوقف السلطان عن ظلمه ويعود لرشده ؛ كان أساس الدين هو : النصيحة ، ولكي لا تسلب حقوق المساكين والبسطاء ، ولا تسفك دماء الضعفاء والأبرياء ؛ قام ديننا الاسلامي على النصيحة ، ولكي يتم وأد الفساد والمفسدين وحماية العقيدة وأركان الدين ؛ قام ديننا الاسلامي على النصيحة ...

إن دفع الظلم وتذكير السلطان الظالم كان ولم يزل هو أقرب الطرق لولوج الجنة ، وكم زلزلت كلمة الحق أركان الطغاة والعصاة عبر هذا التاريخ ; فهي السهم الذي قتل غرور السلطان ، وهي الصرخة التي خرقت الصمت فكشفت خداع المنافقين وكذب المداهنين ، وهي الصاعقة التي قصمت ظهور الجبابرة وخلخلت عروش الظالمين في كل زمان ومكان ....

عندما تخرج النصيحة من قلب„ مؤمن وتقي : إسمع يا فلان ، إنك ظالم ... ) فإن قتل هذا المؤمن فسينال من ربه الإكرام والاحسان ، وسيحشر مع النبيين والشهداء والصديقيين ، فإن أفاق ذلك الظالم من غفلته وارتدع  عن باطله ، فسينال هذا المؤمن بنصحه لله ومن أجل الله : الأجر الكبير والثواب العظيم ...

كان الخلفاء الراشدون ـ رضوان الله عليهم ـ يحثون الناس على مداومة تذكيرهم ونصحهم ، لتحقيق صلاح الأمة وخير الاسلام والمسلمين ... ولكن وبعد أن وصلنا لآخر  الزمان ؛ فقد غاب الناصحون بعد أن عمهم الوهن وتمكن منهم الضعف والخوف ، فتذرعوا بمقولات الجبناء الأذلاء : الكف ما بتناطح المخرز ، اليد اللي ما بتقدر عليها بوسها ، حط راسك بين الرؤوس وقول يا قطاع الرؤوس ، إمشي الحيط الحيط وقول يا رب الستر ، بوس الكلب على ثمه لما توخذ غرضك منه ، والهزيمة ثلثين المراجل وما شابه ذلك من أقوال الذل والخنوع والهزيمة ...

بعد الحصار الاممي الجائر والظالم على العراق العربي والذي استمر لثلاثة عشر عاما” ، شعر بوش الابن بأن اللقمة العراقية قد أصبحت سائغة وجاهزة ، فاتخذ قراره الانفرادي والاستبدادي لغزو العراق الجائع والمنهك لاحتلاله والتحكم في ثرواته وإبتلاع كامل خيراته ، وفعلا” أقدم هذا المجرم على غزو العراق دون أي إقرار أممي أو تشريع دولي ، وأدار ظهره  ـ هذا المستكبر ـ

لكل الشرائع السماوية والقوانين الدنيوية ، ولم يبالي ـ هذا المغرور ـ بنصح الناصحين ولا بلوم اللائمين ، ثم قال جملته الفرعونية الشهيرة : أنا ذاهب لهذه الحرب  ؛ ومن ليس معي فهو ضدي !!!

وفي تلك الحرب الهمجية في العام ٢٠٠٣م لم يتورع هذا المجرم والسفاح عن استخدام كل انوع الاسلحة الفتاكة والثقيلة والمدمرة بحق الأبرياء من العراقيين ، كما استخدم القنابل الضخمة التدميرية والفسفورية والعنقودية واستخدم اليورانيوم المستنفذ ، ليحقق بواسطة هذه الأسلحة أهدافه الاجرامية بأقل الخسائر وبأسرع وقت ممكن ...

وفعلا” تم له ما أراد وبسرعة ، واستطاع أن يكسب هذه الحرب بسهولة لم يكن يتوقعها حتى في أحلامه ؛ فجيش العراق هو جيش عربي قوي ومجرب ومحنك خاض المعارك والكثيرة والحروب الطويلة والمريرة ، ولكنها ( الخيانة ) والتي كانت وظلت وستبقى هي العنوان الأبرز للهزائم العربية عبر تاريخ العرب القديم والحديث ؛ تبا” للخيانة كم أسقطت من جيوش  ، وتبا” للعمالة كم فككت من دول ! وبنفس سلاح العمالة والخيانة تمكن هؤلاء الغزاة من تحييد ثلثي العراقيين من الأكراد ومن الشيعة عن هذه الوقوف أمام الاحتلال بعد أن أوهموهم بأنهم الفاتحون الرحماء والمخلصون الأوفياء !!!

وكلنا يتذكر الزيارة المشهورة لبوش الابن الى بغداد وكيف مشى بزهو„ وغرور„ كأحد رجالات الكاوبوي الامريكي : مختالا” بقوته ومتباهيا” بنصره على العراقيين ، وفي مؤتمره الصحفي الذي عقده في المنطقة الخضراء حاول ارعاب قادة العرب ودول العالم أجمع بقوله : نحن الأسياد هنا ونحن الأقوياء هنا ، ومن يفكر بمعاداتنا فسنسقطه وسندمر جيشه ونشتت شعبه ...

كان الجميع في تلك اللحظات يصغي بكل صمت لما سيقوله هذا المغرور والمستكبر والمتجبر ....  وفي ذروة الصمت المخيم آنذاك كان للصحفي العربي العراقي البطل : منتظر الزيدي قوله الآخر وكلامه الآخر وفعله المختلف ؛ فقد قطع ذلك الصمت وكسر حواجز الخوف بصرخاته المدوية في وجه ذلك المتغطرس والمجرم والسفاح ، ثم أتبع تلك الصرخات بنعلين عابرين قذفهما على وجه بوش المجرم وكادت أن تصفعه لولا انحناءآته السريعة وبعد أن فشل الباتريوت الامريكي الملقب بالمالكي باعتراضها ، لم تصب تلك النعال وجه هذا المجرم ولكنها حطمت كل غروره وكبرياءه ثم حجمت قدره في هذا العالم المرعوب والخائف ... لقد نطقت تلك الأحذبة بما اختلج في قلوب عشرات الملاييين من المظلومين والمسحوقين في عالمنا ، ورفعت  من مكانة العراقي وقدر العربي وحطت من قدر ووزن ذالك المجرم والجبان فكان من الصاغرين ...

يا ليت تلك النعال الزيدية والعربية ظلت محلقة” في الهواء لتلاحق المستكبرين والمتجبرين في كل مكان ، ويا ليتها بقيت محلقة  لتخرس العصاة ولتلجم الطغاة ولتحقر البغاة ولتصفع الظالمين ليردوا الى  أسفل أسفل سافلين ...

لنتذكر من كل عام هذا التاريخ   ١٤ / ١٢ /  ٢٠٠٨م ففي هذا اليوم تم كسر الخوف وقهر الاستكبار وقتل الغرور ورجم الشياطين الدنيوية بأيد„ زيدية وبنعال عربية ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد