أصحاب الرسالة الخالدة من جمال عبد الناصر إلى بشار الأسد

mainThumb

30-11-2014 09:33 PM

رغم كل الأخطاء والتجاوزات التي حدثت من قادة التيار القومي الوحدوي ، وإخفاق المشروع القومي برمته بدءا من تجربة الزعيم جمال عبد الناصر وصولا لتجربة د.بشار الأسد وما بينهما ، إلا  أننا نحن أبناء هذا التيار لدينا المبالغة في تكبير حجم الأخطاء التي حالت دون إتمام مشروعنا الوحدوي العروبي الذي هو مدخلنا الوحيد للعالم ولأجل أن يكون لنا مكانا تحت الشمس بين أمم الأرض المختلفة خاصة في هذا العصر الذي لا مكان فيه للكيانات القطرية الصغيرة إلا  أن تبقى تابعة ومسلوبة الإرادة والثروة معا ، وبدون تفحيص حقيقي لأسباب فشل المشروع القومي .

 وغاية ما توصلنا إليه في أغلب الدراسات وجود مؤامرة عالمية تقودها إمبراطوريات كبرى تريد لهذه المنطقة ولأهميتها الجيوسياسية أن تبقى ساحة نفوذ لها ،  وثرواتها لغير أبناءها ، بل ونكاد أن نقول أننا الأمة الوحيدة في التاريخ البشري التي ثرواتها وباء عليها بكل أسف حيث أقامت الإمبراطوريات الاستعمارية الكبرى ووريثتهم أمريكا بعد ذلك أقطارا عربية مختلفة ومتناحرة خاصة في الدول النفطية ووضعوا على رأس تلك الأقطار أنظمة قبلية أو تحت اسم الدين وهي أبعد ما تكون عنه ، وصنعت الدول الكبرى لتلك الأنظمة المتخلفة نظام ووضعا خاصا يبقيها بموجب ذلك تابعا لهذه الدولة الكبرى أو تلك ، وفي النهاية أصبح كله تابعا لأمريكا ، هذه الأنظمة الهزيلة رغم تبعيتها إلا أنها متناحرة حتى مع بعضها البعض ونتذكر في هذا الإطار ما قاله وزير المستعمرات ورئيس الوزراء الأشهر في بريطانيا ونستون شيرشل (بأني سأقيم دولة على بئر كل نفط نكتشفه) حتى لو كانت دولة بحجم حبة الأسبرين وقد كان .

هذه الأنظمة التي أقامها الاستعمار أصبحت للأسف في سياساتها المتخلفة أسوأ من الاستعمار ذاته فهي غارقة في الفساد والإفساد الذي لا يمكن إصلاحه ، وكلما أراد الشعب العربي في هذه الأنظمة الانتفاضة يجري قمعه أو احتواء ثورته والتآمر عليها وهذا ما حدث أخيرا في ما يسمى بالربيع العربي الذي تحّول من ثورة على أنظمة بالغت في فسادها وقمعها إلى المعسكر الآخر الذي كان في كل ما عليه من ملاحظات إلا أنه مع أمته وشعبه كنظام الرئيس بشار ألأسد في سوريا والعقيد الشهيد معمر ألقذافي في ليبيا  ولكن ما هو عظيم في أمتنا أنها مثل طائر الفينيق الذي سيخرج من وسط الأهوال ليعيد البناء مهما كانت الأهوال .

 وقادة أمتنا من أصحاب الرسالة الوحدوية بكل ما عليهم من ملاحظات ، ولكنهم صدقوا في ما نذروا أنفسهم إليه حتى عندما تأكد لبعضهم نجاح المؤامرة ولكنهم صمدوا في وجه الأعاصير حتى النفس الأخير مؤمنين برسالتهم الوحدوية الخالدة ، بدءا من الزعيم جمال عبد الناصر الذي استشهد وهو يقاوم ويوحد الصفوف وصولا للرئيس بشار الأسد ، وما بينهما أحمد بن بيلا وهواري بوميدن الذي كانت آخر كلماته قبل رحيله أنه ظلم رفيق عمره أحمد بن بيلا إلى الرئيس الشهيد صدام حسين حيث كانت نهايته أشبه بنهاية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب شهيد الأمة الاعظم وابن شهيدها إلى معمر ألقذافي الذي أسقطته أمريكا وأتباعها ولم يسقطه شعبه الذي يبكي عليه دما اليوم ،وواقع ليبيا ونهب ثرواتها أكبر جريمة استعمارية يشهدها التاريخ .

وما هو عظيم أن القادة القوميين لم يخونوا ما أتمنتهم عليه الأمة ولم ترعبهم التحولات الكبرى في العالم لغير صالح الأمة منذ قيام الكيان الصهيوني اللقيط وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي الصديق لأمتنا العربية ، وكانوا المخلصين لرسالتهم الوحدوية التي تجمع أمة عربية واحدة وهذا ما يجب أن يفخر به كل العرب الأحرار ، وكان بإمكانهم لو أرادوا السلطة من اجل السلطة ذاتها لتحالفوا مع أمريكا وهادنوا الصهاينة وتاجروا باسم فلسطين ولكنهم أرادوا توحيد الأمة لمواجهة الأخطار المحدقة بها وهذا ما شعر به الغرب ولقيطه الكيان الصهيوني .

ولعل التاريخ يذكر لنا قصة الصحفي الأمريكي الذي ذهب لزيارة بن غوريون بعد نجاح ثورة 23 يوليو المجيدة ليخبره بأنه تلقى رسالة من السفارة الأمريكية في القاهرة ومفادها أن الثورة المصرية لم تتطرق لفلسطين أو معاداة إسرائيل فهي ذات أهداف داخلية وإصلاحية لمصر ، ورد عليه بن غوريون تلك هي مصيبة إسرائيل أي أن تكون مصر قوية مستقلة حيث ستكون سياستها الوطنية ليست بعيدة عن أمتها العربية وقال ذلك العجوز الصهيوني بن غوريون في إحدى رسائله الشهيرة بأن أمن إسرائيل يتطلب تفكيك ثلاثة دول عربية وهي مصر والعراق وسوريا ، وهذا ما أدركه القادة القومين بنظرتهم الثاقبة من جمال عبد الناصر وصولا لبشار الأسد ورفاقهم .

إن المطلوب من القوميين العرب بدلا من جلد الذات ،  عليهم أن يفخروا بقادتهم ورموزهم التي لم تنحني للعواصف الاستعمارية حتى عندما اقتلعت بعضهم ، وبدل البكائيات كان على القوميين العرب أن يستفيدوا من الأخطاء التي وقع بها أولئك القادة العظام في تجاربهم الإنسانية  والعمل على الايجابيات وتعزيزها ، والحقيقة لم يكن في كل ما حدث من أخطاء بالحسابات إلا في أضيق الأطر ، ولكنهم لم ينحنوا أو يهادنوا كما فعلت أنظمة الاعتلال العربي حيث يسمونها معتدلة ومعنى ذلك الاستثمار بالحكم،  ولكنهم اختاروا رسالتهم الوحدوية التي لم يخونها أحد منهم ، والأمة العربية بلا شك ستعيد لهؤلاء القادة الاعتبار عندما يصبح الوقت مناسبا كما أعيد الاعتبار في ظل القادة القومين أنفسهم  لقادة آخرين عظام مثل محمد علي باشا الذي مات مهزوما ومفروضا عليه الاتفاقية التي قيدت حركته بحكم مصر  فقط له ولأسرته ، واحمد عرابي الذي توفي وهو مهزوما يزاود  عليه بعض الدهماء من الناس ورشيد الكيلاني في العراق ، وعمر المختار في ليبيا الذي أعدم والوطن كله تحت الاحتلال وغيرهم .

لماذا نرى الكثير من أبناء أمتنا يجلدون ذاتهم ويحملون أنفسهم فوق طاقتها في ظل حرب ثقافية موجهة للأمة هدفها زرع ثقافة الهزيمة ولو كانت هذه الأمة العظيمة التي لا يعرف الكثير من أبناءها مدى تأثيرهم وقوتهم لو توحدت كلمتهم ، ما وجّه إليها العالم كل هذا الاهتمام  وأصبح في كل دولة كبرى محطة ناطقة باللغة العربية تبث طيلة الــ24 ساعة السياسة الاستعمارية لهذه الدولة أو تلك ، فهل هذه القنوات وجدت لأجل عيون العرب فقط .

لذلك علينا أن نفخر بقادتنا القوميين المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله ثم أمتهم عليه من جمال عبد الناصر لبشار الأسد ومن سيأتي بعد ذلك لأن هذه الأمة العظيمة ولادة ولن تموت .

تحية فخر واعتزاز لقادة أمتنا العظام أصحاب الرسالة الوحدوية الخالدة من الزعيم جمال عبد الناصر للرئيس بشار الأسد وما بينهما من القادة المخلصين  ، ولا نامت أعين الجبناء . 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد