الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ذكراه الــ67

mainThumb

22-12-2014 07:55 PM

في العاشر من كانون الثاني ديسمبر من كل عام يحتفل العالم بالذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي صدر في العاشر من كانون الثاني ديسمبر 1949 ، وتضمن ذلك الإعلان التاريخي 31 بندا أجمعت عليه البشرية ليكون وثيقة أممية لعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان ، ولم تأتي تلك الوثيقة التاريخية من فراغ فقد سبقها حربين عالميتين تركتا ملايين الضحايا والمشردين وتدمير أوطان بأكملها وكل ذلك بسبب أطماع وشهوات الوحوش البشرية ، حيث لا يقيموا للحياة الإنسانية وزنا ولا قيمة .

وقد استبشر العالم خيرا بذلك الإعلان الخالد الذي سيكون اعترافا أمميا بكل ما سبق ذلك وأدى لمجازر ودمار أحدثه الإنسان بحق أخيه الإنسان.

ولكن ما هي إلا أشهر معدودة بعد ذلك الإعلان التاريخي وإذا هناك قوة أممية تنقلب عليه وهي أحد إطرافه الرئيسية وهي الولايات المتحدة الأمريكية ،التي لم يكن عدوانها على اليابان بما عرف بجريمتي العصر هيروشيما وناجازاكي إلا رسالة لشريكها في الحرب الاتحاد السوفيتي الذي فهم مضمون الرسالة جيدا وأسرع لحماية أمنه الوطني ليبدأ العالم بعد ذلك صراعا جديدا اسمه الحرب الباردة ، التي كلفت البشرية ماديا بقدر تكاليف الحربين العالمتين الأولى والثانية ، تلك الحرب الباردة التي حولت أحيانا لحروب عسكرية هنا وهناك وكان لوطننا العربي النصيب الأكبر من تلك الحروب بالوكالة ، خاصة بعد زراعة ما يسمى بدولة إسرائيل الصهيونية التي أراد منها الغرب الاستعماري أن تصبح رأس حربته المتقدمة في المنطقة لكي تمنع أي وحدة أو تقارب بين الأقطار العربية تحديدا .

وبذلك كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول ما انقلب على تلك الوثيقة الأممية التي ساهمت بوضعها كما هي عادتها بالانقلاب حتى على عملائها في المنطقة والعالم  عندما تنتهي خدماتهم ، وهكذا كانت سياستها مع محمد بهلوي في إيران وأنور السادات في مصر وفيصل عبد العزيز في الجزيرة العربية وغيرهم وغيرهم الكثير ، خاصة في دول أمريكا اللاتينية .

وسياسة الولايات المتحدة في منطقتنا هي أبعد ما يكون عن الديمقراطية والقيم المدنية التي تتشدق بها ، والمتعارف عليها أمميا ، فكل أتباعها أو عملائها بشكل أدق في وطننا العربي هم أسوأ الدكتاتوريات في العالم ، يكفي أن نذكر أن بعض هؤلاء الأتباع لا زالت المرأة مثلا لا يسمح لها بالانتخاب أو حتى قيادة سيارتها الخاصة الا برفقة هندي أو بنغالي أو ما شابه ذلك .

وبعد نهاية الحرب الباردة وزوال الاتحاد السوفيتي كقوة منافسة زادت الشراهة الصهيو أمريكية للهيمنة وكانت جريمة الحادي عشر من أيلول سبتمبر ضالتها المنشودة لتبدأ حربا جنونية على عدو مجهول بدلا من مراجعة الذات  والتوقف عن دعم الديكتاتوريات سواء الدينية أو القبلية ولكن بالقفز إلى المجهول وإتباع سياسية أدت إلى دعم قوى الإرهاب والتخلف في وطننا العربي من حروبها العبثية على ما أسمته بالإرهاب الذي بدا في أفغانستان وثم في العراق وعندما تورطت في تلك الدولتين  ركبت موجة الثورات العربية التي بدأت عفوية وتلقائية ضد أنظمة عفنة ومتخلفة كحسني مبارك في مصر وزين العابدين في تونس لتحرفها عن مسارها وتستغلها أبشع استغلال لتصفية الحسابات القديمة مع نظام العقيد الشهيد معمر القذافي وأن تجعل من ليبيا مسرحا للجريمة والقتل والإجرام إلى محاولة عمل نفس السيناريو مع سوريا ولكن سوريا الشعب والقيادة والجيش ، ورغم فداحة الثمن أضاعوا الفرصة على أمريكا ومرتزقتها ، ولولا الدور الأممي العظيم لروسيا العائدة بقوة لدورها الطبيعي في قيادة العالم والصين ، لأصبح الوطن العربي كله في أسوأ الحالات .


لذلك يأتي ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في هذه الظروف للتذكير والتأمل وأن نعمل كبشر على ضرورة تفعيل ذلك الإعلان ألأممي الإنساني ضمن آليات العصر الحديثة  نتمكن من خلالها بمنع التغول وإرهاب الدولة كما تفعل أمريكا التي فشلت في قيادة ما أسمته بالنظام العالمي الجديد ، وبالتالي مراجعة الكثير من الأخطاء في تجربة الأمم المتحدة ومنها جريمة الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة ، حيث يثبت يوميا منذ ولادته الاصطناعية من خارج الحدود ، ولأول مرة في تاريخ البشرية ينشأ كيان بهذه الصورة ، انه مجرد عصابات للقتل والإجرام ومصادرة حق الآخر حتى في الحياة ذاتها  .

ما نطالب به أن لا يبقى القرار الدولي حكرا لمجموعة من الدول تستغله لمصالحها الخاصة والولايات المتحدة الأمريكية اكبر دليل على ذلك .

نريد مجتمعا دوليا يهتم بالإنسان وحقوقه وكرامته ، نريد تفعيل ذلك الإعلان التاريخي لحقوق الإنسان ، ومنع موجات الإرهاب ومن يقف خلفه نرى البشرية أصبحت بين طريقين إما المدنية وإما قانون الغاب عصر داعش وفاحش ومن يقف خلفه .

ولا عزاء للصامتين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد