الإعلام المصري من السيادة والريادة إلى التبعية النفطية

mainThumb

28-12-2014 11:41 AM

من يتابع الأحداث على الساحة المصرية تحديدا لا يملك إلا أن يضرب كفا بالآخر أسفا وحزنا على ما وصل إليه الإعلام المصري من السيادة والريادة في المرحلة الناصرية إلى الإعلام المتصهين أغلبه  في عصر السادات مبارك والإعلام الزاعق في عصر عبد الفتاح السيسي ، وهذا الإعلام للأسف الذي بدا بالانحدار بشكل خجول مع الانفتاح  الساداتي على مهالك دويلات الذهب الأسود ، حتى وصل الأمر أن تكون هناك محطات وصحف تمول من الخارج وتخدم سياسة الدول الممولة وليس المصلحة الوطنية .

كل ذلك جاء كما أسلفنا نتيجة انفتاح السداح بداح كما وصفه الكاتب الكبير الناصري أحمد بهاء الدين رحمه الله ، وباسم الاستثمار الذي أصبح مع التقدم العلمي والتكنولوجي أكبر خرقا للسيادة الوطنية خاصة في العالم النامي ، وطننا العربي الكبير تحديدا .

 نتفهم أن يكون هناك اهتمام بمصر وهي الدولة العربية الأكبر والأهم وأن يخصص لها الإعلام في الدول العربية مساحات واسعة للحديث عن مصر ايجابيا أو سلبيا ، ولكن الذي نراه اليوم ليس اهتماما بالشأن المصري بقدر ما هو تدخلا سافرا حتى من دول هامشية الوزن والقيمة ، ولكن حبتها الطبيعة بثروات أصبحت تستغل من أعداء الأمة للتدخل في شؤون الأصدقاء .

فهل هناك توضيح كيف تقوم بلد كـ قطر بوضع محطة خاصة عن مصر تبث سمومها ليلا نهار بالشعب المصري وكانت سابقا تبث من قلب القاهرة ، وكيف تخصص دول أخرى لا تقل عن هامشية قطر أموالا طائلة للاستثمار الإعلامي في مصر تحديدا لخدمة سياسة أسياد تلك المحميات على حساب مصر وشعب مصر ومن خلفها الأمة العربية ، ترى أين المصلحة الوطنية والقومية لمصر التي تتبناها الجزيرة مباشر من مصر ، وأين مصلحة مصر في استثمارات الإمارات والسعودية الإعلامية وكيف يمثل هذا الإعلام الفاشل الذي يعمل ليلا ونهارا وبدعم يفوق الخيال على تدمير علاقة مصر مع الدوائر الثلاثة لمصالحها الوطنية وهي العربية ،  الإسلامية والإفريقية .

فهل جاء الوقت وأصبحنا نسمع من مصر الحضارة والتاريخ وفي أكثر من محطة من يدعو المجرمين الصهاينة بقتل أشقائهم في فلسطين المحتلة وتحديدا في غزه ، وسمعنا من الإعلام المصري من يقول للمجرم نتنياهو تسلم يداك دون محاسبة أو مسائلة فهل هذا إعلام ثورة 30 يونيو التي أزالت الإخوان بعد أن خلعهم الشعب وها هو الإعلام الغبي في مصر يقدم لتلك المجاميع الإرهابية الخدمات المجانية  ويجعل منهم وكأنهم ضحايا انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية لم يشهد التاريخ عظمتها عندما خرج الشعب عن بكرة أبيه ليخرج رئيسا خان الأمانة وانقلب على كل ما وعد به شعبه وإذا به سراب بسراب وأسوأ من نظام مبارك سيء الذكر .

الإعلام المصري اليوم يأتي ليقدم خدماته المجانية لكل قوى الشر والإرهاب التي تريد تدمير أسس الدولة المصرية ويحاول وضع معادلة في التاريخ وهو مزيج من التبعيات المختلفة يعمل لمصالح خارج حدود الوطن وخدمة الممولين وسياساتهم بحيث أصبح العدو للأسف هو الصديق والمقرب والصديق والأخ هو العدو أو العدو المحتمل ، ومن يتابع الحملة الإعلامية الظالمة التي تتعرض لها حركة المقاومة الإسلامية حماس لا يملك إلا أن يموت قهرا لحال مصر وإعلام مصر ، والغريب أن هذا الإعلام يدّعي بأنه يدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي في الوقت الذي يقدم الدعم اللوجستي بنهجه الغبي لكل قوى الإرهاب والإجرام ويثبت بأن الدولة المصرية فاشلة .

الإعلام المصري اليوم  هو اكبر عقبة أمام نظام عبد الفتاح السيسي  وتوجهاته  الوطنية وحتى عجز بإقناع الشعب المصري بتوجهات نظامه المنسجمة مع ثوره الشعب في 30 يونيو ، ومن تابع الإعلام المصري وتغطيته  براءة مبارك وأبناءه وزبانيته  يعلم إن الوطن والمواطن في كفة ، وإعلام أهل الكهف في الكفة الثانية  ، ولأن الإعلام المصري الحالي من  المحطات والصحف اغلب أصحابها  من رموز مرحله التبعية والانحطاط السابقة طيلة 40 عاما  وجاءوا بعد ثورة 30 يونيو تحت شعار كفاءات وعفا الله عما  سلف.

  ترى ما هي المصلحة الوطنية لمصر بإعلان الحرب على حركه حماس وكأن الأخيرة هي فلسطين وليست فصيل مقاوم من الشعب العربي الفلسطيني نختلف ونتفق معها ، ولكن الهدف المشبوه لأغلب الإعلام المصري واضح هو معاداة الخط القومي العربي للمصلحة القطرية الضيقة تحت شعار مصر أولا الذي بدا به المقبور أنور السادات وانتهى بسقوط حسني مبارك ، وإذا مصر بكل تاريخها تصبح قطر وأثيوبيا أندادا لها أي عقل وأي منطق يقبل ذلك .

فهل هذه مصر الثورة والتاريخ التي كانت المركز الإعلامي الأول في كل العالم النامي والوطن العربي تحديدا في عصر طيب الذكر الزعيم جمال عبد الناصر ، حيث كانت مصر حينها قبلة الثوار وملتقى الأحرار الذي جعل مصر أكبر قوة مؤثرة في منطقتها وحتى تأثيرا عالميا ، جعلت الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون يقول أن في العالم قوتين عظيمتين أمريكا والاتحاد السوفيتي وهناك قوة أخرى هي مصر جمال عبد الناصر الإعلامية ، ولا يزال العالم كله يشهد بعبقرية تلك المرحلة التي قادها عبد الناصر ، ويصاب العالم  بالغثيان وهو يرى اليوم الإعلام المصري في أزمة سد النهضة مع أثيوبيا إحدى دول المصب ونذكر مسرحية مرسي أخوان واجتماعه الذي نقل بالصورة والصوت واستغلته أثيوبيا وغير أثيوبيا أبشع استغلال أساءت  لكل تاريخ مصر التي لم تكن إلا احدى مسرحيات مكب الإرشاد الاخواني لامتصاص غضب الشارع المصري عندما بدأ مشروع بناء سد النهضة مقابل فضيحة مصر عالميا  .

ما نقوله أن الإعلام المصري اليوم أصبح خليطا مما هب ودب وحسب الجهة الممولة ، هناك من يتبع قطر والإمارات ونظام آل سعود وحتى الكيان الصهيوني ممثلا في الولايات المتحدة الأمريكية حسب التمويل ولسنا بحاجة لذكر التقرير الأمريكي المهم وبالأسماء للجهات التي تلقت دعما أمريكيا ، وكانت مصلحة مصر هي الغائب لدى كل هذا الإعلام الزاعق الذي هو بكل تأكيد لا يمثل مصر الحضارة والتاريخ الإنساني الممتد من سبعة آلاف عام .


ولا أعلم سر صمت النظام عن هذا الإعلام الذي يسعى لتدمير علاقة مصر بالمصريين أولا ثم الأشقاء والأصدقاء ثانيا ، وكيف بإعلام يمتدح عميل كالسادات وبنفس الوقت ينتقد مبارك مع أن الأخير هو تكملة أمينة للسادات ، وقد جاء تعيينه نائبا للسادات بدعم من السفير الأمريكي في مصر في ذلك الوقت وهذا ليس سرا ويعرفه الكثيرون ، هذا الإعلام جعل من التيار المتاسلم وكأنه قوى عظمى وكأنه الخطر الأكبر ، إعلام لا يعرف إلا الردح والشتائم السوقية ،  وللأسف سمعنا من بعض الإعلام الرسمي من يدعو الصهاينة لتدمير غزه وإبادة أهلها ولا أعلم هل هو هذا إعلام ثورتين عظيمتين في  25 يناير 30و يونيو أم أنه إعلام  السادات مبارك الذي يحارب مصر حتى في هويتها القومية .

ترى أين إعلام السيادة والريادة عندما كانت مصر تخاطب العالم ، الكل كان ينتبه لما تقول وتقرر القاهرة ، الإعلام الذي يتابعه الوطن العربي من المحيط إلى الخليج ، اسألوا عن توزيع الأهرام في عهد الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل  وحتى منتصف السبعينات عندما كانت الأهرام تباع في السوق السوداء في جميع الدول العربية تقريبا .

والإعلام المصري اليوم من النقيض إلى النقيض ولا يجيد إلا فن الردح  والزعيق والإساءة ، ونتمنى من الجهات المعنية في مصر الانتباه للمؤامرات التي تحاك  بالظلام على وطنهم العزيز الذي هو بيتنا الكبير وينفذها إعلام وإعلاميون مرتزقة على حساب المهنة وأصحابها الحقيقيين .

إن مصر مليئة بالكفاءات الإعلامية المشهود لها عالميا ، إن الإصلاح في مصرنا العزيزة يبدأ من الإعلام وتوجهه ليعود قولا وفعلا إعلام السيادة والريادة وليس الردح للأشقاء والإساءة لوطن عظيم بحجم مصر .

حمى الله مصرنا الحبيبة وشعبها الشقيق ولا عزاء للصامتين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد