أدعوا لأنفسكم ولكن .. ‎

mainThumb

12-07-2015 04:36 PM

 لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ( حديث شريف ) ؛ فالإيمان يتحقق فقط ؛ إن أحب الإنسان الخير للآخرين بنفس القدر الذي يرجوه ويحبه لنفسه .

           وفي هذا الحديث النبوي الشريف نزع لصفة الإيمان من كل إنسان تسول له نفسه سرقة أموال الآخرين أو إنتهاك أعراضهم وحرماتهم أو التجاوز على حقوقهم  أو التسبب بالأذى والضرر لهم ... لإن الشرط الإيماني وهو : حب الخير للآخرين بنفس القدر الذي يحبه الإنسان لنفسه هو غير موجود في كل من اقترف  أمورا” لا يقبلها هو لنفسه ( كسرقة أموال الناس أو انتهاك أعراضهم أو قتلهم  وايذاءهم .... )  ؛  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولايشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن .
        قد يؤثر الإنسان الآخرين على نفسه فيقدم مصالحهم وحاجاتهم على مصالحه وحاجياته ؛ وهنا يكون الإنسان قد بلغ مرتبة متقدمة وراقية من الإيمان الصادق ، مرتبة ايمانية حقيقية أدركها السابقون من الصحابة الكرام ومن التابعين  ، وقلدهم بالايثار قليل من الآخرين  ؛ قال تعالى  : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } . وهي الآية الكريمة التي نزلت في الرجل الأنصاري الذي أكرم ضيفه وأثره على نفسه وعياله ؛ وهناك قصص كثيرة في الإيثار والتضحية والبذل حدثت في زمان الصحابة والتابعين ؛ ومن قصص البذل والتضحية المعروفة قصة تبرع ابو بكر الصديق رضي الله عنه بكل ماله لتجهيز جيش العسرة ، وعندما سئل رضي الله عنه : ماذا تركت لأبناءك  ؟ قال :  تركت لهم الله ورسوله ... ومن قصص الإيثار الشهيرة حادثة جرت خلال معركة اليرموك ، عندما مر  الساقي بقربة الماء على خمسة من جرحى المسلمين ، فاقترب من الجريح الأول فنادى جريح ثاني  : ماء ماء ... فقال الجريح الأول : إسق أخي ثم ارجع الي ...  فركض الساقي الى الجريح  الثاني ؛ فسمع جريح ثالث ينادي : ماء ماء ... فقال الجريح الثاني : إسقي أخي ثم ارجع الي  ...   فإذا بصوت جريح آخر ينادي : ماء ماء  ... وهكذا بقي الساقي يتنقل بقربة الماء بين الجرحى الخمسة حتى استشهدوا جميعا” من شدة العطش ...   وهناك قصة الصدقة التي خرجت من بيت مال المسلمين في عهد الخليفة عمر بن العزيز ، وطافت على كل فقراء المسلمين ولكنهم قالوا جميعا” وبقناعة وايثار  : يوجد عندنا قوت يومنا فلعل غيرنا من الفقراء هو أحوج منا ... فطافت الصدقة على فقراء المسلمين جميعا” ثم عادت في نهاية الأمر لبيت مال المسلمين !!!
              ليس من السهولة أن يصدق الكثيرون مثل هذه القصص الإيمانية النادرة ، ونحن نعيش في زمان الكنز الجنوني لمليارات الدولارات ، ليس من السهولة أن يصدق الكثيرون مثل هذه القصص الإيمانية النادرة ، ونحن نعيش في زمان التطاول البهلواني والجنوني في البنيان ، في زمان الإنحطاط الأخلاقي الفضيع والمهين ؛ ستبدو مثل هذه القصص الإيمانبة  النادرة بالنسبة لعبدة الدرهم والدينار مجرد خرافة  ؛ ولكنها حقيقة وقعت في تاريخ أمتنا المحمدية ، وكان أبطالها : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ) ، رجال  آمنوا بربهم حق الإيمان  ، وعرفوه حق المعرفة ، فعافوا كل متع الحياة الزائلة ، وطلقوا الشهوات وتاجروا مع خالقهم بالباقيات الصالحات ؛ وجعلوا دليلهم في هذه الحياة الدنيا : إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا  ...
    واستغلوا هذه الحياة القصيرة الفانية لتحقيق السعادة في آخرتهم الأبدية والباقية ، وداوموا على كفالة اليتامى وعلى إطعام الفقراء والمساكين ، وآووا المشرد وأغاثوا الملهوف ، وضحوا بأموالهم وبأرواحهم بغية إخراج العباد من الكفر والضلالة الى الهدى والنور المبين ...
       أبها المسلمون : وصلنا اليوم لأوآخر شهر الخيرات والبركات والحستات والعتق من النيران ، لا نطالبكم بالإيثار وبنكران الذات وعمل المستحيل   ، ولكن نذكركم بشرط الإيمان الأياسي والوحيد وهو : حب الخير للآخرين كما تحبونه لأنفسكم ... وأنتم تأكلون تذكروا غيركم من المسلمين الجائعين والمحرومين فهم يباتون على لحوم بطونهم  ولا يأكلون  ؛ و أنتم تنامون على فرشكم الناعمة والوفيرة  ، تذكروا غيركم من المسلمين والذين إفترشوا الرمال والتراب ولا بجدون حتى الخيمة الصغيرة  ...
     رمضان شهر الرحمات ومضاعفة الاجور والحسنات لم ينتهي بعد  ... فتبرعوا لفقراء المسلمين ؛ تبرعوا للأرامل والأيتام ، تبرعوا للفقراء والمساكين ؛ تبرعوا للعراة والجوعى والمهجرين ؛ تبرعوا للمشردين وانصروا المستضعفين والمظلومين   ...
أيها المسلمون : اطلبوا من ربكم الجنان ، ولكن لا تحرموا المسلمين من بركات دعاءكم  ؛ أطلبوا لأنفسكم المغفرة والرحمة ، ولكن لا تنسوا أخوانكم المدافعين عن شرف هذه الإمة من بركات دعاءكم ؛   لا  بأس أن تدعوا لأنفسكم ؛ ولكن ؛  ادعوا الله أن يقصم ظهور الظلمة والطغاة والمتجبرين ، وأدعوه تعالى أن ينصر الحق وأن يخذل الكفرة والمشركين ...


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد