مترشح في حلم اليقظة

mainThumb

08-09-2016 07:52 PM

أيها الناس !
 
إني أرشح نفسي للبرلمان . لا لأني أستطيع أن أحل مشاكلكم ، و لا لأني أريد أن أحسن سوية الخدمات عندكم ، و لا لأني أريد أن أكون وجيها اجتماعيا بينكم أو أصير زعيما سياسيا يتحدث باسمكم ، و لا لأني أطمع في كثير مال يغريني و لا في بريق بهرج يطريني .
 
أيها الناس !
 
إني أرشح نفسي لأني فقير مثل أكثركم ؛ أعرف معاناتكم وأتنفس في همومكم ، فتشعرون أن ممثلكم من جنسكم ؛ و تعلو غبرة الفقر محياه كما تعلو محياكم .
 
أرشح نفسي لأني أمقت النفاق في أشكاله كلها ؛ فأدل  أن العيش دونما نفاق ممكن و أن الحياة بالصدق تستقيم . و إن أول من أمتنع عن منافقته و التزلف إليه و تملقه أنتم ، فلن أخاطب أيا منكم لكسب صوته خطابا خاصا لا فردا و لا عشيرة بل سأخاطب القرية في أكملها و الإقليم في رمته ، و لن أعد إنسانا أو قرية أو إقليما بالمزاحمة على المكاسب و إن زاحم الناس لئلا أظلم و إن ظلم الناس ، و لئلا أفقد هيبتي كممثل لكم على عتبات دوائر النفوذ فأصير عبدا لما كسب بطني و تصيرون عبيدا لما كسبت بطونكم من خلالي .
 
أيها الناس !
 
إني أرشح نفسي فأمارس عملي - إن اجتزت - في لباس ما قبل النيابة ، و أتنقل في مركبة ما قبل النيابة ، فإن تعطلت مركبتي أستقل الحافلة كفقير كما يستقلها أضرابي من الفقراء ، و أمشي مسكينا في حر الصيف و في برد الشتاء تماما كما يمشي إخواني من المساكين .
 
أريد أن أرشح نفسي لأرى من لم ير أن التحرر من أغلال الحسابات السياسة و من سطوة الأعراف الاجتماعية واجب إنساني قبل أن يكون لازما وطنيا ، و أنه يمكن تحقيقه و استكثاره .
 
أريد أن أرشح نفسي لأعلي من شأن التفكير الموضوعي و أغليه ، و من أجل أن أحارب التفكير النمطي و أعريه ، و لأجرأ الناس على التمرد على ما يكبل عقولهم و يلغيها و يقولب مشاعرهم فيجفيها . 
 
أريد أن أرشح نفسي لأصرخ بصوت مسموع أن حالتنا السياسية ضئيلة ، و أن عجلتنا الاقتصادية كليلة ، و أن سويتنا الاجتماعية عليلة ، و أن قومتنا الفكرية ثقيلة ، و أقدم حلولا و أستحث أصحاب الحلول ، و إنها قريبة يسيرة ما هي ببعيدة عسيرة .
 
أريد في الحقيقة أن تترشح أفكاري و ما أترشح ، و يدندن بها أقوام لم تصبهم حمى الواقع الثقيل أو أصابتهم و شفوا منها و لما تخبو في قلوبهم جذوة الأمل .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد