سأحاول من خلال هذا المقال الربط بين المنعطفات والأحداث المختلفة لنتتبع من خلالها ما نعتقده ظهور بوادر تدل على قرب إنتهاء الحرب في سورية، فهناك ديناميكية جديدة في المنطقة توحي بمشهد مختلف، فالتساؤل المطروح هنا هو: هل حقاً بدأ العد التنازلي لإنتهاء الأزمة في سورية ؟ وهل تكون هذه المرحلة بداية النهاية لداعش الأكثر دموية في المنطقة؟ خاصة بعد صمود الجيش السوري في مواجهة عدوان كان ولا زال من أشرس حروب التاريخ الذي استهدف الوطن والمواطن السوري.
اليوم تتواصل الإستعدادات العسكرية السورية الروسية لمعركة إستعادة مدينة الرقة، التي تتمترس فيها داعش وأخواتها، لأن المنتصر فيها سيلعب الدور الأبرز في إعادة رسم هوية المنطقة وحدودها، وتوازنات القوى فيها، وهذا ما يفسر التحشيد العسكري السوري الروسي الكبير لحسمها، وقبل نهاية هذا العام، خاصة بعد أن بدأ إنكسار شوكة الارهاب في معظم المناطق السورية التي احتلتها داعش والذي جعل موقف الدول الداعمة لها تغيّر سياستها وخططها وأصبحت بوصلة تمويلها تتجه نحو تسقيط انتصارات الجيش السوري بعد ما فشلت في تنفيذ اهدافها وخططها في سورية.
ربما يكون أكبر شاهد على أن سورية تخرج بالفعل من أزمتها هي حالة التهدئة الراهنة التي ستؤدي إلى إنهاء الحرب المستمرة في سورية منذ عام 2011م،، بدءاً بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خاصة بعد الاستقرار الذي بدأ يشهده الجنوب السوري إذ أصبح مخيم الركبان في الأردن يضم الآن نحو 50 ألف لاجئ بعد أن كان يضم قبل الهدنة 80 ألفاً، بالإضافة الى التبدل الواضح في سياسات واشنطن بعد وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض الذي أعطي الأولوية لحل الأزمة السورية للحرب، وإعلانه الرسمي عن وقف برنامج وكالة المخابرات المركزية لدعم المعارضة السورية وتسليحها الذي أطلقه الرئيس السابق أوباما قبل عدة سنوات. بالمقابل هناك تقارب وجهات النظر بين الرئيسين ترامب وبوتين على ضرورة تهدئة الأزمة السورية، وتعزيز وقف إطلاق النار وتوسيع نطاقه، وإعطاء الأولوية للحرب على داعش وأخواتها من القوى المتطرفة، وهنا يمكن القول أن صمود الجيش السوري ونجاحه في معركة حلب وطرد داعش عن دمشق وحمص وحماة ، واستعادة المزيد من الأرض السورية التي كانت تحتلها داعش وأخواتها، وتقدمه الكبير في مدينة الرقة ودير الزور، يشكل العامل الأهم في تغيير الوضع العسكري في سورية.
في هذا السياق لو تأملنا فيما يحدث من إنتصارات التي يحققها الجيش السوري على داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، نجد بأنها بوابة العبور الى نصر أكبر وأشمل بالتزامن مع الإنكسارات والهزائم المستمرة لهذه التنظيمات في معاركها، والتي يبدو عليها التعب والإرهاق نتيجة الحماس والمعنويات العالية للجيش على جميع الجبهات والمستويات والتي تبشر بالنصر القريب، بذلك باتت حرب الجيش السوري وحلفاؤه واضحة ومحسومة النتيجة، خاصة بعد نجاحهما في تحرير عدد كبير من المناطق، ويبدو أن ساعة الصفر لتحرير المناطق الأخرى قد حان موعدها، فاليوم بشائر النصر تطل من مدينة الرقة ودير الزور، فروسيا تشن عمليات عسكرية وهي الأقوى من نوعها إيذاناً بإقتراب تحرير المدن من داعش والقوى المتطرفة الأخرى، في إطار ذلك فإن مكاسب الجيش السوري التي تحققت في مختلف المناطق هي مؤشر واضح بأن داعش قد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة في سورية جراء شدة الضربات الموجعة التي يتلقاها هذا التنظيم الإرهابي.
في السياق ذاته أن المعركة النهائية التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه في دير الزور سوف تكون المعركة الفاصلة والنهائية التي تقوض وجود داعش في سورية، وتجري متلازمة مع المعركة المهمة التي بخوضها الجيش العراقي في منطقة تل عفر، ليصح القول بأن داعش قد انحسرت في كل من سورية والعراق ، وبانتهاء معارك الرقة ودير الزور وتل عفر، وتوحيد مواقف قوى المعارضة المسلحة حول أمن واستقرار سورية الذي يتم الآن في الرياض، يصبح الطريق سالك لعقد جولة مفاوضات جديدة لإنهاء هذه الأزمة المعقدة، خاصة بعد أن أصاب أطراف الأزمة التعب والإرهاق ولم يعد أمامها سوى طريق التسوية السلمية، كل هذه الوقائع هي دلالات تعزز القبول بالحل السياسي، وتوحد الجهود الإقليمية والدولية لوقف تمويل المجموعات المسلحة، الذي يعد بارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص، ويساعد على مكافحة الإرهاب والقضاء عليه.
وأختم بالقول... إن السوريون اليوم ينظرون الى تحرير ما بقي من المناطق تحت سيطرة داعش حتى آخر شبر منها ورفع العلم العربي السوري فوق ثراها بعد تطهيرها من المجموعات المتطرفة، كما يجدد السوريون إصرارهم على استكمال معارك التحرير، وتخليص سورية من إرهاب القاعدة وتنظيماتها المختلفة، وخلاصة القول، ستبقى سورية صامدة بوجه الإرهاب والتطرف لذلك من حقنا ان نتفاءل بنهاية هذا العام، ويمكن ان نجعله عام القضاء على تنظيم داعش وأخواته.