الأنهار دائمة الجريان ولكن

mainThumb

15-12-2019 02:01 PM

أعرف أنّ التغيير من طبائع الأشياء ..أعرف أن الأنهار دائمة الجريان وأعرف أيضا أن الرجال مبادىء ومواقف لا يتخذونها ولا يقفونها إلاّ بعد دراسة عميقة وتجربة ثريّة...

 
هؤلاء الذين قرأنا أوّل ما قرأنا لهم ، هؤلاء الذين كنّا نجلّهم ونقدّرهم ونبجلهم في مجالسنا الخاصّة والعامّة .. هؤلاء الذين جعلونا نناقش كبارنا بحدّة انتصارا لهم ولكتاباتهم حتى اكتسبنا صفة الجيل الذي يهيم وراء السراب ، والجيل الذي غادر سربه ، والجيل الجاحد ، والجيل المتمرّد ، والجيل الذي يساق إلى المذابح بدون أن يعلم .. هؤلاء الذين عمّقوا الهوّة بين الكبار والشباب ،هؤلاء الذين قسموا الشباب إلى قسمين ..قسم مع وقسم ضد بدلا من أن يوحدوا شباب هذه الأمّة ويلموا شتاتها حملوا معاول الهدم فأصبح الشباب شيعا وأحزابا متنافرة .. هؤلاء الذين كنا نطالعهم صباح مساء ماذا تراهم الآن ؟ وكيف تراهم ؟ .
إنهم الآن يتنكرون لكتاباتهم .. يتنكرون لماضيهم ويسيطر عليهم الفزع حين تذكرهم بآرائهم وبالمبادىء التي كانوا يعتنقونها وينادون بها ..
 
وأنا لا أنكر أن الأنهار دائمة الجريان ، ولكن الذي أنكره أن يقوم أديب بعملية غسل دماغ جيلين أو ثلاثة أجيال .. وحين يستوي الأمرويقع المحظور وتفقد الأجيال هويّتها يعود فجأة إلى صوابه ويعلن على الملأ أو لا يعلن _ وهذا ما يحدث عادة _ بأنه يتراجع عن أفكاره ومبادئه ومعتقداته التي اعتنقها وأن هذه الأفكار التي كان ينادي بها هي أفكار هدّامة .. وعادة تمرّ المسألة بسلام ,,,,
 
لقد عاد إلى رشده أخيرا ,, ولكن ما من أحد يسائله عما فعل بالأجيال التي تلوّثت أفكارها وانحرفت .. لا أحد ولكن هل يعقل أن لا يحاسب على ما بذره من بذور الفتنة والفساد والإفساد ؟ 
 
قال صاحبي : أقلّ ما في الأمر أن يحاكم بتهمة إفساد أجيال هذه الأمّة .. ومن هذا المنطلق أرى أن يحاكم أيّ أديب أو متأدب يجرؤعلى ترويج أيّ مبادىء لا تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا ومعتقداتنا وأمثال من ذكرت يجب أن لا يعطوا الفرصة ليصولوا ويجولوا على صفحات معظم الصحف والمجلات والكتب على امتداد مساحة العالم العربي بل يجب الوقوف بوجههم ومحاربتهم بلا هواده ... 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد