فايروس كورونا بين الاعتباطية والمؤامرة

فايروس كورونا بين الاعتباطية والمؤامرة

22-08-2020 05:19 PM

إن الفايروس الذي غزا العالم -(الحمّة التاجيّة) بالعربية- في هذا العام الكئيب، قد حيّر العقول واستعصى عن التحليل والتفسير، فذهب قسمٌ من الناس إلى أن هذه المسرحية -كما يزعمون- كلها مدبرة من الأيادي الكبرى التي تسوس العالم، وذهب آخرون إلى أن هذا الفايروس ظهر كظهور أي مرضٍ أو وباء ولا سبيل ولا أدلة على كونه مدبرًا !

إن قولنا بالمؤامرة، يستوجب طرفًا رابحًا، ويستوجب أدلةً مثبتة ساطعة تسقط المَدين، ما من دولةٍ إلا وتأثر اقتصادها سلبًا، وتوقفت سياحتها وتجارتها وحركتها ومات عددٌ من سكانها، وأثقلت كوادرها وتجهيزاتها الصحية، وأحبطت نفسية سكانها بحبسهم ومنعهم من نشاطاتهم، فلا مستفيد!

أضف إلى ذلك أنهم لا يظنون أن أحدًا يجرؤ على إماتة سكان الأرض وإهلاك شعوب العالم والتضحية بالعلماء وذوي المناصب والسياسيين والمفكرين، لمجرد مؤامرة لغايات ما..

أما إذا قلنا بأصحاب المؤامرة، فلنفترض أن أربعة أشخاص على وشك الهلاك من شدة الجوع، وأمامهم رغيف واحد، تقول الدراسات أنهم وبنسبةٍ عُليا سيفكّر ثلاثةٌ منهم بقتل الآخرين؛ حتى يكفي هذا الرغيف لسد جوعه أو جوعه وجوع أقوى زملائه معه!

فيفكر سائسهم ويقول: سكان العالم في ازديادٍ مهول، وموارد الأرض في نفاد، وثقب الأوزون في توسع، وتجارة اللقاح مثرية، ومحاولاتنا في زيادة الغذاء لا تساوي الطلب، فلماذا لا نفكر بشيء يحل لنا هذه المعضلة، يحد من الزيادة البشرية ويخفف أعداد البشر ويرتق ثقب الأوزون ونريح العالم من الضجيج برهةً من الزمن... إنه الوباء!

أن يغزو العالم وباء في كل مئة عام أمرٌ محيّر عندهم، أليس الأمرُ مدبرًا، لتعود أقطاب العالم لهيكلة نفسها واسترجاع قوتها، فهذه الصين صدّرت الوباء للعالم، وعادت لطبيعتها، والولايات المتحدة الآن تتصدر دول العالم بالوفيات والإصابات!

أن يظهر اللقاح بظروف غامضة في الوباءات السابقة أمثال وباء إيبولا والكوليرا وإنفلونزا الخنازير، وأن تستحوذ شركات أمثال rosh وغيرها على بيع هذا الدواء وإجبار الدول على شراءه وحض منظمة الصحة العالمية على شراءه دون أسباب واضحة، وتجارب سريرية غامضة على عامة الناس والفقراء في الدول الفقيرة!

إن المجرم يسعى لإخفاء جريمته، فيغرم نفسه مرغمًا لإبعاد الشبهة عن نفسه وربما هو مستفيد، فالمهم نفسه وثروته ومن حوله وحسب، والباقي إلى التهلكة وإن كان شعبه، ويسعى أيضًا لوضع الخطط البديلة واحتياط للاحتياط وتقدير لكافة الاحتمالات، ونفي للشكوك وتتفيه للظنون، فالسياسة تفعل البعيد ولا مستحيل على عقل الإنسان وحنكته، والخطة مشتركة.

إن أعداد الوفيات في هذا الفايروس حتى هذه اللحظة ٧٩٢ ألفًا، وهناك ما يزيد عن ٨ ملايين حالةٍ محجورة تحت العلاج، والحبل ما زال في البكرة!

لم يكن هذا بأي شكلٍ تبنيًا لرأيٍ من الآراء، ولا ميلًا لقومٍ دون قوم، وبالتأكيد، لا دليل قاطع، ولا حجة داحضة، ولا برهان بيّن، وما هي إلا تقديرات ودراسات وشكوك، تترجح أحيانًا وتطيش أخرى، وهموم الناس تُنسي.

هذا الوباء بين لعنة السياسة ومشيئة الأقدار، فهل سنكون في الحالين إلا ضحيةً؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد