البريد الأردني .. طموح وواقع

mainThumb

14-10-2020 09:09 PM

لا بد من الإشارة أولاً إلى أن البريد هو من المؤسسات السيادية في معظم دول العالم، وللأسف في الأردن يتعرض للاقصاء والتهميش والإهمال، علماً بأن إداراة البريد الحالية عملت وتعمل جاهدة للنهوض بالبريد الأردني ومواكبة التطور وتحسين الخدمات؛ إلا أن التحديات بحجمها الكبير تحتاج إلى تشريعات تعطي البريد دوراً أكبر لكي يكون قادرا على القيام بدوره في خدمة المجتمع والدولة.

إن البريد الأردني الآن يخوض معركة المصير والوجود وهو مؤسسة وطنية عريقة يراد طمس معالمه الضاربة جذوره في أعماق التاريخ الوطني، ولا أعلم عن مؤسسة وطنية تكافح من أجل البقاء كما يكافح البريد الأردني في ظل التحديات والمؤامرات التي تحاك ضده، فما من خدمة يقدمها البريد الأردني وينجح في تقديمها على أكمل وجه إلا ونفاجأ بسحبها أو إيقافها بأعذار لا تمت للحقيقة بصلة، إضافة لعدم دعم البريد من حاضنته التي تولى الاهتمام والدعم لمؤسسات وطنية أخرى.

إن كل من تآمر على البريد الأردني وعمل على تحجيمه وتقليص خدماته وتحييد موارده وتقليم دوره وتجفيف منابعه لصالح القطاع الخاص لا بد وأن يكون عرضة للمساءلة القانونية ليأخذ الجزاء الأمثل ويكون عبرة لكل من يفكر بالنيل من أي مؤسسة وطنية.

تعددت المراحل التي تخطاها البريد الأردني منذ نشأته وتأسيسه وفي كل مرحلة كانت له تحديات تفرضها تقلبات الزمن ومتطلبات يحتمها الأمر الواقع، وما بين كل مرحلة وتاليتها قصة من قصص التضحيات التي لا تختلف بجوهرها عن تضحيات الجند على أرض المعارك.

نعم؛ فالبريد الأردني هو حكاية من حكايا الوطن العظيمة والخالدة وعماله هم جنود أكثرهم كالجندي المجهول، يصارعون التحديات وهم يحدوهم أمل عظيم بصرح شامخ ويتطلعون لمستقبل مشرق وواعد.

إن الأمل الكبير في صدر كل جندي من جنود البريد الأردني، يعزز من ثقتهم برسوخ القيم المثلى التي آمنوا بها على مر السنين، وتلك القيم كانت لهم كدستور يحدد غاياتهم ويعلي من طموحاتهم، وبرغم كل معضلة وشائبة فإنهم على عهدهم باقون، لقد كان موظف البريد الأردني على الدوام معطاء ومقدام، ولقد كانت وما زالت إنسانيته تسبقه في إسداء العطاء دون إنتظار الجزاء، فتحركه كوامن الخير المتأصلة في أعماقه، ومن ضميره الحي الذي يملي عليه فعل الخيرات وبث المسرات في نفوس الناس، وفي أوقات الحظر الشامل بسبب جائحة كورونا برهن موظف البريد على أنه الأقدر والأجدر في خدمة وطنه وأبناء وطنه.

وبما أن في هذا الصرح العظيم كهؤلاء الأوفياء الذين أعطوا من وقتهم وصحتهم وطاقات أبدانهم لعملهم بإنسانية النبلاء وحكمة العقلاء فإن المآل لا بد وأن يكون خير المآل، وما دام هناك من يؤمن برسالته المجيدة فإن القيامة ستكون قيامة حميدة، وإن المآل وإن يبدو بائساً فذلك كما بؤس الهزيع في الثلث الأخير من الليل الذي يعقبه تباشير الصباح والضياء.

وإن الآمال العريضة لدى كل محب للبريد الأردني هي آمال سرمدية لا منتهية، برؤية ثاقبة ماحصة فاحصة، وأنين الليل ستتبعه حتما تسبيحات العصافير في البواكير، وإن لكل فارس كبوة وينهض منها قوياً أقوى من السابق، ومن الحكمة تعلم الدروس وأخذ العبر وفهم الواقع، والتخطيط لمستقبل يحدد طموحات أجيال قادمة ستتسلم الراية من أجيال قد سبقتهم، ويحقق لها الأحلام التي لم تر النور في عهد البناة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد