المخاطر الجيوسياسية وزيادة أسعار الفائدة على الدولار

mainThumb

28-02-2022 11:48 PM

يشهد عام ٢٠٢٢ من بدايته مخاطر جيوسياسية انتهت في غزو روسي إلى أوكرانيا، ورافق هذة المخاطر الجيوسياسية خلال اول شهرين من هذا العام ارتفاع حاد في الأسعار، حيث كسر برميل النفط حاجز ١٠٠ دولار، وكسر حاجز الذهب ١٩٠٠ دولار للأونصة الواحدة، كما تأثرت أسواق الأسهم المالية بالتقلب الشديد، حيث انخفض مؤشر الصناعات الأمريكية الداوجونز من بداية هذا العام ٢٠٠ نقطة، ومؤشر S&P انخفض ٣٠٠ نقطة، ومؤشر التكنولوجيا انخفض أكثر من ٢٠٠٠ نقطة خلال نفس الفترة. 
 
بالمقابل، ينوي البنك الفيدرالي الأمريكي انهاء برنامج شراء الأصول في شهر مارس لهذا العام ٢٠٢٢ مع زيادة أسعار الفائدة من ٢٥ نقطة الى ٥٠ نقطة أساس، ويعتمد مدى رفع سعر الفائدة على مدى تعافي السوق وقدرته على النمو، فكلما كان النمو أفضل في أميركا كلما كانت السرعة وحجم رفع سعر الفائدة أكبر في الفترات القادمة، والهدف من هذه الزيادة في سعر الفائدة على الدولار هي محاولة من الفيدرالي الأمريكي لتقليل نسب التضخم التي وصلت الى أعلى مستوياتها ٧,٥٪ وهي الأعلى خلال الأربعة عقود الماضية، والتي انعكست على أسعار الغذاء والطاقة.
 
سيدفع رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي بمقدار ٢٥ الى ٥٠ نقطة أساس كل من المتداولين والمستثمرين على بيع استثماراتهم من الأسهم والسندات في الأسواق العالمية للاستثمار في الدولار الأمريكي عن طريق شرائه أو ايداع أموالهم في البنوك الأمريكية، مما يؤدي الى تدفق رؤوس الأموال "الأموال الساخنة" عبر الدول نحو الدولار الأمريكي للاستفادة من ارتفاع سعر الفائدة أو ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي والذي يساوي الآن ٩٦,٥٠ مقابل سلة من العملات. 
 
ولكن ارتفاع أسعار الفائدة ستنعكس بشكل سلبي ومباشر على أداء أسواق الأسهم المالية ومؤشراتها بالانخفاض أو زيادة تقلبها خلال الفترة القادمة، ويمكن أن يؤثر ذلك بشكل سلبي على أسواق الأسهم الأمريكية نفسها بالانخفاض نتيجة التوجه لبيع هذه الأسهم، كما أن زيادة أسعار الفائدة على الدولار يمكن أن ينعكس بشكل سلبي على نسب النمو في أمريكا، وخاصة بعد انخفاض نسب النمو النسبي الى ما دون ٦٪ في بداية عام ٢٠٢٢ نتيجة زيادة المخاطر الجيوسياسية وخاصة التي تحدث بين روسيا وأوكرانيا. 
 
بالنسبة الى الدول النامية بما فيها الدول العربية فإنها ستتأثر بشكل مباشر من ارتفاع أسعار الفائدة لأن معظمها يعاني من عجز في الموازنة العامة، مما يؤدي الى زيادة تكلفة الاقتراض الخارجي على هذه الدول، من حيث صعوبة الحصول على الأموال، ووجود أعباء اضافية لتسديد الفوائد على هذه الديون، وهذا يؤدي بدوره الى تفاقم الدين العام وزيادة العجز في الموازنات في هذه الدول. اضافة الى ذلك، ستعاني البورصات في الدول النامية من هروب الأموال نحو السوق الأمريكي بحثا عن بيئة استثمارية أكثر استقرار وعمله أكثر قوة، وهذا الهروب سيؤدي الى زيادة تقلب أسعار الأسهم في البورصات الناشئة ويزيد من عدم استقرارها، وخاصة على رأس هذه الأموال الساخنة الموجودة في صناديق وبنوك الاستثمار والشركات الكبرى.  
 
لذلك، يتطلب هذا من الحكومات وضع استراتيجيات لإدارة المخاطر المتعلقة في المخاطر الجيوسياسية التي ساهمت في زيادة أسعار المنتجات الغذائية وخاصة المتعلقة في الحبوب والزيوت، حيث أن روسيا وأوكرانيا من أكثر الدول كانت مصدرة للقمح والذرة والزيوت النباتية، من خلال إيجاد حلول وسياسات اقتصادية جديدة، ويتطلب هذا من البنوك المركزية في الدول النامية الاسراع في زيادة سعر الفائدة التدريجي على العملات المحلية بما يتوافق مع الزيادة على الدولار الأمريكي ليقلل من هروب الأموال الساخنة عبر الدول نحو الدولار الأمريكي، كما أن الزيادة التدريجية في أسعار الفائدة على العملات المحلية يقلل من هروب الأموال المستثمرة في أدوات الدين المحلية كأذونات الخزينة والسندات والتي تعتبر مصدر تمويل مهم في هذه الدول النامية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد