اتعبتنا يا ناظم حكمت ..

mainThumb

11-06-2022 03:40 PM

هذا واني اعاتبك على ما ذكرت من شعرك الجميل الذي أصبح لنا كطوق نجاة للمسوؤلين لينظّرون على ما يقارب أحد عشر مليون مواطن اردني لإقناعهم  من باب أن هناك اجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد ، وكأننا هائمون على أبيار نفط تتدفق منه البترول والغاز بل هذه الابيات لم تقل لشعوب العرب  والغرب التي تتمتع بمخزون نفطي و بأقتصاد متين لم تقل لهم تلك الأبيات في زمن كان فيه الرخاء وقلة الحروب ،ونأتي اليوم لنسمعها عبر منابر اردنية وحينما نعد الميزانية دولة السنوية ونجد فيها فائض مالي لا نعلم اين نذهب به ، وكأننا نوفر فرص عمل للخريجين كل عام ،وأن ليس هناك بطالة ولا فقر وان هناك مصانع تزداد وأن الأسعار تنخفض دوماً ،و تلك الرواتب تكفي لكل العاملين في قطاع العام والخاص ، أيها الشاعر ولربما كنت منتظراً بالفعل لجمال أيامك، حينما كنت معارضاً و مسجوناً في يوم من الايام ولأنك شاعرٌ كبير كنت تكتب من واسع الخيال حينما عشت إلى آخر يوم فيه في عام ١٩٦٣ ونحن الآن ب ٢٠٢٢ وهناك فرق في الزمان والمكان والحياة كلها بكل تفاصيلها بكل أحداثها التي مرت ،أي قبل أن يولد أجيال جديدة ليتحمل أعباء المديونية وأخطاء الحكومات وغيرها،ولربما كنت تواسي نفسك بين جدران السجن وتكتب لتقدم لنفسك الأمل من حروف على الأوراق ولربما كنت تخاطب تلك الحبيبة وكنت تكتب لها أن أجمل الايام التي لم تأتي بعد ،يا ناظم سامحك الله على ما كتبت من ابيات ليتك لم تنشرها ولم تقرأ وليتك احتفظت بها بينك وبين نفسك ولا تقال لنا في هذا الوقت العصيب ، كنت أتمنى أن ترى بحارنا التي تحدثت عنها ، لأجل أن تقول أن أجمل البحار هي التي لم نراها بعد ، هل يرضيك أن يكرر هذا البيت أمام أحد عشر مليون مواطن في كل لقاء حكومي ونحن نعاني من نقص حاد في المياه فأي بحر كان في مخيلتك حينما كنت تتحدث عنه لأجل يقارن فيه مسؤولينا بواقعنا المختلف عن حياتنا و يصرون أن  يردد ذلك البيت في كل لقاء ؟ .

 
 سامحك الله يا ناظم وأنت الذي ولدت من عائلة ثرية ولها نفوذ و عشت طفولتك كما يحبها الأطفال ومع هذا صدقت حينما كتبت في أحد الأبيات من قصيدتك وقلت فيها أن أجمل الاطفال هم الذين لم يولدوا بعد ،ليتك تعلم يا ناظم أن هناك تم تهجير للاطفال وتم يتمهم وان هناك اطفال جوعى و شهداء وأطفال في الملاجيء وأطفال يعملون لأن يجمعون قوت يومهم ويساعدون اهلهم وهناك من ترك المدرسة ،وانت يا ناظم الذي تربيت في قصر كبير وبين أفراد أسرة يكن لها تقديرها من باب انكم اغنياء ، وربما عشت ايامك في شبابك وانت مراهق لم تكترث بالفقراء وحياتهم ولم تنم وانت جائع أو عليك ضرائب أو فاتورة كهرباء وقروض من البنوك وأن والدك لا يشكو من مرض وضعف حال ،بل كانت معارضاً في يوم وسجنت في السجون التركية وهذه تجربتك الخاصة.
 
   هل يرضيك يا ناظم وأننا نعيش في زمن مختلف نخاف من الأحلام التي تؤرقنا وعن واقع اقتصادي الذي فيه الغلاء وقلة الموارد وتحديات كما يقال لنا ، ومع هذا يصطادون المسؤولين ابياتك التي أخذت منك أنت ،وخاصة منها بيت أن أجمل الاحلام هي التي لم تتحقق بعد وعن أي احلام يتكلمون؟ ،هذا وانا أمر على ابياتك كل مرة لأقرأ شيء مختلف عن ما يقصده مسؤولينا التي حفظناها على لسانهم لنضحك بعدها...لسنا متشائمون لكن هناك من يرش على الموت سكر يا ناظم حكمت.. وهل يرضيك هذا يا ناظم حكمت؟
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد