خير الأسماء «نوميديا»… وأسوأ النعوت «القهوي»

mainThumb

17-08-2022 06:40 PM

«نوميديا» المؤثرة و»نوميديا» جامعة «بلقاسم حبة» لا وجه للمقارنة بين «خروج نوميديا لزول» من السجن والإعلان عن إنشاء جامعة للتكنولوجيا من طرف العالم الجزائري «بلقاسم حبة»، لكن المماثلة في أنهما أخذا مساحة واسعة من النقاش والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد حظي خروج المؤثرين والمؤثرة «نوميديا» بفرحة كبيرة وتغطية إعلامية أكبر. فرحة البراءة لمن اتهموا بالإتجار بالبشر والربح غير المشروع وغيرها من التهم الثقيلة. ورافق خروجها احتفالات وطلقات ألعاب نارية.
لم يخف رواد الفيسبوك أسفهم واحباطهم من سياسة الكيل بمكيالين تجاه الأفراد والجميع بصفة عامة، كثيرة هي الصفحات التي أجرت مقارنة بين «خروج الأستاذة – التي اتهمت بتسريب أسئلة البكالوريا، والتي لم يتطرق لها الإعلام، فقط بعض صفحات الفيسبوك – وخروج المؤثرين وخاصة «نوميديا» و»ريفكا» اللذين استقبلا استقبال الأبطال. وكيف لا يتأسف رواد مواقع التواصل الاجتماعي على «عبد العزيز بوباكير العالم – رحمة الله عليه، الراحل في صمت – وخروج نوميديا من السجن. نقطة اشتراك: صحافة تافهة». من صفحة أستاذ علم الاجتماع «حسين زبيري».
ونقرأ على صفحة «سليم ماتادوريس» مفارقة دخول أستاذة السجن. كل القنوات الإعلامية تتحدث عن الموضوع. خروج أستاذة من السجن. لا حدث دخول نوميديا السجن وخروجها. «قيامة أرطغرل»!؟
أهذه أمة محمد، التي ابتلت الأرض بدموعه عليها»؟ هكذا فقد وثقت لحظات خروج المؤثرة، لحظة بلحظة بالفيديوهات، وانتشرت بشكل لافت للنظر على اليوتيوب، أمام تعاطف الكثيرين من مؤثري وصناع «المحتوى» وغيرهم.
كما علقت صفحة «بلدية عين الترك» على المقارنة بين «الأستاذة» بدون اسم. والمؤثرة «نوميديا» مرفقة التعليق بصورتين، صورة سيارة «قناة النهار» وهي تستقبل خروج «المؤثرة» وصورة الأستاذة وحيدة: «صورة 1 خروج أستاذة من سجن بعد اتهامها بالغلط. صورة 2 خروج نوميديا من سجن بعد ممارستها للنصب والاحتيال»! كذلك رافقت منصات التواصل الاجتماعي خبر إنشاء جامعة تكنولوجية للعالم «بلقاسم حبة» بالكثير من الامتنان والرضى، مع بعض التحفظات من طرف من يعرفونه. وهذا بشأن ما نشر عن تبرع أحدهم من مدينة سطيف لمبنى ليكون مقرا للجامعة. وهذا ما كتبه السيد حاتم غاندير على صفحته على الفيسبوك: «رسالة إلى استاذي الكبير بلقاسم حبة. تحية وبعد. أنت تعرف مكانتك عندنا وعندي أنا شخصيا، لذا سأكون صريحا ومباشرا في رأيي ولا أقول ناصحا، فليس مثلنا ينصحك. كنت أتمنى ألا يفتتح مشروع معهد «نوميديا للتكنولوجيا»، وهي أول جامعة خاصة من نوعها في البلاد، بهذا الشكل غير اللائق في فيلا/ عمارة صغيرة، لأسباب كثيرة: أنت درست في جامعة ستانفورد (في الصورة) وهي أهم جامعة في العالم كانت نواة صغيرة في عام 1891 وحولها نشأت أهم مدينة للتكنولوجيا في العالم «السيلكون فالي»، وهي بيئة متكاملة للطلبة وليست مجرد حجرات وجدران وبرنامج دراسي. كنا نتوقع أن تكون جامعتك/جامعتنا نموذجا عمليا ومثالا للجامعات الخاصة والجامعات عموما في الجزائر، وهذا من حيث اختيار الموقع، والهندسة المعمارية على نمط جزائري وعصري وحديقة فسيحة، وليس مجرد مبنى، ربما يصلح للنوم أكثر وليس للعيش (مع احترامي لصاحب المبنى، لكنها صارت ثقافة مجتمع).
ويواصل صاحب المنشور عرض تحفظه وعتبه قائلا: «هناك من يبرر أن هذه بداية وأن مشاريع عملاقة مثل «أمازون» بدأت في مرآب. لكنك تعلم أن تلك المشاريع بدأت مغمورة من قبل أشخاص مغمورين، حينها لا أحد يعرفهم على عكسك أنت العالم الكبير. وإذا كانت بالنسبة إليهم مشروع شخص. فإننا نرى مشروعك مشروع وطن، يمكننا جميعا أن نساهم فيه تطوعا. ولأننا نحبك (وأنت من تلاميذ والدي في الابتدائي وما زلت تذكره، كما قلت لي). ولأننا نعرف أنك قمت بهذا المشروع حرصا وحبا لوطنك وأبناء وطنك، ولا يزايد عليكم أحد في ذلك، فإننا نرجو أن تعيدوا النظر، ولا تستعجلوا الافتتاح حتى تتمكنوا – ليس فقط من تأسيس مجرد جامعة خاصة – وإنما تكون نموذجا لمركز علمي وطني تسير على خطاه الجامعات مستقبلا في شكلها ومنهاجها وبرامجها وتقاليدها العلمية».
لكن على ما يبدو أن الصفحات التي نشرت خبر البناية، التي ستكون مقرا للجامعة الخاصة، ليس صحيحا. وهذا ما يوضحه فيديو الترويج «الأمريكي» للجامعة، على لسان أحد موظفيها في السفارة الأمريكية في الجزائر، الشاب الوسيم المسلم المبتسم، الذي تعود عليه الجزائريون، في كل المناسبات «السعيدة» يخرج ويتواصل مع «جمهوره» بلغة مزيج بين الدارجة العاصمية والفصحى، وهذه المرة رافق العالم «بلقاسم حبة»، وهو يفتتح الجامعة في منطقة الرحمانية، ضاحية غرب العاصمة. لكن هناك من له رأي آخر حول «مالك الجامعة» وتاريخ إنشائها، حيث نشر «بوشة أحسن» على صفحته على الفيسبوك ما يلي: «هذا هو سر معهد NIT معهد نوميديا، جامعة حرة أسسها البروفيسور بلحوسين وشريكه الجديد البروفيسور حبة. الجامعة موجودة من صيف 2021 أو قبلها. وأعلنت رسميا بدخول الأستاذ حبة واعتمادها من طرف وزارة التعليم العالي. الظاهر أن المؤسس الحقيقي هو هذا الرجل البروفيسور بلحوسين ابن تيزي وزو، مفرنس درس في باريس ومسؤول في القطاع الصحي وعمل في مؤسسات دولية». ويواصل السيد «بوشة».
والشيء الغريب كذلك هو غياب اسم الطبيب بلحوسين من ضجة إعلان الاعتماد. هل هي متاجرة باسم بلقاسم حبة لجلب الزبائن الميسورين. هل هي موضة الجامعات الحرة بعد القنوات الحرة وربما شركات طيران حرة يرعاها النظام الجزائري؟
وإذا عرف السبب بطل العجب. في انتظار ذوبان الثلج وبيان المرج».
يبدو أنه لا حاجة لانتظار قدوم فصل الشتاء، الذي لن يكون باردا، ولن تكون به ثلوج لمعرفة ربما العجب. إن كان ما في المنشور صحيحا، فإن ظهور البروفيسور «حبة» في الواجهة برفقة موظف السفارة الأمريكية يدخل في سياسة الترويج للإنكليزية في التعليم الابتدائي في الجزائر من جهة وباعتبار «حبة» هو منتوج الجامعات الأمريكية و»العقلية» العلمية الأمريكية. لذلك ظهر في الصورة للتعبير عن هذه السياقات كلها.
المهم، كما تساءل بعض رواد الفيسبوك، كم ستكون أسعار الدراسة بها، خاصة وأن الجامعة لا تشترط معدلا مرتفعا في البكالوريا، بل المهم هو رغبة الطالب في التخصصات الموجودة في الجامعة الخاصة. هو سياق جديد يرحب بالجامعات الخاصة وإن تأخر قليلا.

«القهوي» مؤشر جديد لتصنيف البشر

أثار فيديو «أنس تينا» جيوغرافيك جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين من اعتبروه «عنصريا» وبين من اعتبره منتقدا للسلوكات غير اللائقة في المجتمع الجزائري، وأن «تينا» نفى أن يكون «إنتاجه» فيه لبس عنصرية، عندما ختم عمله بالقول: «إن الجنس القهوي لا يتعلق بالبشرة ولا بضاحية سكن. قد تكون قهوي حتى لو كنت ناصع البياض، وحتى لو عشت في أرقى الأحياء. القهوي فكرة والفكرة لا تموت».
هذا لم يعتبر مبررا عند الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وما كتبه ريان قاسمي يدل على أن التبرير غير مقنع لعدم تطرق تينا للقهوي الآخر «السوبرمان» بين القهوي البرجوازي والقهوي الفقير. هناك إخوة وصل بهم اليأس والاحباط الدعوي إلى دعم محتوى يظنون أنه فكرة يتبنونها مهما كان الشخص تافها! لقد وجدت البعض يحابي بفيديو لأنس تينا تحت عنوان القهوي (جوهر الفيديو يركز على القهوي الفقير) دون أي تطرق للقهونة البورجوازية! تكلم فيه عن بعض مظاهر الفساد الحاصلة في الشواطئ النائية. لكم أن تفهوا أن هذا الفيديو ليس دعوة متناسقة بقواعد مطردة إلى نبذ كلي للفساد، وما ذكره من اختلاط «تكحال» وأساليب اغراء. إن نقد القهوية المتخلفة و (تلميع/ السكوت) عن القهوية الحداثية ما هو إلا عنصرية وطبقية في ممارسة المعاصي والجرائم. يأخذنا إلى فكرة «السوبرمان» أو الإنسان الأعلى التي تكلم عنها «فريديريك نيتشه» والذي يرى أن حتمية الأخلاق هي من قيمة من ينادي بها، لا أكثر ولا أقل.
هناك بالنسبة إليه، نمطان كبيران فقط من الأخلاق: أخلاق السادة وأخلاق عنصر همجي مهيمن يروقه أن يعي دائما تفوقه على العنصر المهيمن عليه. ويضيف قاسمي «مصطلح القهوي ليس تهكما على لون البشرة، كما يظن الكثير. وحتى الذين يتبنون هذا المصطلح لا يلتزمون هذا المعنى». أما على صفحة»أمازيغ»، فكتب صاحبها المنشور التالي «القهوي معناه نشأ من أولئك الشباب الذين تجدهم يجلسون طوال النهار في المقهى ويتجادلون حول الأمور السياسة يحملون كل كلامهم من هذا الأخير. يصدقونه تصديقا أعمى، ثم يبدأون بتوزيعه كما هو بتعصب من دون التأكد من مرجعيته مثل قضية الأمازيغية خرافة مثلا. فالقهوة هي الراعي الرسمي لهؤلاء. فقبل أن ينتشر هذا المصطلح كان الناس يقولون هذا كلام مقاهي فقط. القهوي هو إذن الذي تجده دائما داخل الحشد وليس إنسانا متحررا فكريا». وهناك من ذهب بعيدا في تعليقاته واعتبر أن محتوى الفيديو تحريضي لضرب السياحة في الشواطئ الجزائرية واختيار وجهات أخرى. وهناك من غاص في كتب التاريخ للتدليل على «عنصرية» الكلمة، وأن جذورها تاريخية، مثل ما كتبه «صلاح عبد الرحمان خيراني»: هل تاريخيا، ولغويا المصطلح الذي انتشر مؤخرا «القهوي» « brownie» هو وليد اليوم؟ يعود تاريخ المصطلح اللغوي إلى الأوروبيين الذين يقيمون الجنس البشري على حسب لون بشرته، فيطلقون لقب «البني على العرب والهنود الحمر «تحقيرا لهم، وأن العرق الأبيض هو المتفوق على كل الاعراق»، ربما لو لم يركز «تينا» على البحر وما يحدث فيه وبعده وركز على «تواجد» هذه الكائنات، كما سماها في كل الأماكن وعند كل الفئات والطبقات، لما شككت الناس في النوايا، لكن كل الجدل والانتقادات لا تزيد صناع المحتوى إلا علامات وتشجيعات ومشاهدات بالملايين، وهو المطلوب. تبقى القهوة سيدة النكهات الصباحية والمسائية، ومثل هذه النعوت تسيء للقهوة أيضا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد