تنامي ظاهرة حرق النساء

mainThumb

19-10-2022 01:05 PM

انشغل الرأي العام الجزائري برحيل الشيخ «أبوعبد السلام» المفاجئ، عضو لجنة الفتوى، بسكتة قلبية (76 سنة). شيخ الوسطية والاعتدال، كما نعته جل المواقع والمنصات. كان في زيارة لمنطقة «حمام السخنة» في ولاية سطيف.
الخبر الصادم، الذي تم تداوله على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة وعبر الفضائيات والأرضيات، وحسب صفحة «ذكرى وترحم» على فيسبوك فإن «الشيخ قدم إلى سطيف في رحلة دعوية بدأها من مسجد «قجال». أما «الإعلامي محمد يعقوبي فكتب على صفحته ناعيا وممجدا لمسار ومناقب الفقيد: «لم يحدث أن رأينا الشيخ أبو عبد السلام رحمه الله، يقحم نفسه في منطقة اشتباك سياسي أو فكري أو حتى فقهي. حتى عندما كان يتشدد في تحريم كل أصناف الفوائد البنكية الربوية، كان يردفها بالقول، لكنني أحترم الفقهاء، الذين لديهم آراء مخالفة. يزرع في داخلك الطمأنينة والأمان في دينك، وليس القلق والتوتر، كما تفعل بعض الفتاوى الشاردة هنا وهناك. كما ينزع دائما إلى مساحات التوافق والتكامل والانسجام المجتمعي، ولا يحب ركوب القضايا المختلف فيها حتى فقهيا، بل يعرض بين يديك كل الأقوال ثم يرجح ما يراه مناسبا لمجتمعه. العالم الذي يحرص على وحدة أمته وتماسك مجتمعه ويتفادى الفتوى في مساحات ليست من اختصاصه، ويبتعد عن إثارة الفرقة والخلافات. هذا عالم تبكي عليه الأجيال المتعاقبة حتى وإن لم تعرفه، لأنه يعيدها إلى المعين الصافي للدين، حيث السلام الداخلي للإنسان والخير العميم للبشرية جمعاء».
ولأول مرة تنشر للشيخ، ترجمة، ويذكر فيها اسمه الحقيقي على مواقع التواصل الاجتماعي، نقلا عن موقع المكتبة الجزائرية «الشاملة»: «هو جعفر أولفقي. من مواليد قرية «توريرث» بلدية «تمقرة» دائرة «آقبو» ولاية «بجاية» في 2 ديسمبر/كانون الأول 1964. قرأ القرآن في مسجد قريته، ثم توقف عن الدراسة بسبب الثورة المباركة، وبعدها استأنف الدراسة مع العمل. تحصل على الشهادة الابتدائية ثم المتوسطة، ثم دخل إلى الجامعة مع مركز التحضير للدراسات العليا. تحصل على شهادة ليسانس في اللغة العربية وآدابها (1974). وعلى شهادة الماجستير في الفقه وأصوله بتقديم رسالة كانت في البداية عن «المصالح المرسلة وسد الذرائع في الفقه المالكي».
له مسار حافل بالدروس والمواعظ وإصلاح ذات البين. وأكثر من 100 درس متلفز بالعربية، أكثر من 400 ندوة جمعة، فتاوى. وأكثر من 400 درس متلفز بالأمازيغية. ومساهمته في تفسير معاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية. واشتهر بين الجزائريين ببرنامج «فتاوى على الهواء». صلى عليه صلاة الجنازة ابنه وسط حشد كبير من الوافدين من كل مكان. رحم الله الشيخ أبوعبد السلام، الذي بكاه كل الجزائريين.

«ريما» ضحية العرف والذكورية

ما زالت دعوات رواد مواقع التواصل الاجتماعي تملأ الفضاء الأزرق، طلبا للشفاء للشابة «ريما» المنحدرة من «ماكودة» في تيڤزيرت (ولاية تيزي وزو) بعد معاناة بالإنعاش في مستشفى تيزي وزو. قبل الانتقال مؤخرا إلى مستشفى «الپاز» في إسبانيا. الواقعة التي حدثت في 26 من شهر سبتمبر/أيلول الماضي. وما زالت تشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب المنشورات الكثيرة للتبرع لها بالدم (زمرة o السالبة) عندما كانت في مستشفى تيزي وزو. أو للتبرعات المالية لتغطية تكاليف علاجها في إسبانيا. العديد من الصفحات كتبت عن خبر الحريق من الدرجة الثالثة، الذي تعرضت له الشابة ذات 28 سنة، استاذة اللغة الفرنسية. وحسب ما جاء في الصفحات الكثيرة التي تداولت الخبر (يزيد أخبار… غابة بوشاوي/الشراقة/ عين البنيان/سطاوالي/الجزائر العاصمة…) فإن «الشروق اليومي» اقتربت من محيط الضحية والجاني المنحدران من ذات المنطقة، وحاول الجميع التحفظ على الحقائق حفاظا على مشاعر العائلتين.
وأفاد هؤلاء أن الشابين كانا في حكم المخطوبين منذ 15 سنة، وهي العلاقة التي كادت لتتكلل بالزواج، غير أن الفتاة تكون قد تراجعت عن مشروع الزواج، وقررت العودة للاستقرار في المهجر، الوضع الذي لم يتقبله الجاني المفترض، وأضاف محدثونا أنه يوم الحادثة طلب لقاءها وأراد حرق حقيبة الظهر التي كانت تحمل فيها أوراقها بإفراغ البنزين عليها، الا أن الخلاف امتد بينهما وأصيبت بالحروق الخطيرة حين حاولت إخماد النار في حقيبتها. وامتدت ألسنة اللهب إلى جسدها بعد أن تبلل بالبنزين، ليتم نقلها على جناح السرعة إلى المستشفى. قبل أن تدخل في غيبوبة، لتتفاقم وضعيتها، في حين تم توقيف الجاني وإحالته على العدالة».
من تكلم واتخذ القرار بشأن «تجميدها» لهذا الشاب وهي طفلة ذات 13 سنة؟ هي الأعراف والعادات والتقاليد بين العائلات التي بدافع الرغبة في تزويج بناتها منذ نعومة أظفارهن يخلقون مآسي، للطرفين، عندما يكبرون، لذلك رفضت «ريما» رباطا «هشا» عمره 15 سنة». ماذا سيحدث لو رفضت فتاة الزواج من ذكوري تافه أقنعته والدته من صغره أن «ألف وحدة تتمناه»؟ في الجزائر سيحرقك حية. في مصر سيذبحك أمام الملأ. في الأردن سيطلق عليك الرصاص. في العراق سيشوه وجهك. في إيران ستقتلك عائلتك أولا. والقائمة طويلة!
نعم هذا هو المجتمع الفاضل، الذي يعزز ويكرم المرأة. مجتمع لو أخطأت فيه امرأة تعاقب أشد عقاب وإن لم تخطئ تعاقب أيضا. والسيد الرجل يبرر له المجتمع ويعطيه حقه من الأعذار ويدعو له بالهداية. ريما شابة جزائرية من ماكودة تيزي وزو قام بحرقها شخص يقربها لرفضها الزواج منه، حاليا تصارع بين الحياة والموت، مع الأسف»!
هذا ما كتبته منال هنانو على صفحتها على فيسبوك. وما زالت منصات التواصل الاجتماعي تتبع حالة «ريما». بعد حصولها على تأشيرة إسبانيا. نشر موقع « فمينيسيد» الخاص بنشر حوادث القتل والعنف ضد النساء بأن مليكة بلحوسين من (أ. دي. أم الدولي) كانت على اتصال بالجراحين في مستشفى «الپاز» في مدريد. وقد قام الأطباء بتغيير الضمادات وقاموا بكل الكشوفات الضرورية، وكما غيروا لها المضادات الحيوية. و»ريما» أصبحت أفضل، والأطباء متفائلون بشأن جسدها، فهناك أجزاء يمكن استعادتها بكل سهولة دون تدخل جراحي واجزاء أخرى من الجسم يمكن استعادتها بواسطة الجراحة. ونسبة الحروق 60 في المئة. وما زالت تتنفس بواسطة الأنابيب وهم بصدد تحضيرها للعمليات الجراحية ابتداء من (الاثنين الماضي).
وفي آخر المنشور، ذكرت الصفحة «أن هناك صندوق دعم للتكفل بمصاريف علاجها لمن يريد التبرع، رغم العنف الذي لم يعد سمة المدن الكبرى الكوسموبوليتية، وأصبح حتى في القرى والمداشر وبين الأهل والأقارب. وهناك من قال إن ما حدث لريما من حرق وهي حية، مثل تلك «الممارسات لا توجد في ثقافة القبائل». هذا ما يمكن قراءته على صفحة «القبائل في فرنسا».

حفيظة بريكي وتطاول ريم البارودي

كيف اجتمعت مصممة أزياء جزائرية وقسنطينية تحديدا حفيظة بريكي، والممثلة المصرية ريم البارودي وزميل هذه الأخيرة، المصري المثير للجدل محمد رمضان. سبب اللقاء كان مهرجان اللباس التقليدي. المكان «فندق الهيلتون» في الجزائر العاصمة، حيث تسارعت منصات رواد التواصل الاجتماعي إلى كشف «المستور» والوقوف بالمرصاد للممثلة ريم البارودي، التي أثارت تصريحاتها سخط الجزائريين وبعضا من المؤثرين المصريين أيضا، حيث نشرت على خاصية «ستوري» على الانستغرام تدوينة قالت فيها: «الواحد بيعرف قيمة بلده لما يسافر بره مصر عمار يا مصر. زهقت وعايزة أرجع لبلدي». وهذا الذي لم يغفره لها الجزائريون ولا لمن استدعتها، عدة مرات. وتحت غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي مسحت التدوينة، ونشرت أخرى تعتذر فيها: «لشعب الجزائر المحترمين جدا وأخواتنا بلد المليون شهيد عايزة أقول حاجة بس كده ريم البارودي بالذات أكثر فنانة مصرية تحب الشعب الجزائري وبلدي الجزائر ولم تسيء خالص للبلد أو أهل الجزائر. هو كل المشكلة كانت مع إدارة الفندق فقط لا غير وانتهت على خير».
لكن على ما يبد، أن المصممة حفيظة بريكي لم تسلم هي الأخرى من الانتقادات بسبب تصريحاتها في ما يخص غلاء التذاكر: «ثمن حضور المهرجان الذي بلغ 6900 دينار جزائري، أوضحت حفيظة بريكي، أن هدفها كان ملء القاعة بالناس التي تستحق فعلا دخول المهرجان. مضيفة «وعندما رأيت أن القاعة لم تكتمل بعد، قمت بخفض سعر الدخول»، حسب ما جاء في جريدة النهار.
وكثير من التعليقات والمنشورات على ربط قيمة الناس بقيمة التذكرة. والتصريح الغريب العجيب الذي لا يعرف سببه هو سعادة «بريكي» بأنها «محمد رمضان تاع الجزائر» واعتبرته اشهارا مجانيا لها. فهل هناك من اتهمها بـ»بلطجة» محمد رمضان الفنية، أم لا نعرف مصدر هذا التعليق منها وفحواه. المهم لا اعتذار ولا هم يحزنون. هكذا نروج للثقافة والتراث و»لا أخطيك»، كما نقول بالعامية. باسم الحفاظ على التراث يختلط الحابل بالنابل ويتم التصرف في ملكية الشعب وثقافة برعونة. المهرجان حضره نجوم وفنانون ومصممات أزياء وصانعات حلويات تقليدية في احتفالية بالتراث الجزائري.
وإن شكلت الحدث الفنانة المصرية «ريم البارودي»، وكذلك «صاحبة «المهرجان «بريكي» فإن الجزائريين الذين قد لا يعرفون ريم البارودي فهم كذلك لا يعرفون مصممة الأزياء حفيظة بريكي، والتي لا يعرف، أيضا من فوضها للاحتفال بالتراث الجزائري وأي هيئة خولت لها تلك المهمة الصعبة وبأي إمكانيات. فلم يسمع الجزائريون بالإعلان لهكذا تظاهرة «هامة» وأكيد الاستدعاءات كانت حسب مقاس صاحبة المهرجان التي رفعت سعر تذكرة الدخول «لمن يستحق ذلك» لأصحاب المال و»الشكارة»، كما يقال. فهي من نظمت ومن قيمت وحكمت على التظاهرة بالنجاح، بالرغم من افرازات الفوضى ومعارك نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد