صحيفة السوسنة الأردنية

الرومنسية باختصار ثورة على عبادة العقل وكانت مدخلا لهم لاعتماد الطبيعة منبع إلهام لمدرستهم هذه وحسب رأيهم فالكلاسية لا يحتويها قانون أو نظرية أو مدرسة بل هي امتداد لتقاليد العصور القديمة مع أنها نشأت عن إرث تاريخي وعن حاجة إلى نظام عقليّ يمجّد القيمة الفنيّة لآثار العصور القديمة بروعتها وإبداعها الذي يقف الإنسان مذهولا أمام عظمتها والنظام الذي جعلها تستحق من المرء أن يحني رأسه إجلالا للفنانين الذين فطنوا إلى أن يراعوا في عملهم الوضوح والترتيب والتناسب والصرامة وأن يهتموا بالجلال والرغبة في إتقان عملهم والدليل واضح فأعمالهم حتى هذه اللحظة تشهد على مقدار الجهد الذي بذلوه للوصول إلى هذه الدرجة من الإبداع ..
وليست الكلاسيكية فقط هي التي تمجد القديم فقط فهي متشعبة الأغراض والإتجاهات فتشمل الفلسفة والكوميديا والبلاغة وهي تتنافى مع الخيال الجامح كما تتنافى مع الواقعية والحياة اليومية البغيضة واللافت للنظر أنها في أعمالها الفنيّة لا تلقي بالا إلى أن ترضي أهواء البشر .. يقول بودلير : إن ما لا يكون في شكله بعض الشذوذ يبدو بلا إحساس ..
وقد اهتمت الكلاسيكية الحديثة في مواضيع عدّة من أهمّها نقاء النماذج الدرامية ومفهوم محاكاة الواقع ثم وحدات الحدث والزمان والمكان ثم اهتموا برسم الشخصيات التي كانوا يسمونها بالمطابقة أي مطابقة الشخصية المسرحية للمعايير المتعارف عليها ..
والحقيقة أنّ اختلاف دعاة الرومنسية ودعاة الكلاسيكية أثروا بلا شك الزخم الثقافي في مجالات عدة وقد انقسم الناس إلى فريقين فريق مع وفريق ضد وكلا الفريقين رابحان فالرومنسي حريص على معرفة الكلاسيكية والكلاسيكي حريص أيضا على معرفة الرومنسية وفي اعتقادي أن الرابح الأكبر هو الثقافة ...