مطرق رمان

mainThumb

08-11-2022 05:29 PM

مطيعٌ مطيعُ لأمه لا يخالف لها امرا أو شرطا، فإن قالت الشمس طلعت من الغرب يقول لها صدقت .في الخامسة والعشرين من عمره، قالت له: " آن لنا ان نفرح بزواجك يا بني ! فقال الابن مبتهجا : انا رهن اشارتك يا أماه!
لكني ارغب في الزواج من سلوى بنت المراكبي. صعقت واقسمت اغلظ الايمان أنها لن ترضَ عنه أبدا إن فعل. قالت : " انا قررت ان ازوجك بنت اختي " فضة" بنت خالتك فضية! فهي من دمنا ولحمنا فلن اجد خيرا منها حنانا وعطفا!" فوافق الابن مطيع. لكنه اشترط ألا يتم الزواج إلا بعد سنة من كتب الكتاب. قال: انا احتاج الى سنة كاملة حتى اتعرف جيدا عليها وتعرفني هي بدورها . انا لن اتزوج دون ان أعرف طبائع من أتزوج ...
ومضت سنة ،وحان يوم الزفاف:
جلبت العروس على حصان أبيض في زفة مهيبة!
كانت العجوز ام مطيع قد حضّرت قطعة عجين وعندما هَمَّت العروس دخول البيت ناولتها العجوز قطعة العجين قائلة الصقيها فوق الباب. تناولت العروس قطعة العجين ولصقتها على جبهة خالتها ام المطيع قائلة بعنجهية : "
خذيها على صباحك ، ما هذا التخلف؟
ضحكت العجوز بمرارة وكظمت غيظها كي لا تفسد الزواج !
دخلت العروس البيت وجلست فوق منصة تشبه اللوج !
وعند الغروب ادخل العريس وجلس بجانب عروسه فوق المنصة ورقصت قريباته فرحا بالزفاف! لكن العجوز ام المطيع اختفت في حديقة المنزل متجهة الى شجرة رمان شبّت أماليدها الى الأعلى.
وساد الهدوء البيت ، الا ان العجوز وقفت خلف الباب! تسترق السمع ! كانت تمسك بيدها املود رمان لدن لو ضربت به بغلا لطاح أرضا من الألم !
لم تَنَم العجوز تلك الليلة فما زال يتردد في سمعها العبارات القاسية التي تلفظت بها بنت اختها !
عند الساعة السادسة صباحا طرقت الباب
مناديه ابنها المطيع : نهض المطيع مسرعا ملبيا نداء امه، وعندما خرج من الباب وحده سألته اين" فضة؟"
قال لها : " مازالت نائمة!"
ارتعدت فرائص العجوز ودفعت ابنها جانبا .. دخلت غرفة النوم فوجدت فضة نائمة في لباس نومها الشفاف!
احست فضة بخالتها عندما دفعت الباب لكنها تظاهرت بالنوم العميق: قالت العجوز : " ما شاء الله عنك ، نوم الضحى ! ثم طرقتها بمطراق الرمان فقفزت الفتاة من السرير ترتجف من الرعب والألم , واصلت العجوز جلدها بأملود الرمان قائلة : هذه صباحيتك يا قليلة الأدب، ان كنت ناسية ما فعلت امس فأنا لا انسى!
اخذت الفتاة تصرخ ألما والعجوز تواصل ضربها. اسرع الابن لينقذها فعاجلته العجوز وطرقت صدره وذراعيه صارخة : ارجع ... ابتعد وانهالت عليه ضربا.
اشتد به الغضب و الألم وهمّ بدفع العجوز الا انه تذكر :" وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا."
توقفت الام عن الضرب لكنها استمرت في توبيخ العروسين قائلة لابنها: " هذه المرأة تصرفت تصرفا مشينا امام النساء أمس عندما همت بدخول الباب اذ ناولتها قطعة العجين فألصقتها على جبهتي وقالت أف ما هذا التخلف؟ فهل يرضيك ذلك."
أجاب الولد :" يداك ٍ اوكتا وفوكِ نفخ ، هذا اختيارك أنسيت اصرارك ان تزوجينها! وخطف املود الرمان من يدها وانهال ضربا على جسد العروس.
لم تتدخل العجوز لكنها اخذت تذرع الغرفة ذهابا وإيابا وعندما تصل ابنها كان تطبع قبلة على جبينه قائلة:" : احسنت أريدك دوما هكذا ابن امك ! لا تجعلها تسيطر عليك كن انت دائما المسيطر!

وبعد ذلك ساد الهدوء وخرجت العجوز . بقي العروسان لوحدهما في غرفة النوم، لكن العجوز نسيت مِطرق الرمان مركيا على طرف السرير ، امسكت به العروس وغافلت المطيع فانهالت عليه ضربا حتى علا صراخه .... هبت العجوز مندفعة في غرفة النوم فوجدت ابنها عاري الساقين ينزفان دما من جروح أحدثها الضرب بأملود الرمان !
صرخت بفضة : استحي يا بنت ! هات المطراق ! رفضت تسليمها المطراق قائلة: سأضرب أي شخص يقترب مني! انا فقدت عقلي! فقالت العجوز : يا بنتي تذكري اني خالتك وهذا ابني زوجك ... قاطعتها الفتاة قائلة... " البادي اظلم.... هيا أعيدوني الى بيت اهلي!"
قالت العجوز : حاضر اجمعي ملابسك وسأعيدك فورا الى اهلك. لكن تذكري الناس : انك لوعدت في صباح اليوم التالي لزفافك . سيظنون بك ظن السوء . اعقلي يا بنيتي واجلسي هادئة.
حان موعد الغداء ... أعدت العجوز الغداء فتناوله الجميع بهدوء.
خلت العجوز بابنها المطيع الذي لا يعصي لها امرا,
قالت له : كن حازما معها ولا تلب لها طلبا الا بعد مشورتي , ارجع إليّ في كل صغيرة وكبيرة ، حتى عند النوم في الفراش : سأضع لك جدولا ،انظر فوق باب غرفة النوم : لقد ركبت نورين : احمر وأخضر سأضيئ في المساء واحدا منها فإن كان الضوء أحمرا لا تنم معها في سرير واحد ، وان كان اخضرا فلك الخيار ام ان تُقْدِم أو تُحْجِم.
وتمضي الأيام
فكانت في صباح يوم الضوء الأخضر تحيل حياة فضة جحيما تضربها وتهينها عندما تراها قد استحمت : اقتنت العجوز مزيدا من الارانب والدجاج بكثرة وعدد قليل من الأغنام
وبغلا وحمارا . أَوْكَلت فضةَ العناية َبالدواب والدجاج والأرانب . فكانت تنهض باكرا فتعلف الدجاج ثم تكنس قن الدجاج وتسكب المخلفات تحت أشجار الحديقة. ثم كان عليها ان تدخل المطبخ _ تجلي الصحون وتنظفها ثم تحضر طعام الإفطار للعجوز . ودأبت العجوز على تدخين الارجلية فأجبرت فضة على تحضيرها وتقديمها لها.
وأحيانا انتاب العجوز القلق فيهجر النوم عيونها. وفي يوم من الأيام أخْلَت غرفة ووضعت فيها ارجوحة ذات مقعد واسع . كانت العجوز تتمدد عليه وتطلب من فضة ان تهز الارجوحة حتى تنام العجوز!
وفي يوم نظرت العجوز الى الحمار . قالت لفضة’ : الحمار بحاجة الى حمام هات ليفة خشنة ونظفي الحمار بالماء والصابون !
ذات ليلة شاهدت فضة ان الضوء فوق الباب احمر . فادركت السر وراء احجام زوجها عن النوم في سريرها كلما كان الضوء احمرا، فبادرت الى فراش زوجها ... لكن العجوز احست ان امرأ ما يقع في غرفة نوم ابنها... دفعت الباب فشاهدت ان الابن قد خالف امرها . خرجت غاضبة من الغرفة واحضرت خيزرانه وعادت وانهالت على ابنها شبه العاري ضربا بالخيزرانة: قائلة ويلك من الله أتخالف امري ! ثم انهالت أيضا على فضة بالخيزرانة واقسمت الا تنام في البيت واقتادتها الى كهف كبير خلف البيت مخصص للحمير والبقر . كان الكهف مظلما فدفعتها الى قاطع يخزن فيه التبن سقطت الفتاة على كوم تبن ناعم. لكن كانت رائحة روث الحمير والبقر تزكم الانوف وتركتها هناك ! شاهدت فضة كلبا ضخما يلوح كالشبح في مدخل الكهف فظنته ذئبا . وصاحت عاليا من الرعب . فهرعت اليها العجوز تحمل مصباحا يدويا. سالتها : ما دهاك؟ اجابت:" شاهدت وحشا في باب الكهف" فقالت العجوز :" ستمضين الليل هنا حتى لو رأيت كل وحوش الأرض وعفاريتها "!وقالت لها في كل مرة ترين فيها الضوء احمرا ستنامين هنا مع الدواب من الان فصاعدا"
لم تذق فضة طعم النوم في تلك الليلة. . وتمضي الأيام وفي كل يوم تبتكر العجوز فن تعذيب لفضة . انجبت فضة ثلاث بنات وصبيين، كانت البنت الكبرى في السابعة من عمرها.
في يوم حنّت العجوز على ابنة ابنها الكبرى فوضعت راسها على ركبتها تفلي شعرها لكن العجوز اللئيمة دبرت امرا : وضعت كمية من القمل في راس الفتاة كانت قد جمعتها في ورقة ودست القمل في راس الطفلة! كانت العجوز تعرف جيدا ان ابنها اشد ما يكون غضبا عندما يرى القمل في راس بنته او من حوله!
وبعد أسبوع في يوم الجمعة جلست العجوز ضحى في ظل شجرة في الحديقة. اخذت تمشط ابنة ابنها الذي كان يجلس على مقعد قريب منها. صرخت العجوز ما هذا راس البنت يعج قملا !
ارتعدت فرائص الابن فنهض واقترب فأخذت العجوز تقلب شعر البنت وتقول له انظر... كان القمل الذي دسته العجوز في شعر الطفلة قد تكاثر وتضاعف! اشتاط المطيع غضبا وحمل خيزرانة متجها الى زوجته ، شاهدته الزوجة فعرفت انه غاضب قادم لضربها ... اغلقت الباب بأحكام وانسلت من الباب الخلفي واسرعت نحو بيت أهلها!
وصلت بيت أهلها مذعورة ، فشكت امرها لأمها وصنوف العذاب التي تذيقها إياها العجوز خالتها .
كانت أم فضة أشد مكرا من اختها ام المطيع . قالت لبنتها بعد أسبوع انا اخلصك من العذاب المستمر ...
وفي منتصف الأسبوع اصطحبت فضية ابنتها فضة مساء وعادت بها الى بيت الزوجية. سلمت على اختها بحرارة وقالت انها جاءت تلوم مطيعا لمعاملته القاسية لبنتها ....
اصر مطيع ان تبقى خالته عددا من الايام عندهم . وفي الصباح قالت الخالة ان زوجها سيلحق بها اليوم. شاور مطيع امه في ان يذبح خروفا سمينا كالكبش قبل ان يذهب في مشوار بعيد ... خرج مطيع من البيت بعد ان ابلغ زوجته انه سيعود عند الثانية ظهرا عند موعد الغداء...
أُشْعِلَت النار في حديقة البيت : ارادت ام المطيع ان تحضر منسفا على نار الحطب!
وجلست تعد الطعام في قدر كبير .
شغلت العجوز بتحضير المنسف ... تقدمت اختها فضية من خلفها بخفة تحمل بلطة وهوت بها على راس اختها .... فانطرحت ارضا وقد انشقت جمجمتها وتناثر دماغها على الأرض . جرَتها اختها نحو حمام خارجي في حديقة المنزل وهناك جردتها ملابسها واخفت ملابسها في سيفون الحمام وسلة المهملات : قَطّعَت فضية أوصال اختها ام المطيع وحملتها في لجن ثم اسقطت الأوصال وقطع اللحم في القدر الكبير واخذت تزيد القدر نارا حتى نضج اللحم . كانت قد خلطت قطع لحم اختها بلحم الخروف . وتم تحضير منسفين كبيرين... وضعت فضة وامها فضية المنسفين على طاولتين في غرفة الطعام. وانسلت فضية وابنتها من المنزل.
عاد مطيع عند الساعة الثانية فلم يجد أحدا في البيت إذ اخذت فضة اطفالها معها ... دخل غرفة الطعام ... انتظر قدوم الضيف الذي لم يحضر. اشتد به الجوع فكشف الغطاء عن منسف فوجد ان اللحم ذا لونين لحم احمر داكن ولحم احمر باهت مائل للصفرة : تذوق النوعين لكنه كان جائعا فاكل حتى شبع .
خرج من غرفة النوم باحثا عن امه وزوجته وأولاده في الحديقة... فتش الحديقة شبرا شبرا فلم يعثر على احد ... شعر بالحاجة الى الذهاب الى الحمام . فقال في نفسه سأدخل هذا الحمام الخارجي ... دخل الحمام ... اشتم رائحة كريهة غريبة ... نظر الى سلة المهملات فشاهد الذباب يحوم عندها ... تقدم ورفع الغطاء فشاهد ملابس امه وقطع جلد ادمي ملتوية في ثنايا الثياب ... ادرك ان الام قد غُدِرَت وقتلت ... عاد الى المنسفين وتأملهما دقق النظر في اللحم المائل الى الصفرة فصدم صدمة شديدة عندما ادرك انه اكل من لحم امه... دارت به الارض فانطرح متهالكا على صوفا . تقيّء لاإراديا، ارتمى على الصوفة حتى استعاد شيئا من قوته. خرج من المنزل الى الحديقة شاهد مذود الحمار امام الكهف قد مليء تبنا زيادة عن المعهود... ازاح التبن فوجد ان الأرض تحته قد حفرت حديثا، احضر مجرفة فأزال التراب حتى نبشت المجرفة جمجمة بشرية .. لم يتعرف على معالمها لكنه دقق في الاسنان فشاهد سنيّ ذهب في الفك الا يسر .. صرخ عاليا اماه... اماه... واتصل بقوٍات الامن مرتبكا يبكي... حضر رجال الامن واخذوا شواهد ودلائل وعينات من مسرح الجريمة!
القي القبض سريعا على فضة وامها فضية وتم احتجازهما للتحقيق!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد