الفقر والاستبداد
هل يمكن التخلص من الفقر في ظل نظام مستبد ؟
و هل هنالك علاقة بين الديمقراطية و التخلص من افة الفقر؟
يعتبر الفقر انتهاكا جوهريا لحقوق الانسان ، وخاصية الفقر هي أنه لا يمثل انتهاكا لواحد من حقوق الانسان و إنما يمثل انتهاكا لجميع حقوقه . لذلك بدأ الحديث في العقد الأخير من القرن الماضي عن الفقر باعتباره انتهاكا شاملا لحقوق الانسان . و قد ذهب الزعيم الراحل نيلسون منديلا أبعد من ذلك في قمة كوبنهاكن حين وصف الفقر وصفا بليغا باعتباره " الوجه الحديث للعبودية " و كما ألغت البشرية العبودية في القرن التاسع عشر و جرمتها ، فهي مطالبة اليوم بإلغاء الفقر و تجريمه لأنه يتسبب في أشكال جديدة من العبودية . فالفقر يمس بالكرامة الانسانية و يحرم الانسان من التمتع بحقوقه كإنسان سواء الحقوق المدنية و السياسية ناهيك عن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية .
و على هذا الأساس جاءت الجهود الدولية للقضاء على الفقر بداية بإعلان الحق في التنمية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1986و مؤتمر فينا عام 1993 و القمة العالمية للتنمية الاجتماعية 1995و إعلان الألفية و العشرية (1997-2006) فكان الهدف الأول من أهداف التنمية الألفية (Millennium Development Goals) هو تخفيض نسبة الفقراء في العالم إلى النصف بحلول عام 2015و اعتبار ذلك واجبا اخلاقيا و اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا . و قد تم الربط بين الفقر و حقوق الانسان و الحق في التنمية و الحكم الصالح الديمقراطي في الوثيقة العملية الصادرة أواسط عام 2003 عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية .
و في هذا الاطار تجدر الاشارة الى أن الدراسات الكمية شملت130دولة و لفترة زمنية تصل الى خمسة قرون تشيرالى وجود ارتباط بين الديمقراطية و الدخل (الديمقراطية و القضاء على الفقر) حيث اثبتت أن الديمقراطية تؤدي إلى تحسين مستوى الدخل (و بالتالي القضاء على الفقر) أكثر مما يؤدي تحسن الدخل إلى تنامي الديمقراطية . كما تشير استطلاعات الرأي في عدد متنوع من دول العالم على أن معظم النتائج تؤكد انحياز الطبقة الوسطى إلى القيم الديمقراطية أكثرمن الطبقة العليا( التي تخشى من أن تضر الديمقراطية بمصالحها ومواقعها في هرم السلطة) و من الطبقة الفقيرة ( نظرا إلى جهلها) ، بينما ترى الطبقة الوسطى أن الديمقراطية ستحسن من موقعها في هرم السلطة ، كما أنها تمتلك المعرفة التي تؤهلها لتعزيز موقعها. ويدلل هذا على مدى أهمية القضاء على الفقر و زيادة عدد البشر في الطبقة الوسطى لما له دور في تعزيز قيم الديمقراطية و حقوق الانسان .
إن مفهوم الفقر لا يقتصر على المفهوم السائد لدى العديد من الحكومات العربية و الشعوب كذلك و يتمثل الاطعام من جوع ، و انما هو مفهوم يشمل الاطعام من جوع و الامان من الخوف .
بناء على ذلك عرفت اللجنة المعنية بحقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة الفقر تعريفا شاملا على اعتباره" ظرف إنساني يتسم بالحرمان المستدام أو المزمن من الموارد و المقدرات و الخيارات و الأمن و القوة الضرورية للتمتع بمستوى لائق من الحقوق المدنية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية .
أما في الأردن فقد تم تعريف الفقر بأنه " عدم القدرة على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية الغذائية و غير الغذائية ( الملبس ، و المسكن، و التعليم ، و الصحة ،و المواصلات )"
و على هذا الاساس فأن جهود الحكومات الاردنية المتعاقبة للحد من ظاهرة الفقر ، اتجهت الى جانب واحد هو مكافحة الجوع ، فركزت جهودها على برامج ، منها ما تعلق بالجانب الرسمي كإنشاء مؤسسات رسمية للإشراف على برامج مكافحة الفقر ( كصندوق المعونة الوطنية و صندوق التنمية و التشغيل و صندوق الزكاة وزارة التنمية الاجتماعية و الجمعيات الخيرية التابعة لها....) و منها ما يتعلق بالبرامج و الخطط و الاستراتيجيات الهادفة لمكافحة ظاهرة الفقر و الحد منها ( كالاستراتيجية الوطنية للحد من الفقر 2002 نحو اردن افضل ، برنامج الانتاجية الاجتماعية 2003، برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي و الخطة الاقتصادية و الاجتماعية 2004-2006، الأجندة الوطنية 2006،برنامج عمل الحكومة للتشغيل و مكافحة الفقر2006-2007،برنامج التشغيل الوطني 2008،برنامج تعزيز الحماية الاجتماعية 2008،البرامج التنفيذية للأجندة الوطنية 2009-2011 -2013،الاستراتيجية الوطنية للحد من الفقر 2013-2017) .
و قد اعتمدت الحكومة سياسات متعددة لمكافحة ظاهرة الفقر ، منها : تقديم الدعم النقدي المباشر و ذلك من خلال تقديم المعونات النقدية للأسر الفقيرة ، و منها خلق فرص عمل و توفير الدعم للمشاريع الانتاجية للاسر الفقيرة ، و منها تحسين البنية التحتية في المناطق الفقيرة ، و منها البرامج التدريبية و التأهيلية للفقراء على مهن معينة ، ومنها سياسات غير مباشر تتعلق بإعادة هيكلة قطاعات التعليم المهني و الزراعي و القطاعات الانتاجية المختلفة بالتنسيق مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل للفقراء .
و على الرغم من هذه الجهود الحكومية ، إلا أن الاردن ما زال يعاني من استمرار ارتفاع معدل الفقر كما يتبين في الجدول رقم () حيث تتراوح بين 13% الى 14% تقريبا منذ عام 2002 و لغاية عام 2014. و يبين مؤشر الشكل رقم () الى خط مستقيم ليس فيه انحناءات صعودا وهبوطا مما يدلل على ثبات معدل الفقر في المملكة خلال الفترة من 2002-2014
الأمر الذي يمكن الاستنتاج من خلاله بفشل السياسات و الاستراتيجيات الحكومية في التعامل مع ظاهرة الفقر . و قد يكون ذلك عائد الى الفلسفة الحكومية في التعامل مع ظاهرة الفقر بإعتبار الفقر عدم القدرة على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية الغذائية و غير الغذائية (الملبس ، و المسكن، و التعليم ، و الصحة ،و المواصلات) ، و هي فلسفة تبدو قاصرة ( أطعمهم من جوع) و لا ترقى للفلسفة العالمية للظاهرة التي عبرت عنها عبارة الزعيم نيلسون منديلا الشهيرة " الفقر هو الوجه الحديث للعبودية " و أن الديمقراطية تؤدي إلى القضاء على الفقر ، كما سبقت الاشارة
و يمكن أن نعزو فشل السياسات الحكومية في الحد من ظاهرة الفقر الى جملة من الاسباب :
(أ) الظروف السياسية المحيطة بالمنطقة و أثر ذلك على الاردن من خلال استضافة عدد كبير من اللاجئيين من مختلف الجنسيات.
(ب) استمرار منافسة العمالة الوافدة للعمالة الوطنية .
(ج) التحولات الديمغرافية في التركيبة السكانية نتيجة التقدم الصحي الذي يسهم في ارتفاع نسبة المواليد و قلة عدد الوفيات ، دون أن يترافق مع ذلك تغير الخطط السياسياسات الحكومية للعمل على تأمين فرص عمل و تحسين مستوى المعيشة للمواطنيين .
(د) ضعف التخطيط في تنفيذ المشاريع التنموية الميكروية على مستوى المحافظات و ادارتها من قبل مؤسسات المجتمع المدني ، و عدم التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني لتحديد أماكن تنفيذ المشاريع .
(هـ) الأزمات الاقتصادية العالمية ( سياسات الخصخصة و تراجع النمو الاقتصادي ، ضمور قطاعات الزراعة و الثروة الحيوانية ، سنوات الجفاف المتتالية ).
انطلاقا مما سبق يمكن الجزم بأن مشكلة الفقر في بلدنا لن تجد طريقها للحل، في ظل غياب الحريات العامة و النظام الديمقراطي، و في ظل نظام يعمل لمصلحة الطبقة الرأسمالية البرجوازية، لا بل و لا يجد حلا لمشاكل المالية الا من خلال التوسع في فرض المزيد من الضرائب، و بالتالي جيوب الشعب الفقير، الامر الذي يفاقم مشكلة الفقر و يزيدها.
إن الحرية و الديمقراطية كنظام حكم يقوم على تحقيق العدالة و المساواة، و يكون الشعب هو حاكم نفسه، هي الطريق لحل مشاكل الجوع و الفقر، أما سياسات المساعدات و الصدقات فهي سياسة تضيف لمشكلة الفقر، امتهانا لكرامة الإنسان و اذلالا له.
فارس البريزات يستعرض تجربة البترا في مؤتمر سياحة المغامرات بالفجيرة
قراءة في إنسداد الافق الإقتصادي الأردني
اللقاء التشاوري الـ13 يبحث تعزيز التعاون الاقتصادي الخليجي
تراجع الرفاهية بين الشباب عالميًا بسبب العزلة
هرمون السعادة والذكاء الاصطناعي
كامالا هاريس تنتقد سياسات ترامب الاقتصادية
ضبط معتدٍ على الثروة الحرجية في عجلون
الحكومة تدعم ريادة الأعمال وتحديث الاقتصاد 2025
تحديث شامل لتعليمات دخول السوريين للأردن
ألغام غرفة الأخبار .. كتاب إعلامي للصحفي آلجي حسين
نتنياهو: حرائق الغابات تقترب من القدس
مقتل 15 شخصًا في كمين قد يفجر الأوضاع في سوريا
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
خبر سار لأصحاب المركبات الكهربائية في الأردن
مسلسل تحت سابع أرض يتسبّب بإقالة 3 مسؤولين سوريين .. ما القصة
الملك يستجيب لنداء الشاعر براش .. توجيه ملكي
توضيح مهم بشأن تطبيق العقوبات البديلة للمحكومين
رسائل احتيالية .. تحذير هام للأردنيين من أمانة عمان
الخط الحجازي الأردني يطلق أولى رحلاته السياحية إلى رحاب
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
أمطار غزيرة مصحوبة بالبرق والرعد في هذه المناطق .. فيديو
مصدر أمني:ما يتم تداوله غير صحيح
أول رد من حماس على الشتائم التي وجهها عباس للحركة
رفع إنتاجية غاز الريشة إلى 418 مليون قدم يوميا
بيان من عشيرة الشماسين بعد كشف جريمة قتل ابنها