أصدقاء الاحتلال الإسرائيلي والخروج من عنق الزجاجة

mainThumb

28-11-2023 07:29 PM

لماذا أغضب جون بونتون حليفة نتنياهو؟
وهل جنوب القطاع سيتعرض لهجوم إسرائيلي وشيك؟
وماذا عن الدوافع والمحبطاتَ في حرب طال أمدها وتجاوزت كل الخطوط الحُمْر؟
ما علاقة العمال التايلنديين في إنقاذ "إسرائيل"؟
وأسئلة أخرى
عجزت "إسرائيل" عن القيام بدورها الوظيفي لصالح الدول الغربية التي أقامتها على أنقاض فلسطين وبالتحديد بريطانيا صاحبة وعد بلفور.
فكانت ضربة طوفان الأقصى والتي أعقبها هجوم إسرائيلي تطهيري على القطاع وُصِفَ بأنه فاشل، فتحول الاحتلال من جرّاء ذلك بجيشه الذي لا يقهر إلى عبء على حلفائه، فلم يعد يقوى على العيش بدون رعاية أمريكا، فيما هي تراقب كيف بات هذا الجيش المدجج بأشد الأسلحة ذكاءً وفتكاً، قليلَ الهمّة واهناً، كأنه خرج من حلبة المصارعة لتوّه مضعضعاًا، أمام ضربات المقاومة الماحقة في إطار وحدة الساحات.
هذا فحوى ما ذهب إليه أكبر أنصار الكيان الإسرائيلي، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد ترامب، جون بولتون، من باب النقد الجاد وتقديم المشورة له، في كيفية الخروج من عنق الزجاجة دون اختناق.
قال بولتون، في مقال بعنوان “حماس حققت انتصاراً كبيراً على إسرائيل” في صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية بأن "إسرائيل" سمحت لحركة حماس بتحقيق انتصار كبير من خلال الموافقة على صفقة تبادل الأسرى والهدنة الإنسانية.
واعتبر بولتون أن “الصفقة لها فوائد، ولكن هناك أيضا تكاليف".. وفي هذه الحالة، "حققت حماس نصراً كبيراً".
وأضاف بأنه ليس من الواضح فيما لو كانت هذه الصفقة ستشكل سابقة سلبية نهائية ل"إسرائيل"؛ لكنها تلقي بظلال من الشك على ما إذا كانت "إسرائيل" قادرة على تحقيق هدفها المشروع وهو القضاء على “التهديد الإرهابي” الذي تشكله حماس-وفق تعبيره-.
وهذا يمثل جزءاً من رؤية بولتون الاستراتيجية تجاه إيران عبر مسيرته السياسية والأمنية في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فيما ظلت تمثل أهم مرتكزاته الفكرية في تشخيص السياسة الأمريكية الراهنة تجاه ما تشكله إيران وأذرعها من خطر وجوديّ على كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ويهدف بولتون من توريط أمريكا في ضرب إيران إلى تحقيق هدفين، وهما:
أولاً:- انقاذ "إسرائيل" من مأزقها الوجودي إزاء ما وصفه بانتصار حماس المبين، على اعتبار أنها تدير تفاصيل الحرب وتمسك بخيوطها بدهاء، ما يجعل من المستحيل اجتثاثها.
لذلك يرى بولتون بأنه لا بد من قطع رأس الأفعى المتمثل بطهران -وفق رؤيته- التي تدير المشهد الإقليمي من وراء حجاب، من خلال توظيف أذرعها في المنطقة، وقد تكاتفت مجتمعة ضد "إسرائيل" من خلال عدة جبهات (غزة وجنوب لبنان وباب المندب)، وهذا التعدد في الجبهات سيحول دون جيش الاحتلال والقدرة على مشاغلتها معاً بكفاءة واقتدار، بالقياس إلى أدائه المتعثر في حربه على قطاع غزة. إذ لا بد من التركيز على جبهة غزة فقط دون غيرها.
ثانياً:- القيام بضربة استباقية تستهدف تدمير جميع الموانئ الإيرانية والتحذير من استهداف المشروع النووي الإيراني إذا استمرت إيران على نهجها في تحريك اذرعها الإقليمية ضد المصالح الأمريكية و"إسرائيل"، بغية اختلاق الذرائع التي ستهيئ في الوقت المناسب لقرار قد يجيز لأمريكا تدمير المنشآت النووية في العمق الإيراني.
ويتم ذلك بمشاركة إسرائيلية دأب نتنياهو على المبادرة إليها قبل تورطه في مستنقع غزة، وبالتالي قطع الطريق على إنتاج طهران لأول قنبلة نووية منتظرة، قد تساعدها - لو نجحت في ذلك- على العربدة الإقليمية دون رادع.. طبعاً وفق رؤية أشد الصقور الأمريكية ضراوة، بولتون.
في المحصلة فالدور الوظيفي الإسرائيلي الرادع لإيران أو أي محاولة عربية للنهوض- كتجربة صدام التي أجهضت- بات مشكوكاً فيه.. بعدما عجز نتنياهو عن تحقيق أهدافه في الحرب المجنونة على غزة، حيث تركته عملية طوفان الأقصى صاغراً بلا جناحين، وقد تبدّى الياسُ ورهابُ المستقبل في عينيه الذابلتين ورأسِهِ المثقلُ بالفوضى.
وكعهد بولتون فيما يتعلق بإيران، فقد وجد بأن حماية "إسرائيل" من أولويات الأمن القومي الأمريكي، ما يستلزم من واشنطن -على سبيل التمني- الإيعاز لحاملات الطائرات الأمريكية كي تتولى مهام الضربة الاستباقية ضد إيران في مرحلة أولى يتم من خلالها ضرب الموانئ الإيرانية وتدمير بُنَاها التحتية.. حيث يدفع بولتون تجاه ذلك.. حتى لو تسبب الأمر بنشوب حرب عالمية ثالثة.
وتكمن الكارثة المنتظرة بما ينسجم ورؤية بولتون، في القرار الأخطر الذي اتخذه جو بايدن يوم أمس، بالسماح لجيش الاحتلال الإسرائيلي المتعطش لدماء الفلسطينيين، في استخدام مخزون الأسلحة الأمريكية لدى "إسرائيل"وهو مخزون استراتيجي أمريكي يدار من قبل خبراء تابعين للجيش الأمريكي الأوسط، لاستخدامه في أي حرب إقليمية محتملة.
وهو تلميح إلى إمكانية استخدامه ضد إيران فيما لو توسعت حرب غزة، ما يوحي بأن نتنياهو عازم على المضي قدماً في حرب الإبادة ضد غزة وبالتالي اجتثاث حماس من جذورها رغم استحالة ذلك.
ويبدو أن حسابات بولتون لم تأخذ بالحسبان الحقائق التي تشير إلى أن ما استخدمه جيش الاحتلال ضد القطاع يضاهي في قدرته التدميرية قنبلتين نوويتين بحجم ما ألقته أمريكا على هوريشيما في الحرب العالمية الثانية، دون أن تحقق الأهداف الإسرائيلية؛ سوى ارتكاب المجازر بحق أهل غزة؛ إلا أنها بالمقابل -رغم قساوتها- قلبت الراي العام العالمي على "إسرائيل" باعتبار أنها احتلال يمارس سياسة التطهير العرقي بحق أصحاب الأرض الشرعيين في سابقة غير مشهودة.
ناهيك عن أن أنفاق غزة (الدفاعية واللوجستية والهجومية) سلاح حمساوي استراتيجي كفيلٌ بصد أي هجوم قد يتجدد مستهدفاً جنوب القطاع، مع أن الشواهد تثبت بأن قوات جيش الاحتلال في الشمال والوسط غير مستقرة وكأنها غارقة في الرمال المتحركة؛ وإلّا لما سلمت حماس الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر من عمق المناطق التي يدّعي الاحتلال بأنه باسطٌ سيطرته عليها.. مثل ساحة فلسطين التي شهدت استعراضاً لقوات حماس وهي تسلم أسرى العدو بابتسامات متبادلة توحي بتمكن الحركةمن إمساك خيوط اللعبة بدهاء.
وتجدر الإشارة إلى فشل جيش الاحتلال في ترحيل أهل غزة نحو سيناء، رغم تدمير 70% من بيوت غزة على رؤوس أهلها في سياق تطهير عرقي ممنهج، ولا أخلاقي، فلو استمرت هذه الممارسات الفاشية النازية ضد الفلسطينيين فسوف يكون من شأنها تأليب الراي العالم العالمي على الكيان المحتل، الذي حشرته سياساته العمياء في الزاوية، فبات يخسر مقومات وجوده باعتراف الإسرائيليين أنفسهم.
هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار بأنه في حرب الإرادات، فالكفة ستميل لصالح حماس كحركة تحرير وطنية، حيث أثبتت القدرة على التحكم بتفاصيل الحرب الشرسة رغم أنها محاصرة منذ أكثر من عقد، وكانت جديرة بالانتصار على الاحتلال وردعه في حربها الوجودية.
ولعل من أهم موانع الاستمرار في الحرب الخاسرة، أن الاقتصاد الإسرائيلي في كل القطاعات استُنْزِفَ وتقلص حجمه إلى ما دون التوقعات، على نحو افتقار سوق العمل إلى الأيدي العاملة التي بدونها سوف تتوقف الحركة الصناعية والزراعية التي يصعب تعويضها.
ناهيك عن عجز الاحتلال في إعادة استصلاح الأراضي الزراعية بغلاف غزة والتي تشكل 20% من الأراضي الزراعية في عموم "إسرائيل" -وهي أراضي تم سلبها من الفلسطينيين عام ثمانية وأربعين- وعزوف المزارعين الكبار عن العودة إليها رغم الإغراءات السخية التي قدمت إليهم، وفضلوا البقاء كفئة غير مرغوب بها في الوسط الاشكانزي العنصري كونهم من السفرديم الشرقيين. وفق الإعلام العبري.
وعليه فمن سيعوض النقص في العمالة الأجنبية الرخيصة التي غادرت البلاد، وخاصة أن مائة الف عامل تايلندي عزموا على الرحيل رافضين العودة إلى مزارع الغلاف؛ بسبب الظروف غير الآمنه هناك، ما استرعى من سفارة بلادهم تأمين ترحيلهم نحو تايلند على نفقتها الخاصة، بعد تخلي السلطات الإسرائيلية عنهم من باب الضغط عليهم.
ترى هل يدرك بونتون وأمثاله من طواويس السياسة الأمريكية والصهيونية بأن الشعب الفلسطيني هو أشد الثوابت رسوخاً في أي حل يسعى حلفاء "إسرائيل" إلى فرضه ولو بالقوة! وفي أن المقاومة خيار مصيري للشعب الفلسطيني، وهي الضامن لحقوقه المشروعة؟ عجبي!
28 نوفمبر 2023






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد