عن الصمت «غير المفهوم» وحديث التهجير

mainThumb

12-12-2023 12:28 AM

يستمر العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة وفي ما تبقّى من الضفة الغربية. وبانتهاجه طريق القتل والدمار دون رحمة، ازداد ويزداد لدى الجيل الحالي من المواطنين العرب والمسلمين، الوعي ببشاعة هذا الكيان، وخطورته على مستقبلهم، فهو يستهدفهم حتى لو كانوا أطفالًا.

جيل كامل، يستيقظ كل يوم على كره «إسرائيل»، ولن يفكر يوماً في السلام مع هذا الكيان الدمويّ، أو تطبيع العلاقات معه، بل سينظر بكل وعي إلى ذلك على أنه خيانة كبرى لدماء الأطفال والأبرياء من أهلنا في غزة، وهو ما عبّر عنه صراحة وزير الخارجية أيمن الصفدي في منتدى الدوحة عندما قال: «إذا ذهبت في جميع أنحاء المنطقة وتحدثت إلى جيل الشباب الذي يستيقظ على تلك الفظائع كل يوم، ترى أن إسرائيل خلقت قدراً من الكراهية التي ستطارد هذه المنطقة والتي ستحدد الأجيال القادمة، وبالتالي فهي تضر شعبها بقدْرِ ما تلحق الضَّرر بالجميع في المنطقة، وهذه حرب لا يمكن الفوز بها».

هذا الكيان، الذي نتحدث معه بلغة السّلام، والمبادرة تلوَ الأخرى، يُحدثنا فعلياً بلغة الدم والإبادة، فهو يترجِمُ واقعاً عملياً دعوات رموزه المتطرِّفين مثل عضوِ الكنيست الذي دعا إلى حرق الشعب الفلسطيني، ودعوات وزراء في الحكومة لقتل الفلسطينيين، على اعتبار أنّهم «حيوانات على هيئة بشر».

ثلاثون عاماً مضت على «عملية السّلام»، ولم يتحقق شيء، بل ازدادت «إسرائيل» سرقةً للأرض وانتهاكًا وانهاكًا لأفق أي حل، وبلغة الأرقام، وفق ما جاء في كلمة الوزير أيمن الصفدي، «فعدد المستوطنات في الضفة الغربية زاد بأكثر من 400 بالمئة منذ اتفاقية أوسلو، ومساحة الأراضي المصادرة هي خنق للاقتصاد الفلسطيني، والضفة الغربية هي أسير للسوق الإسرائيليّ، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني أقل من 3 آلاف دولار، بينما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجماليّ الإسرائيلي يزيد عن 50 ألف دولار؛ لذلك كانت هناك سياسة إسرائيلية منهجية لتقويض جدوى حل الدولتين».

وبكل وضوح وبلا مواربة، أوضح الصفدي أن «إسرائيل تعرضت بالفعل لهزيمة استراتيجية، وهذا ما يجب أن نتذكره، وأعتقد أنّه من غيرِ المفهومِ أنْ يَسمَح العالم لإسرائيل بمواصلة قتل الأبرياء». الواضح أن القيادة الأردنية، تعي حقيقة أهداف الكيان الصهيوني في عدوانه المجنون على غزة، في فرض واقع جديد في القطاع، وإشاعة أجواء الموت والدمار وجعل الحياة مستحيلة، بهدف تحقيق «التهجير» إلى مصر، وهي تنتظر ساعة الصّفر لفرض هذا الأمر حقيقة في فتح الحدود مع سيناء والدفع بالشعب الفلسطيني إلى هناك، فتحت وابل الصواريخ والقتل والدمار، يزدادُ كلّ يوم لجوءُ الفلسطينيين إلى رفح، المنطقة الأقرب للمعبر، وقد حذّرت صحيفة «هآرتس» العبريّة، من أنّ ذلك سيدفع حتمًا لاضطرارِ مصرَ فتح البواباتِ أمامَ هذا الكم الهائل من البشر النازحين، جراءَ تصاعد القصف والتوغل البري، وليست الضفة الغربية ببعيدة عن هذا، فالسيناريو نفسه يمكن أن يتكرّر، وعلى مرأى ومسمع العالم الصامِت، صمتًا «غير مَفهوم»، كما وصفه الصفدي.

الموقف الأردني، هو الأكثر صلابةً ووضوحاً، في مواجهة غطرسة هذا الكيان، وفي مناصرة القضية الفلسطينية التي تعتبر شأناً أردنياً يمس المصالح الوطنية العليا، وتعمل القيادة بما يتناسب ومستوى الحدث، ولن يتخلى الأردن عن دوره المحوري في جعل القضية الفلسطينية القضية المركزية الأولى عربياً وإسلامياً، وعلى الجميع أن يكون يقظاً في قابل الأيام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد