هكذا يضع الإعلام الإسرائيلي السم في الدسم

mainThumb

12-01-2024 03:05 AM

هكذا يضع الإعلام الإسرائيلي السم في الدسم وخبر إغتيال الصحفي اليهودي جيري يوركام..
ما لغز الصورة المرفقة؟
قبل الولوج إلى الخبر تجدر الإشارة إلى أن صورة المرحلة الجديدة من حرب غزة اتخذت شكلين من التصعيد وتبادل الرسائل.
فعلى صعيد عسكري لجأ كلُّ طرف إلى توجيه رسائل ذات مغزى كفاتحة "توحي" بالاستعداد لحرب طويلة الأمد، ربما من باب عض الأصابع؛ لأن شواهد الميدان لها آخر المطاف الكلمة الفصل.
فالمقاومة وعلى رأس السنة قامت بقصف العمق الإسرائيلي بصواريخ M90 المصنعة محلياً؛ لتكذب السردية الإسرائيلية القائمة على الأضاليل في أن جيش الاحتلال بات يسيطر على كافة القطاع، لذلك قام بسحب خمسة ألوية من شمال غزة مع تركز المواجهات جنوب القطاع وفق تقرير نشره معهد الحرب الأمريكي، مع أنه في الجنوب -وفق الدويري- "تعرض لواء جولاني إلى استنزاف 40% من قواته لينسحب وفق قواعد الحرب العسكرية" التي يتعلمها ضباط الأركان في جيوش العالم" حتى في أكاديمية سانت هيرس الملكية نفسها.
ومن الجهة المقابلة جاء الرد بقيام "إسرائيل" باغتيال ثلاثة قادة من حماس على رأسهم العاروري في جنوب لبنان، فرد حزب الله بقصف الشمال الإسرائيلي ب 65 صاروخاً في إطار قواعد اشتباك كان قد حددها الحزب منذ حرب تموز 2006، ثم أعقبه بأيام اغتيال القائد الميداني لدى حزب الله وسام طويل بواسطة مسيرة إسرائيلية فرد حزب الله باستهداف مواقع عسكرية إسرائيلية قبالة الحدود، محققاً إصابات مباشرة.
وهكذا دواليك في تصعيدٍ يسعى نتنياهو من خلاله الخروج من عنق الزجاجه إذا ما نجح في توسيع دائرة الحرب، وبالتالي جلب العم سام المتورط أصلاً في هذه الحرب الوجودية الطاحنة إلى عمقها وقد تجاوزت ال100 يوم، وتكبد الاحتلال من جرائها ما لا يحتمله كيان تعثرت عجلة التنمية فيه لأنه مكون من جنود احتياط باتوا عرضة للاستنزاف في غزة.
أما على صعيد إعلامي فإن فصائل المقاومة وبخاصة حماس والجهاد الإسلامي فقد بنوا إعلامهم العسكري على توثيق ما يتاح من عمليات نوعية بالصوت والصورة، بغية دعم التقارير والتحليلات العسكرية بمعطيات الخبر الموضوعي الذي يحترم عقل المشاهد ويثبت تفوق المقاومة في حرب العقول والإرادات، فيما سيساهم الإعلام الرقمي الموازي عالمياً في نشرها لتكون الدليل الدامغ على عدم مصداقية السردية الإسرائيلية التضليلية.
مقابل ذلك، فإن الاستراتيجية الإعلامية الإسرائيلية 2024 اعتمدت على تضليل الراي العام في الداخل والخارج بغية التحرر من القيود التي فرضتها الرواية الفلسطينية لنجاحها في توثيق مجريات الحرب، ومن ثم الخروج بتجربة مماثلة تقوم على الصورة وإن كانت مفبركة والتي لم تقنع الجمهور الإسرائيلي، ثم توظيف الجيش السيبراني الإسرائيلي والإعلام العربي الذي يدور في فلكه للقيام بالمهام "القذرة" التالية:
- بث الفتن الطائفية ما بين سني وشيعي بغية تفكيك الجبهة المساندة للمقاومة في غزة والمكونة من محور المقاومة وبخاصة في اليمن وجنوب لبنان.
- تكثيف الحديث عن الحربين الأوكرانية والسورية للتغطية على مجازر غزة ولعقد مقارنات إعلامية لخداع العقل الجماهيري العربي في أن ما اقترفه نتنياهو سبق وفعله العرب وغيرهم بأنفسهم.
- التشكيك بجدوى ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر واتهامها من قبل الإعلام المأجور في التسبب بالكارثة دون الإشارة إلى جرائم الاحتلال التي يواجه اليوم نتائجها في محكمة الجنايات الدولية.
- نشر الأخبار التي تقوم على إحصائيات حول الخسائر الإسرائيلية من خلال مواقع مجهولة نسبياً مقرونة بحدث مفبرك ما؛ للمساس بصدق الرواية الفلسطينية من باب وضع السم في الدسم.
أي أن الخبر في نصفه الأول يكون صحيحياً أما في نصفه الثاني فهو تضليلي بامتياز.
ومثالاً على ذلك الخبر الذي نقله موقع صيدا نت نقلاً عن وكالة "أخبار نيوز"المجهولة، في انه تم "إغتيال الصحفي اليهودي جيري يوركام الذي قام بكتابة تقرير يوضح فيه عدد القتلى من اليهود بالحرب على غزه بعد 83 يوم من الحرب .. عدد الآليات 825 عدد القتلى الصهاينة 8435 عدد القتلى الفرنسيين 902 عدد القتلى الأميركيين 1385 عدد القتلى البريطانيين 79 عدد القتلى الإيطاليين 48 عدد القتلى المرتزقة 62 كل هذه الإحصائيات كانت من إعداد الصحفي جيري بوركام وتوافق هذه الأعداد مع عدد الحاويات المبردة التي على متن الباخرة MGZ الراسية على بعد من ميناء حيفا وتحرسها البحرية الأميركية ولوحظ كثرة إرسال القوارب الصغيرة منها وإليها مما دعى هذا الصحفي للوصول إلى تلك المعلومات التي هزت شارع العدو مما دعى إلى اغتياله على يد الموساد في مدينة عكا لنشره تلك المعلومات وقد اختفت الباخرة عن الأنظار وقد شوهدت بعد ذلك في موانئ قبرص".
فهل هذا سر يسترعي اغتيال صحفي إسرائيلي له أهل ومرجعيات تطالب به في ظل هذه الظروف العصيبة على الاحتلال! أم أنه ةمقطوع من شجرة!
وبعد التمحيص وجدت بأن الخبر لا توجد له مصادر سوى ما ذُيِّلَ تحته من اسم لوكالة إخبارية مموهة تحت اسم" أخبار برس" للخلط بين الوكالات، فهي ليست وكالة "أخبار فرانس برس" الشهيرة، أو حتى الوكالة الجزائرية الجادة "خبر برس" لذلك فهي اسم دم دسه من باب التمويه من جهة تضليلية لها علاقة بالاستراتيجية الإعلامية الإسرائيلية الجديدة.
واللافت أن جيري بوركان هو اسم مستعار لصحفي مجهول الهوية، فلن تجد عنه معلومات في الأرشيف الإسرائيلي التضليلي.. سوى صورة مرفقة للخبر تبين فيما بعد بأنها صورة تم اختيارها من حساب عربي بشكل عشوائي، لشاب أردني (فلسطيني الجذور)، وأنا شخصياً أعرف اهله كونه من أبناء عمومتي ويدعى يوسف عماد أبو حسين السباتين، يدرس في الصف الاول ثانوي ويقيم في عمان.
وهذا لوحده سيثبت ما ذهبْتُ إليه في تحليل هذا الخبر المزيف القابل للتصديق، والهدف من نشره، حتى تلتقطه المواقع الإخبارية العربية الكبرى فتصاب في مصداقيتها.. وهو هدف غاية في الأهمية لإعلام صهيوني يائس يبحث عن مخرج لروايته المهترئة.
طبعاً مثل هذه المهمةِ على الإعلام الصهيونيِّ ومن لفَّ لفيفَهُ لن تكونَ سهلة.
ففي حرب العقول تفوقت السردية الفلسطينية التي عززتها إرادة لا تلين حولت غزة إلى ثورة ملهمة في العبقرية والإرادة والإيمان بالحقوق.
وهو ما حرّك الضمير العالمي لافتاً انتباه العالم إلى ممارسات الاحتلال التطهيرية، مما دفع بجنوب أفريقيا لرفع دعوى قضائية ضد الاحتلال الإسرائيلي لدى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بتهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
حيث تجاوزت كيب تاون بذلك كل المواقف العربية والإسلامية المتخاذلة وخاصة سلطة أوسلو التي كانت لها تجربة مماثلة عام 2014 لكن السلطة حينذاك أقدمت على سحب الدعوى التي رفعتها ضد الاحتلال في نفس المحكمة، بعد صدور تقرير تينغستون الذي أوشك على إدانة قادة "إسرائيل" ما وضعها في موقف الشبهات.
لقد انعقدت أولى جلسات المحكمة أمس الخميس لبحث الملف المرفق بالدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، وتضمنت تهماً بجرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة وما رافق ذلك من محاولات لقتل الشخصية الفلسطينية والتحريض عليها نحو الإبادة ودمغها بالإرهاب من خلال إعلام مضلل لا يحترم الحقيقة التي أدّت إلى اغتيال أكثر من 100 صحفي -هذا غير الضحايا المدنيين- أثناء تغطية جرائم الاحتلال في غزة القابضة على الجمر.


***
الصورة المرفقة أدناه ليست للصحفي الإسرائيلي المزعوم جيري يوركام كما نشر في الموقع المذكور بل للشاب الأردني (الفلسطيني) يوسف عماد السباتين الذي لا علاقة له بالخبر التضليلي مما اقتضى التنويه







تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد