أمريكا وإسرائيل تتحديان العالم

mainThumb

26-03-2024 12:22 AM

اللافت غياب أي انتقاد من بايدن وأركان إدارته رداً ورفضاً لنتيجة تصويت الكنيست برفض قيام دولة فلسطينية! بل وتسابق وزراء اليمين الصهيوني بإطلاق تصريحات مستفزة ورافضة لحل الصراع!
كما يُفاخر نتنياهو أنه هو من عطل اتفاقية أوسلو وعرقل ويستمر بعرقلة قيام دولة فلسطينية، ويتحالف مع أقصى اليمين الديني المتطرف في حكومته الأكثر تطرفاً وفاشية بتاريخ كيان الاحتلال. لا يبدو أن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى وإدخال مزيد من المساعدات الإغاثية التي تلعب دولة قطر دورا فعالا لتحقيقها ممكن! دع عنك الانخراط بمفاوضات حل الدولتين والتطبيع بين السعودية وإسرائيل كما روج وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في زيارته السادسة التي فشلت بزحزحة موقف نتنياهو للتوصل لصفقة، واستبدال اجتياح رفح-التي يتكدس فيها مليون ونصف المليون نازح، بعمليات خاصة تستهدف قادة حماس. ويصر على اجتياح رفح لهزيمة حماس وتحقيق النصر الكامل كما يزعم!
وبرغم إعلان وزير الخارجية بلينكن إنهاء سياسة إدارة ترامب «وإلغاء صفة المستوطنات شرعية»! ووصفه أن قرارات حكومة نتنياهو بتوسيع الاستيطان «يتعارض مع القانون الدولي ويضعف أمن إسرائيل بدلا من تعزيزه»-ويخالف القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن واتفاقية جنيف الرابعة. لم نسمع أي إدانة وانتقاد أمريكي بعدما صادق وزير المالية المتطرف-سيموترتش على سرقة ومصادرة 8 آلاف دونم من أراضي الأغوار في الضفة الغربية وأعلنها أراضي إسرائيلية!
ومع ذلك تصر الحكومات المتطرفة المتعاقبة على بناء وتوسعة المستوطنات! برغم تكرار وتأكيد الرئيس بايدن وقيادات إدارته أن لا سلام دائم بدون قيام دولة فلسطينية. والتلويح بخيار الاعتراف بعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة وعدم استخدام الفيتو للضغط على حكومة إسرائيل المتطرفة للتفاوض!! ما يثبت فشل استراتيجية بايدن بالعناد الصهيوني ويُفشل ويُحرج بايدن وإدارته.
وهذا دليل على العجز الأمريكي في الشهر السادس من حرب الإبادة وفشل بايدن بلجم ووقف حرب إسرائيل وإدخال المساعدات وإنقاذ المدنيين النازحين والنازفين بعدما أكد أن إطلاق النار في شهر رمضان سيتوقف. وانتصف شهر رمضان بلا بصيص أمل لوقف الحرب. بل يراكم بلينكن فشله في زيارته السادسة، وفشل أمريكا بتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار مشروطا! بينما المطلوب وقف فوري ودائم وبلا شروط للحرب!!

يُضاف لذلك فشل أمريكا شريك إسرائيل المتواطئة في حرب الإبادة على غزة في مجلس الأمن بعد استخدام الولايات المتحدة الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن في الأمم المتحدة ضد مشاريع قرارات لوقف فوري لإطلاق النار، ما زاد من عزلة الولايات المتحدة دولياً وأشعل موجة غضب في الداخل الأمريكي من الاصطفاف والانحياز الأمريكي والدعم بلا سقف بالمال والسلاح والغطاء السياسي. لتتقدم واشنطن بمشروع قرار يوم الجمعة الماضي وترد روسيا والصين باستخدام الفيتو ضد مشروع القرار الأمريكي الذي يدعو لوقف إطلاق النار فوراً في غزة ولكن ربطه بإطلاق حماس سراح المحتجزين. ما دفع المندوب الروسي لانتقاد المشروع الأمريكي واتهم واشنطن بتسييس القرار ومنح إسرائيل الضوء الأخضر لاجتياح رفح. فيما أشار مندوب الجزائر الدائم ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن أن مشروع القرار الأمريكي لا يلبي القضايا الأساسية ويسمح ضمناً باستمرار استهداف المدنيين في غزة. وسيتم تقديم مشروع قرار من 7 دول من الدول العشر غير دائمة العضوية. يدعو مشروع القرار الذي تم تأجيل التصويت عليه إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة في شهر رمضان..!خاصة أن مليوني نازح ولاجئ يتضورون جوعاً. واستخدام إسرائيل التجويع أداة في الحرب ترقى لجريمة حرب! والسؤال هل ستستخدم الولايات المتحدة الفيتو للمرة الرابعة، وتستمر بالاصطفاف مع إسرائيل؟!
بات جلياً أن الولايات المتحدة تصطف وتقف في الجانب الخاطئ، وبسبب مواقفها المنحازة والمستفزة والتي تخالف فيها إجماع دول العالم في مجلس الأمن، عادت المطالبات بضرورة إصلاح الأمم المتحدة بتقنين احتكار استخدام الفيتو بشكل ظالم بيد الخمسة الكبار. خاصة في الأزمات الإنسانية والاحتلال كما فعلت أمريكا 42 مرة لحماية إسرائيل. ولم تكتف بذلك بل وبصورة سريالية مستفزة قدمت أمريكا مشروع قرار وقف إطلاق نار مؤقت مشروطاً بالإفراج عن المحتجزين.
لم تتغير وتؤثر بإصرار إسرائيل على موقفها ـ برغم تصاعد تصريحات بايدن وقيادات إدارته، وآخرها انتقادات السناتور شومر زعيم الأغلبية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ وأرفع مسؤول أمريكي يهودي وغير المسبوقة، تسببت بزلزال في إسرائيل لوصفه نتنياهو بالمعرقل للسلام ومطالبته إجراء انتخابات مبكرة لتغيير نتنياهو. ما تسبب بعاصفة غضب من نتنياهو الذي رد أن إسرائيل ليست جمهورية موز! وفي تحدٍ للديمقراطيين وللرئيس بايدن، الذي وصف خطاب شومر بانتقاد نتنياهو «بالجيد» دعا رئيس مجلس النواب جونسون نتنياهو لإلقاء خطاب في مجلس النواب الأمريكي!
الانحياز والفشل الأمريكي بردع إسرائيل عن التمادي في غيها وعدوانها يعمّق عزلة أمريكا ويراجع مكانتها ويفقدها البعد الأخلاقي الذي تحاضر على العالم بوجوب احترامه، ويزيد عزلتها. ويجر نتنياهو بايدن معه للخسارة ونهايتهما السياسية! ويُفقد أمريكا مصداقيتها، وخسارتها معركة كسب عقول وقلوب العرب والمسلمين!

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد