«القبلية الكوزموبوليتانية»!
في كتابه «أزمة العقل المسلم» الصادر عام 1986، قال عبد الحميد أبو سليمان: «والسبب الذي أدَّى إلى الفتنة وسقوط الخلافة الراشدة هو التغيير الذي حدث دون التفات كافٍ إليه، أو قدرة على تلافيه، ألا وهو تغير القاعدة السياسية التي ارتكزت إليها القيادة والخلافة الإسلامية الراشدة، فبعد أن كان الأصحاب و(كوادر) الأصحاب هم قاعدة دولة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقامت على أكتافهم دولة الخلافة الراشدة بكل ما يمثله الأصحاب من نوعية وتوجه وإعداد ونضج وتربية، وفي زحمة الأحداث وتدافعها... فإننا نجد أن المجال قد أفسح واسعاً لتدفق رجال القبائل من الأعراب، وعلى ما كانوا عليه في ذلك الوقت من عصبية وجهالة من مضاربهم في أطراف البوادي للانضمام إلى جيش الفتح مع تقلص دور الأصحاب المتضائل بسبب السن والاستشهاد. لقد مكّن هذا في النهاية للأعراب من جيش الدولة بكل ما حملوه معهم إلى جانب معالم الإسلام العامة من المفاهيم القبلية والعصبيات، والذين لم تخضع نفوسهم لما خضع له الأصحاب من تربية وتدريب وتوعية على مدى سني الدعوة والمعاناة، وعبر عقود بناء الدعوة والمجتمع المسلم بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوائل الخلفاء الراشدين...».
ووفقاً لتفسيره «كان لا بد أن تنشب الفتنة وأن تسقط الخلافة ليقوم مقامها سلطان القبلية والعصبية والاستئثار والاستبداد، وكان طبيعياً أن لا تدوم على مدار أكثر من قرن من الزمان قائمة للجماعة القليلة من رجال الالتزام الإسلامي في مكة والمدينة، وأن تدمر صفوف الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد ذي النفس الزكية وزيد بن علي وسواهم في حروب أهلية طاحنة، كانت الغلبة فيها للقاعدة القبلية الواسعة لتزداد تمكناً بتقدم الأزمان مع جموع الأمم الوافدة على الإسلام من فرس وروم وهند وترك، وسواهم من الأمم التي انضوت تحت لواء الإسلام دون أن تتاح لها الفرصة للتربية والتدريب كي يصهروا نفوسهم في بوتقة الإسلام الخاصة الخالية من شوائب الجاهليات والعصبيات والباطنيات».
ومع أنَّ الأعراب والقبلية العربية هما في تفسيره كانا «بداية الانحراف والتباعد عن غايات الإسلام ومفاهيمه الخاصة ومنهجه السليم»، فإنهما في تفسيره بداية ليس لهما نهاية، كما نرى ذلك في المقتبس السالف. فهما في هذا المقتبس ازدادا تمكنّاً بتقدم الأزمان وبتوالي العصور في تاريخ الإسلام مع جموع الأمم الوافدة على الإسلام من فرس وروم وهند وترك وسواهم من الأمم. عبد الحميد أبو سليمان في مقتبساتي منه في هذا المقال، وفي المقال السابق، يفرد الجيش الإسلامي بالذكر. وعليه نفهم أنه مع إنشاء جيش محترف في الخلافة العباسية وقيامه على عناصر غير عربية إلى جوار العرب، أن القاعدة القبلية العربية كانت تزداد تمكنّاً!
وفي بلاد السند والهند ابتداء من الدولة الغزنوية التي توغلت في شبه القارة الهندية، كانت الدول الإسلامية التي توالت على حكمها إما فارسية وإما تركية، فما محل القاعدة القبلية العربية في جيوشها من الإعراب؟!
وهذا السؤال أكرر طرحه مع الدولة العثمانية من بدايتها إلى نهايتها، ومع دولة المغول في الهند من بدايتها إلى نهايتها، بحكم أنها آخر دولة إسلامية في هذه البلاد.
وأسأل أين الأفارقة، كالأحباش والبربر في «جموع الأمم الوافدة على الإسلام» التي عدّدها؟ قد تقولون إنهم يدخلون في عبارة «وسواهم من الأمم». سنرى إن كان ذلك صحيحاً في مقتبس آخر منه.
في بحثه «الأسباب التاريخية لانحراف المجتمعات المسلمة والمنطلقات الإسلامية لتصحيح البنية الحضارية المعاصرة»، الذي ألقاه في اللقاء الرابع للندوة العالمية للشباب الإسلامي المعقود بالرياض عام 1979، قال: «وكان ذلك التحول وما يتبعه من تحولات من دولة المدينة إلى دولة دمشق، ثم بغداد وما وراء دمشق وبغداد، وبكل ما أضافت تلك التحولات من ضباب الرؤية وعماوات جاهلية قبلية عربية وفارسية وهندوكية ورومية وغربية، بداية الانحراف الذي أرسى وعمّق عزلة القيادة الفكرية الإسلامية عن القيادة السياسية الاجتماعية».
لندع الآن جانباً العزلة أو ما يسميه بـ«حال الانفصام والمواجهة بين فكر المدينة (يقصد دولة المدينة أو يثرب) ومنطلقاتها، وبين السلطات السياسية في الدولة الجديدة» لأني سأعرض له في مقال من مقالاتي الختامية عنه، ولنتوقف عند «الجاهلية القبلية» التي لم يقصرها على حياة العرب قبل إسلامهم، بل شمل بها «جموع الأمم الوافدة الإسلام».
كان الجديد في «جاهلية» أبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي وسيد قطب ومحمد قطب أنهم أخرجوا حالة «الجاهلية» من نطاق زمني محدد، ومن كونها خاصة بحياة العرب قبل البعثة المحمدية إلى حالة ذات ماهية لا زمنية أو أبدية استمرت مع العرب وغير العرب بعد أن دانوا للإسلام وتدينوا بالإسلام، وشملت وتشمل كل من عليها من بشر وحضارات، بما فيها حضارة القرن العشرين. وما من شك أن المودودي والندوي والأخوين قطب في تنظيرهم «للجاهلية» أنها عندهم قائمة على «عماوات» لكنهم لم يحصروها بـ«القبلية».
وهذا ما خالف فيه عبد الحميد أبو سليمان هذا التنظير وخرج عليه، فهو مدّ «القبلية» ومطّها إلى الحد الذي انقلبت فيه «القبلية» على يديه إلى «كوزموبوليتانية»، فيها عرب وفرس وروم وهنود وترك، وفيها «غربيون»!
مع أن «الكوزموبوليتانية» على الضد من «القبلية» وعلى الضد مما هو أكبر منها، وهي «القومية».
هل عرفتم الآن من هم الأقوام الذين يدخلون في عبارته «وسواهم من الأمم»؟
إنهم «الغربيون» فقط!
مع أن «الغربيين» أو «الفرنجة» لم يكونوا ولا كانوا في عصر ما من «قوميات» الإسلام - أو حسب تنظيره - من «قبائل» الإسلام. وللحديث بقية.
شيرين عبد الوهاب متهمة بالتزوير
ريادة الأعمال .. مهارة الجيل الذهبي
أنشطة متنوعة في عدد من المحافظات
تهنئة لـــ محمد حرب بشير اللصاصمة
تهنئة لــــ للدكتور حسن المومني
حكومة غزة ترفض اتهام حماس بنهب المساعدات
إربد تحتفي بذهبها الأحمر في مهرجان الرمان .. صور وفيديو
تنظيم أمسية القدس في عيون الهاشميين بمعان
انطلاق الجلسات التحضيرية للقمة 13 لصانعي الألعاب الإلكترونية
رسمياً .. افتتاح المتحف المصري الكبير
تكريم طاقم دورية أنقذ أسرة من حريق مركبة
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن .. تفاصيل
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات .. فيديو
أسباب ظهور بقع حمراء على الجلد مع حكة
التربية: دوام المدارس المعدل الأحد .. والخاصة مستثناة
وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً .. أسماء
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات موظفين حكوميين .. أسماء
فوائد مذهلة للقرنفل .. من القلب إلى الهضم والمناعة
عقوبة مرور المركبة دون سداد رسوم الطرق البديلة
محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب .. صور
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية في وزارة التنمية .. أسماء
مأساة سوبو .. ظلم مُركّب في أميركا
أسرار الحصول على خبز هش وطري في المنزل
الكلية العربية للتكنولوجيا تنظم ورشة عن إدارة العمليات السياحية

