حين يصير الحبّ وطناً
وسط الحرب والدمار، عاد مراد حسن مراد إلى وطنه لبنان، الأرض التي تحمل جذوره وذكريات أجداده. لقد قرر أن يترك حياة الراحة والأمان وراءه، مستجيباً لنداءٍ عاطفي وإنساني، فصور الدمار التي شاهدها على شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي هزّت روحه، ورأى في هذا الدمار رسالة لم يستطع تجاهلها. غارات إسرائيلية تدمّر بيوتًا وقُرى بأكملها، تجرف أحلام الصغار والكبار، وتترك خلفها حطامًا وقلوبًا منكسرة. لم يتردد لحظة، كانت صرخات المعاناة كفيلة بأن يقطع كل مسافة، وأن يضع قدميه على أرض لبنان رغم المخاطر، فقط ليكون إلى جانب الناس الذين يعتبرهم عائلته الكبيرة.
عاد حسن إلى أرض الوطن من غربته بروح ملؤها الحنين والمسؤولية، عاد ليحمل مشعل الأمل في زمنٍ قلّ فيه الضوء. فور وصوله، توجّه نحو الجنوب والضاحية والبقاع، حيث ينتظره أهله وإخوته، الذين لم يعرفهم يوماً، لكنه يشعر نحوهم بروابط تتجاوز الدم. حسن الذي لم يعتد حياةً مليئة بالمخاطر، قرر أن يتخلى عن كل ما هو مألوف له ليكون جسراً بين وطنه الأصلي ووطنه القلبي، يربط بين لبنان البعيد القريب وبين روحه التواقة للعطاء.
في الشوارع الضيقة والأزقة المنكوبة، تجده منهمكًا، يشتغل بيديه ليلاً ونهاراً، يجمع الأدوية ويعبّئ الأكياس، يحمل معه كل ما قد يحتاجه الناس في هذا الوقت العصيب. لا يعرف للراحة طعمًا، فهدفه الوحيد أن يُعيد، ولو جزءًا صغيرًا من الإنسانية والرحمة إلى منازل خيّم عليها الحزن والخوف. يقول بصوت واثق: «أنا مع اللبنانيين على الحلوة والمرة»، جملة تختصر فيها كل تضحياته، وتكشف عن قلبٍ نابض بالتضحية والإخلاص.
ومع كل بابٍ يطرقه، يُستقبَل حسن بكلمات التقدير والامتنان، كلمات تشبه بلسمًا لروحه المتعَبة، لكنها تزيده عزمًا وإصرارًا. يسمع أصوات الناس وهي تردد له: «روح الله يوفقك»، «الله يعطيك ويفرحك بشبابك»، «الله يفرجها عليك متل ما عم تفرجها علينا». كلمات تلامس قلبه وتجعله يدرك أن ما يقوم به ليس مجرد توزيع للأدوية، بل هو رسالة أمل، وحياة تعود لمن ظنوا أنهم نسوا معنى الحياة.
بكل إصرار، يستمر حسن في رحلته الإنسانية، شابٌ وحيد لكنه يحمل هموم شعب بأكمله، يلغي ذاته من أجل الآخرين، يتخلى عن راحته وسعادته ليعطي الناس بعضاً من السكينة وسط العواصف. وفي كل مرة يصل إلى عتبة باب، يترك بصمته، يترك دعاءً نابعاً من قلبه، «الله يحميكم». إنها أكثر من مجرد عبارة، إنها وعد، إنها عهد يقسم فيه أن يكون جندياً للخير، يضحي بما يملك ليحمي وطنه وأبناءه من اليأس.
مراد حسن مراد، مثال حي لشاب قرر أن يكون صوتًا للإنسانية في وقت ضاعت فيه الأصوات، نورًا يشع وسط ظلام الحرب، وحكاية أمل تلهم كل من عرف معاني التضحية والمحبة. هو بطل هادئ، لا يطلب شيئاً لنفسه، لكنه يُغني قلوب الآخرين بشجاعة لا تعرف المستحيل.
بقايا القميص
«بابا، عم تسمعني؟ إذا عم تسمعني، رد… أمانة ترد يا بابا…»! كلماتٌ تنطلق من أعماق طفلة فلسطينية، لا يتعدى عمرها أربعة عشر عامًا، تجلس يوميًا قرب أنقاض منزلها المدمر، تهمس وتنادي وتصرخ، علّ صوتها يصل إلى قلب والدها العالق تحت الركام. لم يكن ذلك مجرد نداء؛ بل صلاة يائسة، رجاءٌ ولو مرة أخرى، ولو بضعفٍ شديد، أن يخرج إليها حيًا، أن يفتح عينيه وينظر إليها.
إنه اليوم الرابع، ووالدها لا يزال تحت الأنقاض. يداها النحيلتان، اللتان لم تختبرا في الحياة سوى دفء الطفولة، تمسكان بالحجارة وتزيحان التراب، محاولةً الوصول إليه، تشهق بالبكاء، تناديه بلهفة: «يا بابا، بيي رد علي يا بابا!» كلماتها تتشبع باليأس، لكنها لا تتوقف.. تنبش الأرض وكأنها تستمد منها القوة، وكأنها تحاول أن تبعث الأمل من بين الأنقاض.
بعد أربعة أيام من الألم، بعد أربع ليالٍ قضتها في حضن الركام، أخيرًا تصل إلى ما كانت تخشى رؤيته… تلمح قدميه، وقطعة من قميصه الممزق. إنه هو، والدها، لكنها كانت تدعو بكل قوتها أن يخرج كاملاً، أن يكون كما عهدته، أن يكون على الأقل جسدًا كاملاً يحتضنه التراب، كما كان يحتضنها يومًا بين ذراعيه.
تعرف في قرارة نفسها أنه رحل، ولكن الحلم لم يفارقها، الحلم بأن تحمل جثمانه كاملاً، أن تحتفظ بملامحه، بأن تبقى صورتها محفوظة في ذاكرة قلبها للأبد. تنظر إلى قميصه الممزق بين يديها، تهمس بألم: «هاي بلوزته… كان لابسها». كأنها تخاطب الغياب، كأنها تواسي نفسها بأن هذا الجسد الذي تحمله بين ذراعيها هو بقايا حضن أبيها.
لقد كان والدها في زيارةٍ إلى بيت عمه يوم 25 الشهر الماضي، حين هزّت المكان غارة إسرائيلية، لم تبقِ على أحد. كانت لحظة واحدة، لكنها كانت كافية لتمحي أحلامًا، لحظة واحدة كانت كفيلة بقطع قلوب الأطفال، والأمهات، والآباء، لحظة واحدة تحمل من المعاناة ما لا يمكن للغة أن تعبر عنه.
هي ليست قصة فردية، بل هي معاناة كل الأبرياء في غزة، في تلك الأرض التي لا تنبض إلا بالألم والصبر. وتبقى الطفلة، وحيدة في هذا الدمار، عيناها تتشبثان بالقميص الممزق، وكأنها تتشبث بآخر أمل تركه لها والدها.
يا ابنتي، بعين الله، بعين الله، فكل حبة تراب هنا تشهد على صبرك، على قوةٍ أكبر من طفولتك، على براءة تواجه قسوة ووحشية العالم.
ميسي يعود للتدريبات قبل مواجهة أورلاندو
اعتقال موظفين في مايكروسوفت طالبوا بمقاطعة إسرائيل
استشهاد العداء علام العمور برصاص الجيش الإسرائيلي
إعادة خدمة العلم تستلزم إعادة تدريس القضية الفلسطينية
غوغل تطلق ميزة ذكية لتعلم اللغات عبر الترجمة
إنجاز أردني في بطولة غرب آسيا للكراتيه
رسمياً .. قبول 38131 طالباً وطالبة بالجامعات الرسمية
روقان تتصدر يوتيوب وتعيد نسرين طافش للغناء
أحمد العوضي يشوق جمهوره لمفاجأته في رمضان
طالب يحصل على العلامة الكاملة بامتحان التوجيهي
تراجع الذهب وارتفاع الدولار عالمياً الأربعاء
وائل كفوري يعود لجمهوره الإماراتي بحفل استثنائي
التربية تحدد مواعيد الدورات التكميلية لجيل 2008
ترفيع وإنهاء خدمات موظفين لاستحقاق التقاعد المبكر .. أسماء
إعلان نتائج التوجيهي جيل 2008 إلكترونيًا وورقيًا نهاية آب
آلية احتساب معدل التوجيهي جيل 2008
إعادة تفعيل رابط المكرمة الملكية ليوم واحد
غرامات على المخالفين لوضع الحواجز في عمّان
قرار بتركيب أنظمة خلايا شمسيَّة لـ1000 منزل .. تفاصيل
تفاصيل مقتل النائب السابق أبو سويلم ونجله
إربد تفتتح أكبر نزل بيئي في محمية اليرموك
التربية تعلن عن وظائف شاغرة بمسار BTEC
الجامعة الأردنية تُجري تشكيلات أكاديمية جديدة
ممنوع الواسطة في خدمة العلم .. تفاصيل
100 شاغر ضمن المكرمة الملكية لأبناء المتقاعدين العسكريين .. أسماء