الكيان المارق

mainThumb

05-05-2025 02:21 AM

تُعمّق إسرائيل ممارساتها ككيان مارق معربد وأكبر مهدد للأمن والاستقرار القومي العربي… تستقوي بغياب مشروع عربي يوازن ويمنع ويردع!! وإلا كيف لا تبالي إسرائيل وتتمكن عربدتها من قصف في ليلة واحدة-وعلى مسافة 1000 كلم سفينة كسر حصار غزة في البحر الأبيض المتوسط، ومحيط القصر الرئاسي السوري على بعد مئات الأمتار من قصر الشعب، لإرسال رسالة عدم استهداف الدروز وعدم إرسال قوات أمنية إلى الجنوب-السويداء. وذلك بعد شن إسرائيل عدة غارات يوم الأربعاء الماضي على أثر اشتباكات طائفية استهدفت الدروز بعد نشر إساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص.
أدانت الرئاسة السورية ودول عربية بشدة القصف الإسرائيلي على محيط القصر الرئاسي. ودعت إلى مقاومة إسرائيل وطالبت العرب بالتدخل-خاصة بعد تجاوز غارات إسرائيل الوحشية على سوريا منذ سقوط نظام الأسد من 9 ديسمبر الماضي حتى فجر3 مايو الجاري 167 غارة!! رسائل بلطجة إسرائيل مافياوية بحجة حماية دروز سوريا!! والسؤال من نصّب إسرائيل مدافعا وحاميا لدروز سوريا؟؟!! على الدروز الصراخ لسنا في حاجة لحماية إسرائيل!!
بينما امتنعت إسرائيل التي قصفت بآلاف الغارات مواقع عسكرية وأمنية وحدودية للقوات السورية والإيرانية بما فيها القنصلية الإيرانية، عن قصف محيط القصر الرئاسي في دمشق تحت حكم الأسدين الأب والابن خلال 55 عاماً. ما يدلل على العلاقة الخدماتية بين نظامي الأسد وإسرائيل. وواضح أن هدف إسرائيل بدعم الأقليات: الأكراد والمسيحيين والدروز وغيرهم هو إضعاف وتقسيم وتفكيك سوريا وليس دعماً لمطالب وحماية الأقليات كما تزعم، بل لخدمة مصالحها وأهدافها الخبيثة.
وللدلالة على فجور وعربدة الصهاينة، شنت إسرائيل فجر الجمعة الماضي عدوانا وحشيا بقصف مسيرات أسطول الحرية والسفينة «ضمير» قرب المياه الإقليمية المالطية. على متنها 30 ناشطاً وأطنان من المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية انطلقت من تونس لكسر الحصار المطبق على غزة. وكان الناشطون ومنظمو أسطول الحرية يعتزمون نقل ناشطين قدموا إلى مالطا من عدة مناطق للانضمام إلى الناشطين والانطلاق معاً في رحلة كسر الحصار. خاصة مع تفاقم المعاناة والمجاعة بعد خرق إسرائيل اتفاق المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر في 19 يناير 2025. لتستأنف إسرائيل حرب إبادتها في 18 مارس الماضي على قطاع غزة وتفرض حصارا مطبقا على القطاع. لتعود حمامات الدم ومجازر استهداف الغزيين في منازلهم المكتظة بالنازحين النازفين والجائعين. ولتواصل نهج القتل والإبادة وتقطيع أوصال اللاجئين في خيامهم وحتى في مقار العزاء المدمرة لينضموا للشهداء!!

وللأسف تتفاقم المعاناة المأساوية وتصاعد حرب الإبادة والعدوان الموسع من غزة والقدس المحتلة والمسجد الأقصى ولبنان وسوريا واليمن، إضافة لقصف أسطول كسر الحصار الوحشي على مرأى من العرب والمجتمع الدولي الصامت والمتواطئ والمتكلس والعاجز عن وقف عربدة الصهاينة وعدوانهم ومجازرهم. مما يفضح موت الضمير العالمي.
وتكتفي المنظمات الدولية ومجتمعات حقوق الإنسان بالتعليق والتنديد والتحذير من تفاقم الخطر على المدنيين والحاجة لوقف تلك المعاناة المستمرة منذ عقود والمتفاقمة منذ أكثر من عام ونصف. مثالا على ذلك كان تعليق توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ. محملا إسرائيل كقوة احتلال مسؤولية السماح بوصول المساعدات الإنسانية. «وأن منع المساعدات يعني تجويع وقتل المدنيين وحرمانهم من الرعاية الطبية والكرامة، وهو شكل من أشكال العقاب الجماعي». وجدّد دعوته «لرفع الحصار الوحشي عن غزة والسماح للعاملين الإنسانيين بأداء مهامهم» لكن بلا جدوى!! لكننا لم نسمع ولن نسمع تعليقات، دع عنك تنديد الدول الفاعلة وعلى رأسها الداعم الأول الولايات المتحدة، من إدارة بايدن السابقة وإدارة ترامب التي تمكّن وتساند وتبرر كل تلك الجرائم.
فقط تصوروا لو كان الجاني المجرم من يرتكب متعمداً تلك الجرائم الوحشية المدانة-بقصف محيط قصر الرئاسة وسفينة مدنية سلمية بقيادة ناشطين لكسر الحصار وإدخال مساعدات إنسانية وهذا واجب الدولة المحتلة حسب القانون الدولي، وفضح جرائم إسرائيل الفاشية وتسليط الضوء على معاناة أهالي غزة المحاصرين. فإذا بإسرائيل تغتال الرسول وتمارس قرصنة مدانة وبالعلن وموثقة بالصورة والصوت التي تعرضها شبكات الأخبار ولو بعضها في الغرب الذي يبقى متواطئا ويمارس بتعمد رقابة ذاتية !!
أذكّر أن هذا العدوان هو نهج إسرائيل. كانت إسرائيل هاجمت بعملية قرصنة جوية وبحرية أسطول الحرية وقتلت 10 ناشطين أتراك وإصابة 50 آخرين كانوا على متن سفينة أسطول الحرية «مافي مرمرة»-التركية عام 2010-ما أدى لتدهور العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل وإصرار تركيا على الاعتذار ودفع تعويضات لأهالي الضحايا ورفع الحصار عن غزة وطرد السفير الإسرائيلي وتخفيض التمثيل الدبلوماسي في تل ابيب إلى مستوى سكرتير ثاني. بوساطة أمريكية اعتذر نتنياهو عن الحادث وقدمت إسرائيل تعويضات بقيمة 20 مليون دولار لأهالي الضحايا.. واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية…
ولتأكيد ممارسة نتنياهو لأجندته، يفاخر بشن حروب على سبع جبهات من رفح جنوب غزة إلى جبل الشيخ في سوريا والجولان المحتل والعدوان على سيادة فلسطين وغزة ولبنان وسوريا واليمن والتحريض على ضرب إيران؟!! ويجاهر وزير المالية المتطرف سموتريتش «ستنتهي الحرب عندما تكون سوريا قد تفككت، وحزب الله تلقى ضربة قاسية، وإيران باتت بلا تهديد نووي، وغزة مطهرة من «حماس» ومئات الآلاف من سكان غزة في طريقهم إلى دول أخرى، والمختطفون قد عادوا…ستخرج إسرائيل من هذه المرحلة أقوى وأكثر ازدهارا»..!!
كيف تتعامل وتتفاوض مع عقليات متطرفة كهؤلاء؟!! يؤكد ذلك كله، أن إسرائيل دولة مارقة وأكبر مهدد لأمن واستقرار النظام الأمني العربي والمنطقة!!

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد