القضية الفلسطينية والحركة الصهيونية
قراءة شاملة في التاريخ والسياسة والواقع
تُعتبر فلسطين من أجمل بقاع الأرض؛ لما يتمتع به من تنوع بين الآثار التي تعود إلى آلاف السنوات، والطبيعة الخلابة من أنهار وجبال وغابات. هذا عدا عن المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر والبحر المتوسط، وبالتأكيد هناك أماكن دينية، مثل: المسجد الأقصى، وكنيسة المهد، وكنيسة القيامة. إلا أن ذلك الجمال الجليّ يُخفي في طياته عددًا من آلام سنوات الحرب، حيث في كل شبر من تلك الأرض الجميلة قصة شهيد مات مدافعًا عن أرضه، تلك الحرب التي بدأت منذ عشرات السنوات وحتى اللحظة، المجازر لم تتوقف، حيث ممارسة التمييز العرقي وارتكاب الإبادة الجماعية في العديد من القرى، مثل: الطنطورة، ودير ياسين، وغيرها. تلك الجرائم التي لم تأخذ حيزًا كبيرًا في وسائل الإعلام، حيث لم يكن للإعلام حضور مثل الذي نشهده الآن، لذلك لا توجد أرقام دقيقة للضحايا وكمية الدمار آنذاك. حتى إن الجرائم التي أتحدث عنها ليست من مصادر عربية، بل إنها من مصادر عبرية، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الأرقام الحقيقية، حيث إن الجرائم أكثر بكثير من التي نُشرت. وقد قامت إسرائيل بإصدار قوانين بمنع نشر أي تفاصيل عن النكبة، سواء بالصحف أو التقارير أو حتى الأفلام، دون موافقة حكومتها، وذلك حتى تصدّر للرأي العام السردية التي تريد تصديرها، أو ما يُعرف بـ"البروباغندا الصهيونية"، حيث استثمر الكيان الإسرائيلي في الخيال الغربي على أن الكيان يدعو للسلام، وجيشه يُسمى بجيش الدفاع؛ لأنه يقوم بوظيفته الدفاعية فقط. ليقول بذلك إن جيشه لم يُهجّر أحدًا من "إسرائيل"، ويدّعي بروايته أن الفلسطينيين هم من خرجوا من دولتهم، وهي من حاولت أن تساعدهم على البقاء، إلا أنهم رفضوا ذلك وفضلوا أن يكونوا لاجئين عند العرب والمسلمين حتى يُحرّضوهم ضد دولتنا. ولم يكن القتل وحده ما يُخيف الفلسطيني، بل أيضًا حالات الاغتصاب أشد وطأة على الرجل الفلسطيني، هذا عدا عن قتل الأطفال؛ لأن باعتقادهم أن كل طفل سيكبر وسيكون تهديدًا على دولتهم المزعومة. ذلك الكيان قام على إنقاذ أطفال ونساء قُتلوا، ويُنسب احتلالهم لفلسطين على أنه حرب تحرير؛ إلا أنّه لم يكن حربًا بين جيشين، بل كان بين جيش منظم يملك العدة والعدد والتدريب الممتاز، وشعب لا يملك سوى الحجارة والعصي. كانت إبادة بحق البشر والحجر. كان هناك استهداف مباشر من تلك العصابات للأطفال حتى لا يكبروا ويحاولوا الثأر لما فعله الاحتلال بأهلهم ووطنهم، حيث المجازر التي تُرتكب منذ أن بدأ الاحتلال أخذ الأراضي الفلسطينية من أصحابها. هذه المجازر التي يريد الاحتلال منها قتل أكبر عدد من الفلسطينيين، وليس فقط داخل فلسطين، بل بكل مكان يستطيع الوصول إليه جيشه، مثل ما ارتكب مجزرته في مخيم صبرا وشاتيلا في لبنان. لذلك يجب أن يزداد الوعي لدى الشعوب العربية والأنظمة كذلك من خطر الكيان، فبات واضحًا أن الهدف ليس فلسطين، بل الدولة الكبرى من النهر إلى النهر، أي من الفرات إلى النيل هدف للكيان. لذلك لا بدّ لنا أن نفهم أن الكيان لم ولن يستجب بالحوار والاتفاقيات، لأنه لا يفهم سوى لغة القوة والمقاومة فقط.
السردية يعلمها الكيان للأطفال اليهود، مبنية على مجموعة من الأكاذيب، وهي ذات الأكاذيب التي يصدرها للعالم على أنها الحقيقة، وتبدأ بالممالك اليهودية على أرض فلسطين، والتي تدمرت وتدمر معها هيكل سليمان، ومن سنة 70م تشتت معها اليهود في بقاع الأرض، وبدأت بعدها شعوب الأرض تمارس العنصرية مع اليهود حتى وصلت إلى الهولوكوست. تلك السردية التي يقوم الاحتلال بنشرها وصدقها الغرب بعد ذلك، ليكون قيام دولتهم مبررًا لأنه جاء بعد ظلم تعرضوا له، وهكذا كسبوا تعاطف العالم. السردية التي صدّرتها الصهيونية للعالم لم تقف عند ذلك فحسب، بل إنها أظهرت للعالم أن فلسطين كانت قبل قدومهم عبارة عن صحراء قاحلة، لا يوجد فيها أي أساسيات ليكون فيها حضارة قبل قدومهم، ولم يكن العيش فيها ممكنًا حتى أتوا وقاموا ببنائها بقوة وإرادة اليهود الذين قاموا ببناء الدولة وإصلاحها، ونالت بذلك إعجاب الغرب. إلا أن ذلك لم يكن كافيًا حتى تكتمل كل أركان السردية، كان لا بد من إظهار عدو لهم قوي، يحاول منع إقامة دولتهم، إلا أن الغريب أن الدولة التي وقع الاختيار عليها كانت الدولة التي ساعدتهم على إقامة دولتهم، وهي بريطانيا. ليقولوا إن هناك أبطالًا يهودًا قدموا تضحيات من أجل بناء الدولة. وحتى عام 1947، أي حتى إعلان الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، كانت بريطانيا العدو الأول لهم، رغم إعلان وعد بلفور بقيام دولة لليهود عام 1917. إلا أنه بعد ذلك الإعلان بدأ ظهور عدو جديد، وهذه المرة هذا العدو هو العرب والمسلمون كلهم. وبذلك يُكبر القوة العربية بسرديته حتى يُشبه نفسه بداوود الضعيف الصغير، والذي يدافع عن نفسه ضد جالوت القوي الكبير.
اليهود كانوا حتى بداية القرن العشرين مواطنين في المنطقة العربية، لهم حقوق، وآخرون كانوا جزءًا مهمًا في العديد من الدول مثل: العراق، وسوريا، واليمن، ومصر، والمغرب. وهذا عكس ما كانت معاناتهم في أوروبا، حيث كانت معاملتهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية. وهذا ما جعلهم منغلقين على أنفسهم، وسبب عزلتهم ليس لأنهم يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، بل هناك رغبة لديهم بالمحافظة على اختلافهم، ومن هنا نشأ فكر أنهم شعب الله المختار، وأنهم مختلفون عن البشرية العامة، وأنهم أسياد الأرض. وبدأت الصهيونية اتهام أي معارض لمشاريع الحركة بأنه معادٍ للسامية، لأن في الأساس، الصهيونية قائمة على فكرة معاداة السامية. تيودور هرتزل، الذي كان يدعو للاندماج بالمجتمع الأوروبي، وحتى هو بعيد عن التدين بالدين اليهودي، والبعض اتهمه بالإلحاد، حتى إنه لم يكن يعرف اللغة العبرية. إلا أن بعد زيارته إلى باريس تغيّرت لديه فكرة الاندماج، حيث إنه يرفض العزلة. ومن هنا بدأت فكرة الصهيونية لديه، وذلك بعد تأثره بشخصية دريفوس، وهو جندي في الجيش الفرنسي اتُّهم بالخيانة بالحرب العالمية الأولى والتعامل مع ألمانيا، ولكن اكتُشف لاحقًا أنه بريء، والذي جعل اليهود ينظرون لذلك الاتهام بأنه مبني على مبدأ العنصرية، والتي سبق أن دعا لها المسيحيون من الطائفة البروتستانتية في بريطانيا سابقًا. وهنا تلاقت المصالح بين أتباع الطائفة البروتستانتية، وهم من يحكم الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها، والرئيس الوحيد الذي لم يكن من تلك الطائفة اُغتيل عام 1963. إلا أن الفكرة خرجت من نابليون بونابرت، الذي اقترح ذلك سابقًا بالحملة الفرنسية على مصر والشام، وذلك بعد هزيمة محمد علي وتوقيعه اتفاقية لندن. وبعد فشل هرتزل في إقناع السلطان العثماني آنذاك بإيجاد أرض لليهود، إلا أن ذلك فشل لاحقًا، واستغلت الصهيونية ضعف الدولة العثمانية بسبب الحروب الخارجية، وأيضًا الظروف الداخلية بسبب الظلم العثماني للشعوب العربية. وقد قبلت بريطانيا، لمصالحها في المناطق التي تحت سيطرتها مثل قناة السويس، بالتدخل لأخذ فلسطين لتكون أرضًا لهم. في البداية، لم تكن فلسطين هي الغاية، بل كان الهدف أي أرض تكون فقط لليهود، لذلك كان في البداية عدة اقتراحات أخرى مثل: روسيا، الأرجنتين، أوغندا، مدغشقر. لكن في النهاية وقع الخيار على فلسطين.
ولكن في البداية، كانت هناك معارضة لقيام الدولة اليهودية من رجال الدين اليهود (الحاخامات)، لأنه في الدين اليهودي يعتبر ذلك رفضًا للإرادة الإلهية، والتي تقول إن اليهود كُتب عليهم الشتات في الأرض، لذلك رفضت الشخصيات اليهودية في ألمانيا قيام المؤتمر الأول في ميونخ. ولإقناع اليهود بالهجرة، دعا هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل (سويسرا) إلى العودة إلى أرض الوطن، وليس الهجرة إلى الوطن، واعتُبرت واجبًا دينيًا في ذلك المؤتمر، حتى يخلط بين اليهودية والصهيونية. ومن هنا بدأت الهجرة إلى فلسطين من العديد من الدول، لذلك اليوم نرى في اليهود داخل الكيان من عدة أصول، وحتى إلى زمان قريب، لم يتزوج الإسرائيلي إلا من نفس الجنسية الحقيقية.
الأرض الفلسطينية تعتبرها السردية الصهيونية على أنها أرض بلا شعب، ويقسّم المفسّرون ذلك القول إلى تفسيرين: الأول، وهو أن فلسطين قبل قدوم اليهود إليها لم تكن مسكونة وكانت صحراء قاحلة فقط، وهذا باطل بكل تأكيد، لأنه قبل القرن العشرين الميلادي كانت فلسطين وطنًا متكاملًا. أما التفسير عند اليهود، فهو أن الشعب في فلسطين هو شعب رجعي متخلف، وتلك الفكرة المتخذة عن العرب والمسلمين بشكل عام.
أما التفسير الثاني، فهو أن الفلسطينيين الذين في فلسطين يجب أن يُهجَّروا ويرحلوا منها، وذلك أقرب للأفعال التي يرتكبونها، وذلك ما أكّده قول تشرشل: "وجود الكلب في الحظيرة لا يعني امتلاك الكلب للحظيرة"، وهنا لا يُشبّه الفلسطينيون بتلك الكلاب، بل أيضًا الأمريكيون والأستراليون الأصليون.
إلا أن الحقيقة أنه لم يكن اليهود في فلسطين قبل القرن التاسع عشر الميلادي سوى 3%، لذلك حتى تزداد الخطة عدد اليهود هناك، قامت الحركة بترغيب الصهاينة بفلسطين، وقد قامت بشراء الأراضي لليهود، إلا أن الذين قاموا ببيع أراضيهم بعض أصحاب الثروات فقط، لأن الشعب الفلسطيني يعتبر الأرض جزءًا من شرفه وانتمائه لبلده.
وفي عام 1915، بدأ بعض الوزراء بطرح فكرة إنشاء دولة "إسرائيل" على أرض فلسطين، والتي ظلّت على طاولة النقاش حتى عام 1917، وهو إعلان وعد بلفور، والذي يأتي ليؤكّد أن الانتداب البريطاني هو تمهيد لقيام دولة "إسرائيل".
بعد دخول بريطانيا عام 1918 القدس مع بن غوريون، بدأت الهجرة بتزايد كبير، وذلك لظهور حكومات في بعض المناطق مثل حكومة تل أبيب، ورغم مواجهات العصابات مع الفلسطينيين، والتي قاد المقاومة الفلسطينيين فيها الشيخ عز الدين القسّام، والذي أدى استشهاده عام 1935 إلى انطلاق ثورة كبيرة ضد البريطانيين والحركة الصهيونية في فلسطين، والتي أدّت إلى ثورة ضخمة تجاه الاحتلال البريطاني، حيث قامت بريطانيا والعصابات الصهيونية باستخدام العنف مع الفلسطينيين، والتي أدّت إلى استشهاد أكثر من 1000 فلسطيني واعتقال آخرين، هذا عدا عن هدم بيوت الفلسطينيين، حيث فقط في حيفا هُدم نحو 200 بيت.
وفي عام 1940، وصلت نسبة الرجال الذين وقعوا بين قتيل ومعتقل ومنفي أكثر من 10%، وتزايدت أعمال العصابات الصهيونية بعد فشلها في شراء الأراضي من الفلسطينيين، وفشل محاولات جذب اليهود إلى فلسطين، فقررت الحركة الصهيونية تهجير الفلسطينيين، وذلك من خلال قيام العصابات الصهيونية بإرهاب الفلسطينيين، التي قامت بتفجير أسواق في حيفا والقدس وغيرها، وذلك بموافقة بريطانيا، والتي قامت بمساعدة العصابات الصهيونية لقتل أكثر من 5000 فلسطيني واعتقال الآلاف من الفلسطينيين.
واستمر ذلك حتى بدء الحرب العالمية الثانية، ومعها اختلفت الأولويات والمصالح بين الحركة الصهيونية وبريطانيا، وذلك ببدء الاضطهاد الحقيقي ضد اليهود في أوروبا، وحرب بريطانيا مع ألمانيا. لذلك، وبعد تزايد قوة العصابات الإسرائيلية، بدأت تلك العصابات بالقيام بعملية إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني.
رأت الصهيونية أن بريطانيا بدأت برفض المساعدة في الهجرة الصهيونية، وأدركت أن بريطانيا، حتى ولو انتصرت في الحرب العالمية الثانية، لن تكون بتلك القوة التي كانت عليها قبل، وفهمت مسبقًا أن إسرائيل بحاجة إلى حليف قوي ليس من أوروبا المنهكة من الحرب، لذلك اختارت الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدولة التي لم تتأثر بالحرب العالمية مثل بقية الدول الأوروبية.
وقبلت الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون راعيًا جديدًا لإسرائيل، لعدة أهداف، منها أن تكون قاعدة متقدمة تستطيع من خلالها أن تسيطر على الشرق الأوسط، وما يملكه من مصادر طبيعية تحتاجها أمريكا للسيطرة على العالم، وذلك بعد سيطرتها على أوروبا من خلال النظام الدولي الجديد، والذي بدأ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
إلا أن بريطانيا اعتبرت ذلك خيانة من الطرفين، وهذا ما استفز الحركة الصهيونية، والتي قامت بالعديد من الهجمات على مواقع بريطانية. من أهم تلك الهجمات هو الهجوم على فندق الملك داوود، والذي يُعتبر مقرًا للإدارة البريطانية في فلسطين. وقامت بريطانيا بتصنيف تلك العصابات على أنها جماعات إرهابية، ومن الشخصيات التي كانت مصنّفة بتهمة الإرهاب هو مناحم بيجن، والذي أصبح لاحقًا رئيس وزراء الكيان، ليحصل على جائزة نوبل للسلام.
وبعد تزايد الخلافات المتزايدة، قامت بريطانيا بإعلان انسحابها من فلسطين عام 1947، وتسليم أمر القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، لتصدر قرار التقسيم 181 لتقسيم فلسطين إلى 6 أقسام: 3 بيد اليهود، و3 بيد العرب، واعتبار القدس منطقة دولية.
ذلك القرار الذي يُعتبر مثالًا واضحًا للنظام الدولي الظالم، الذي وضعته الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن عدد اليهود أقل من نصف عدد العرب، ورغم ذلك وضعت الأمم المتحدة 56% من الأراضي تحت سيطرة اليهود.
ورغم ذلك القرار، إلا أن بلغت سيطرتهم بعد الهدنة 78%، وحتى اللحظة لم يتمكن اليهود من امتلاك مدن يهودية كاملة.
بعض الإحصائيات قبل عام 1948، أي قبل إعلان الكيان إقامة دولتهم المزعومة:
• عدد اليهود بلغ نحو: 600,000
• عدد الفلسطينيين بلغ نحو: 1,200,000
• امتلاك الأراضي لليهود: 6%
• امتلاك الأراضي للفلسطينيين: 94%
دخول الدول العربية جاء متأخرًا لأن بالأساس لم يكن هناك دول بالمفهوم الذي نعرفه عن الدولة، فتحت تلك الدول فتحت باب التجنيد لينظم نحو 4000 جندي للجيش والذي سُمّي بجيش الإنقاذ، ورغم دخول الدول العربية الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي لم تتمكن من هزيمة العصابات الصهيونية وذلك لعدة أسباب أهمها أن التطور في التدريب والسلاح الذي تملكه تلك العصابات لم تكن تملكه أي من الجيوش العربية، وبعد ذلك الدخول بدأت العصابات الصهيونية بشهر شباط من عام 1948 خطة العصابات بالتطهير العرقي والتي بدأت بالقدس رغم أنها لم تكن من الأراضي التي ضمتها الأمم المتحدة لسيطرة اليهود في قرار التقسيم، الخطة تنص على محاصرة القرى من ثلاثة اتجاهات ثم مهاجمتها وارتكاب المجازر فيها حتى يجبروا على الخروج من الاتجاه الرابع للقرية ومن الأمثلة على تلك القرى دير ياسين والتي استُشهد فيها نحو 250 شخصًا أي ثلثي القرية أما أعين الجنود البريطانيين حيث كان يوجد مركز أمني بالقرب من تلك القرية، ليبقى الذين تمكنوا من النجاة لينقلوا ذلك الإرهاب التي ارتكبتها العصابات هناك ليبدأ بعدها الحرب النفسية والخوف من تكرار تلك الجرائم بكل القرى ليتهجر نحو 75000، ولكن يجب علينا أن نفهم أن أكثر من نصف الفلسطينيين الذين هاجروا قد تركوا بلادهم قبل عام 1948 لنستنتج أن الحركة وبمساعدة بريطانيا قد بدأوا بخطة التهجير قبل ذلك العام، وتعتبر دير ياسين كانت نقطة فاصلة لما جرى في نكبة 48، وحتى تظهر براءتهم من الجرائم قامت الحركة الصهيونية ببناء متحف على بعد نحو 1 كم للهولوكوست حتى تمحو جرائم العصابات الصهيونية والتي لم تكن مجرد عصابات بل أنها تعتبر جيشًا منظمًا مقسمًا على مجموعات هدفها قتل الإنسان الفلسطيني، تلك العصابات التي قتلت مبعوث الأمم المتحدة الذي قام بزيارة مخيمات اللاجئين في الأردن وذلك بعد هزيمة الجيوش العربية، وأعلن فيها حق العودة للفلسطينيين، وشارك به إسحاق شامير والذي أصبح لاحقًا رئيس وزراء الكيان، وقامت بالرد على ذلك الإعلان بإعلان حق عودة اليهود إلى أرض الميعاد والذين خرجوا قبل 2000 سنة، لا بد لنا أن نعترف بأن الحركة الصهيونية لديها القدرة على إنشاء سردية كسبت من خلالها تعاطف الغرب، حتى أنها استطاعت نقل تلك السردية عبر الأجيال، رغم التفكك الذي تعيشه داخليًا حيث ومن فترة بسيطة لم يكن اليهود يتزوجون إلا من جنسيتهم الأصلية، وذلك لأن جلهم من مزدوجي الجنسية.
بلغ عدد المهاجرين من فلسطين نحو 75,000، إلا أن ذلك كان قبل 77 سنة، واليوم بلغ عدد هؤلاء أكثر من 7 ملايين شخص.
ورغم أن تلك الأجيال لم تكن موجودة آنذاك، إلا أنها ما زالت تميز نفسها، وأيضًا أطفال الكيان يتعلمون كراهية أطفال العرب والمسلمين، لذلك ستبقى القضية تتوارث بين الأجيال، ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن ينسى ذلك، وإن نسي، فالاحتلال بما يفعله يذكّر الفلسطيني، لأن إسرائيل تؤكد أنها "دولة" فصل عنصري، وذلك ما أعلنته هي نفسها على لسان رئيس وزراء الكيان نفسه، بنيامين نتنياهو، حيث قال: "إن إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها، إنما دولة قومية لليهود فقط"، رغم أن الفلسطينيين الذين بقوا إلى يومنا هذا في فلسطين عددهم ليس بقليل، بل إنهم أكثر من 7.8 مليون فلسطيني، مقسمين إلى 3 أقسام، هم:
1- فلسطينيو الداخل: أي الذين ما زالوا يعيشون على الأراضي التي احتُلّت عام 1948، ويبلغ عددهم 2.2 مليون فلسطيني، وهم مواطنون من الدرجة الثانية في كافة مناحي الحياة، ومنها التعليم والعمل والدخل والخدمات الصحية.
2- فلسطينيو الضفة: الذين يعيشون على الأراضي التي احتُلّت عام 1967، ويبلغ عددهم 3.3 مليون، والذين يعيشون تحت حكم عسكري مباشر. تُقسّم الضفة إلى أجزاء، وكل جزء عليه عدة حواجز، تحيط بكل جزء مجموعة من المستوطنات، حيث بلغ عدد المستوطنات الرسمية 144، و224 غير رسمية، وأيضًا بلغ عدد المستوطنات التي قيد الإنشاء 22.
هذا غير التمييز بين الخدمات لتلك المستوطنات عن باقي مناطق الضفة، والذي وصل حتى إلى المياه.
هذا غير الترهيب ضدهم، حتى أنهم يقومون باقتحام البيوت والمدارس والمستشفيات وبيوت العبادة للديانتين المسلمة والمسيحية.
كل تلك الإجراءات هي لإجبار الفلسطينيين على الهجرة.
3- فلسطينيو غزة: ويبلغ عددهم 2.3 مليون، يعيشون في مساحة تبلغ 360 كم²، حيث تُعتبر غزة من أكثر المناطق اكتظاظًا في العالم، عدا أنهم يعيشون تحت حصار لم يشهد له مثيل، حيث لا يوجد مطار أو ميناء، وحتى المعابر مغلقة بشكل شبه كامل، حيث لا يدخل أي شيء دون موافقة جيش الاحتلال.
وهذا عدا عن قلة مصادر المياه، حيث إن 90% من المياه الجوفية غير صالحة للشرب أو حتى للزراعة، والتي لا توجد لها أراضٍ صالحة، لذا فأغلب مصادر الغذاء من الخارج، أو مما يُسمح بدخوله من الخارج.
أما بالنسبة للكهرباء، فالاحتلال لا يسمح بدخول أكثر من نصف الاحتياج الكهربائي للقطاع.
أما البطالة، فقد بلغت نسبتها نحو 50%.
غزة، على الرغم من أنها غير محتلة مباشرة، إلا أنها تعيش داخل سجن خانق.
كل هذا الوضع الصعب كان قبل السابع من أكتوبر، فكيف هو الوضع الآن؟
القضية الفلسطينية عادت إلى الواجهة خلال 10 السنوات الأخيرة، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ولايته الأولى دونالد ترامب عن صفقة القرن حيث فهمت الشعوب العربية أن تلك الصفقة جاءت استكمالاً لوعد بلفور وأنه لا خيار أمامهم غير المقاومة ضد الاحتلال المدعوم من الغرب، وأن طريق السلام كذبة اخترعها الغرب للتنصل من إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وهذا ما جعل المستوطنين يزداد استفزازاتهم ضد الشعوب العربية وليس فقط الشعب الفلسطيني بل إنها تجاوزت على مشاعر المسلمين بسبهم خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأيضاً اعتداؤهم على المساجد واقتحاماتهم المتكررة إلى المسجد الأقصى، ومن هنا بدأت شرارة الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي حيث أجمع فلسطيني الداخل والضفة على مواجهة الاحتلال، لتبدأ المقاومة الحرب على الكيان بإعلانها عملية سيف القدس عام 2021 والتي رضخ بها الكيان الإسرائيلي إلا أن الدعم الغربي غير المحدود جعلهم يتناسون ما حدث لهم ليعودوا لأفعالهم السابقة بعد أشهر من إنهاء العملية، وتعتبر عملية سيف القدس نواة لعملية أكبر بكثير وهي عملية طوفان الأقصى والتي بدأت في السابع من أكتوبر عام 2023 والمستمرة حتى وقتنا الراهن، والتي جعلت التفكير الإسرائيلي يصب باتجاه الخطر الوجودي، حيث انهارت القوات العسكرية وفشلت الاستخبارات العسكرية بشكل لم يتوقعه أحد حتى المقاومة نفسها، إلا أن هذا لم يستمر طويلاً لتهرع الدول الغربية لدعم الكيان الإسرائيلي لمنع انهياره، حتى أن الكيان أغلق المطارات لمنع عودة المستوطنين إلى دولهم الحقيقية، وهذا جعل الكيان المدعوم من دول الغرب يقوم بإبادة جماعية على غزة، ويمارس كل سياسات التهجير والتجويع على منطقة هي بالأساس تعاني من جميع مناحي الحياة وذلك لأنها تعيش في سجن كبير، ليموتوا بشكل بطيء، ولعل ما يحدث من جرائم يوضح لنا حقائق عدة أهمها، أن الكيان الإسرائيلي ليس سوى قاعدة عسكرية متقدمة هدفها محاربة أي جهة تقف أمامها، هذا الكيان قام بطريقة إرهابية على جثث أشخاص "جريمتهم" هي أنهم دافعوا عن أرضهم ضد الكيان الذي أنشئ ليقوم بفعل كل شيء من أجل غايتهم وأن كل القوانين الدولية لن تمنعهم بل إنها لا تطبق إلا على من يريد أن يقف أمامهم، وهذا يجعلنا أكثر إدراكاً أن كل القوانين والهيئات والمؤسسات صممت لتقف مع القوي ضد الضعيف، ولتظهر لنا عجزنا وضعفنا تجاه قضيتنا الأهم من حيث القومية والدينية، وكشفت تلك العملية أيضاً ما حدث عام 1948 من جرائم حتى لا ينسى هذا الجيل القضية التي حتى يومنا هذا لم ينساها أبناؤها وحتى الذين لم يدخلوا تلك الأراضي يوماً إلا أنهم يؤمنون بحق العودة والذي يقترب كل يوم أكثر من الذي يسبقه.
الفرق بين الرواية التاريخية الصهيونية والرواية التاريخية للفلسطينيين
الرواية الصهيونية قبل 1200 ق.م
الكنعانيون كانوا موجودين في فلسطين إلا أنهم شعوب وثنية غير مستقرة وليس لهم إرث حضاري وهم ليس الفلسطينيين الحاليين لأن وجودهم انتهى مع قدوم العبرانيين بين 1200 ق.م و586 ق.م، الذين قدموا من مصر إلى أرض كنعان بأمر من سيدنا موسى عليه السلام والذي أسند ذلك الأمر إلى يوشع بن نون للعودة باليهود من مصر، وأن هناك ممالك قامت على أرض إسرائيل مثل مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل.
الرواية الفلسطينية قبل 1200 ق.م
الكنعانيون هم الشعوب السامية التي أقامت في فلسطين منذ أكثر من 3000 ق.م وهذا يعني أنهم حتى قبل ظهور بني إسرائيل، واليبوسيين كان وجودهم في القدس قبل أن يأخذها سيدنا داوود عليه السلام، والفلسطينيون بين عام 1200 ق.م وعام 586 ق.م لم يكونوا يسيطرون على كافة فلسطين حيث كان هناك ممالك صغيرة وبفترات قصيرة مثل مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل.
وهذا يعني أن الفلسطينيين وجودهم كان قبل ظهور بني إسرائيل أساسًا.
الرواية الصهيونية بين عام 586 ق.م وعام 70م
الفترة هذه هي فترة احتلال "إسرائيل" من قبل البابليين، والفرس، واليونان، والرومان، وأن رغم كل تلك الفترات إلا أن اليهود حافظوا على هويتهم الدينية والثقافية وتعتبر الرواية أن الرومان عام 70م دمروا الهيكل الثاني وتم طردهم خارج "إسرائيل".
الرواية الفلسطينية بين عام 586 ق.م إلى 70م
الرواية لا تنكر احتلال فلسطين من قبل البابليين والفرس واليونانيين والرومان ولكن الفلسطينيين بقوا في أرضهم ولم يخرجوا منها عكس ما قام به اليهود وأن بعض اليهود عادوا مع قدوم الفرس إلى فلسطين.
الرواية الصهيونية بين عام 70م إلى أواخر القرن التاسع عشر
اليهود رغم أنهم عاشوا 1900 سنة في الشتات إلا أن اليهود كانوا يصلون من أجل العودة "لأرض الوطن" رغم أنه لم يكن سوى أرض صحراء خالية.
الرواية الفلسطينية بين عام 70م إلى أواخر القرن التاسع عشر
الفلسطينيون كانوا تحت حكم الرومان والتي أقرت باسم فلسطين في الوثائق الرومانية ولحقًا البيزنطية، ومع قدوم الإسلام وبالتحديد عام 638م دخل المسلمون بقيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهنا عاش المسلمون والمسيحيون في فلسطين وحتى مع سيطرة الدولة العثمانية على فلسطين عام 1516م بقيت فلسطين بلد السلام والتعايش حيث كان يعيش فيها المسلمون والمسيحيون وأقلية يهودية.
الرواية الصهيونية بين أواخر القرن التاسع عشر إلى عام 1948
النهضة الصهيونية رغم كل الاضطهاد الذي عانى منه اليهود في العالم وخصوصًا في ألمانيا وروسيا وهنا جاءت رؤية هرتسل وهي "العودة إلى أرض الوطن" والتي تعتبر الهجرة إلى فلسطين والتي بدأت عام 1882م على أنه مشروع لقيام دولة حضارية وأن العرب هناك هم من حاولوا لإفشال قيام تلك دولة والتي تهدف إلى التعايش السلمي ورفضوا قرار التقسيم الصادر من مجلس الأمن لذلك كان لا بد من استخدام القوة، إلا أنه رغم ذلك لم يقم الجيش الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين بل أنهم قاموا بذلك بطلب من القيادات العربية، وجاء وعد بلفور بدعم قيام الدولة تكريمًا للقيم السلام الصهيونية.
الرواية الفلسطينية بين أواخر القرن التاسع عشر إلى عام 1948
بدأت الهجرة الصهيونية من أوروبا (ألمانيا، روسيا، بولندا، وغيرها لاحقًا) الفلسطينيون لم يكونوا لديهم أي مشاكل في ذلك الوقت مع اليهود المحليين إلا أن المهاجرين اليهود لم تكن حركتهم داخل فلسطين مطمئنة ومع سقوط الدولة العثمانية واحتلال بريطانيا لفلسطين أصبح من الواضح أن هناك مشروعًا استعماريًا غربيًا لفلسطين لذلك قد قامت هناك العديد من الثورات ضد الحكم البريطاني رغم القمع البريطاني، وبعد الرفض لقرار التقسيم الظالم ومقاومة ذلك القرار قامت العصابات الصهيونية بعدد من المجازر وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
توقيع اتفاقية تعاون لإطلاق فعالية 2025 Expo C8
صندوق الائتمان العسكري يحقق أرقامًا قياسية .. تمويلات بقيمة مليار دينار
إرادة ملكية بتجديد تعيين رؤساء 3 جامعات أردنية
يويفا يطلق مبادرة إنسانية لدعم أطفال غزة
الدولار يتراجع مع ترقب خفض أسعار الفائدة
شركة الكهرباء الوطنية تحذر من ذروة الاستهلاك المسائي
حماس تبدي استعدادها لإبرام صفقة مع إسرائيل
الأمن العام يضبط عشرات المتورطين بالمخدرات .. صور
سوريا وتركيا تبحثان تحديات السويداء والتدخلات الخارجية
إطلاق نادي الحكماء لدعم كبار السن في الزرقاء
راغب علامة يحضر مفاجأة فنية في مصر
رسائل فدية مخصصة تثير القلق في الشرق الأوسط
الضمان يوضح آلية زيادة الإعالة التقاعدية
دير علا تسجل أعلى درجة حرارة بالمملكة الاثنين .. كم بلغت
الجيش يفتح باب التجنيد للذكور .. تفاصيل
أسماء أوائـــل التوجيهـــي في الأردن
توضيح سبب تضاعُف قيمة فواتير الكهرباء خلال الفترة الحالية
ما هو الحد الأدنى لمعدل القبول في الجامعات الرسمية
تفعيل رابط نتائج التوجيهي عبر الموقع الرسمي
ما هي الحدود الدنيا لمعدلات التنافس لمرحلة البكالوريوس
إلى الأستاذ الدكتور إسلام المسّاد، رئيس جامعة اليرموك السابق
القبض على مسبب انقطاع الكهرباء يوم التوجيهي
تعيين 450 معلمًا ومعلمة في مسار التعليم التقني المهني BTEC
حقيقة صرخة جيسيكا الأخيرة: حوت الأوركا لم يرحمها