ثروات السودان وأطماع الداخل والخارج

mainThumb

08-11-2025 11:55 PM

السودان ذلك البلد الغني بموارده حيث تُعتبر من أغنى الدول الأفريقية بالموارد، فهي سلة غذاء أفريقيا، وتمتلك أراضي زراعية خصبة بأكثر من 200 مليون فدان، ويمر بأراضيها نهر النيل بفروعه الثلاثة، وتمتلك أيضًا ثروة حيوانية بأكثر من 100 مليون من الماشية، والأهم من ذلك تعتبر السودان من أغنى الدول الأفريقية من حيث الثروة المعدنية والنفطية حيث يوجد الذهب في دارفور بكمية ضخمة، وأيضا يعتبر جنوب السودان منطقة غنية بالبترول والغاز، وهناك معادن أخرى موزعة على أراضي السودان مثل اليورانيوم وغيره، وأيضا يمتلك السودان قدرة إنتاج كبيرة لمصادر الطاقة حيث المساحات الشاسعة هناك، وأيضا يمتلك نظام بيئي متكامل بسبب الغابات الكبيرة هناك، ولكن كل ذلك كان سببًا في اشتعال الحروب والأزمات بغض النظر عما يدعوا أن تلك الحروب نشبت بسبب الاختلاف الديني والتيارات الدينية والإهمال لبعض المناطق والخلافات القبائلية، إلا أن أن كل ما جرى بالسودان كان سببه هو الأطماع بالموارد الموجودة فيه، ودليل ذلك أن الأزمات والتمرد تخرج من مناطق ذات أهمية اقتصادية مثل جنوب السودان وإقليم دارفور، بغض النظر عن ادعاء جنوب السودان بأن هناك اضطهاد بسبب اختلاف الدين، وادعاء دارفور أنهم مهمَلون من قبل الدولة ولكن قد تكون تلك الأسباب موجودة بالفعل لكنها ليست السبب الذي جعلهم يتمردوا على الحكم، الموارد الأقتصادية دائما ما تكون إما سببا في الرخاء والقوة والاستقرار وإما أن تكون سببا في الأزمات والحروب والانهيار.
هذا وقد مرت السودان بالعديد من الأزمات والحروب الداخلية منذ استقلالها عن الحكم البريطاني الذي أعتقد أن بريطانيا هي المحرك الأساسي لتلك الحروب، حيث أنها دعمت القبائل وأنشأت التفرقة بينهم حتى تضعِف السودانيين، حيث ومنذ 1955 حتى عام 1972 شهدت تمرد في الجنوب السوداني، وانتهت باتفاق اديس ابابا والذي يعطي جنوب السودان الحكم الذاتي، إلا أن ذلك الاتفاق لم يستمر سوى 10 سنوات لتبدأ حرب جديدة أشد فتكًا حيث راح ضحيتها 2 مليون إنسان تقريبًا، وانتهت باتفاق نيفاشا عام 2005 والذي يمهد للانفصال جنوب السودان عام 2011، إلا أن الأزمات لم تنتهِ هنا بل نشب في نفس الفترة تمردًا في إقليم دارفور، وبعد سقوط الرئيس عمر البشير عام 2019 بعد حكم استمر نحو 30 عامًا، تم تشكيل مجلس انتقالي بقيادة الفريق عوض بن عوف ليوم واحد ليستلم بعد الفريق عبد الفتاح البرهان، لتبدأ بعد سنوات، الحرب التي ما زالت مستمرة ليومنا هذا بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) والجيش السوداني بقيادة البرهان، الذين نجحا في الانقلاب على البشير رغم أنهما كانا من صناعته وتحت قيادته حتى أن حميدتي كان مقره دارفور منذ أن أرسله البشير للسيطرة عليها، إلا أن انقلابهما لا يعني أنهما يختلفان عنه بل لأن كانت هناك فرصة للسيطرة على الحكم، إلا أن الحكم لا يقسم على اثنين إلا إذا قسمت الأرض بينهما، وهذا ما يخشاه الشعب السوداني.
الحرب الجارية في السودان الآن تزداد فتكًا أكثر بعد سيطرة الدعم السريع على إقليم دارفور، حيث قامت القوات بعد إحكامها السيطرة على الإقليم بأبشع الجرائم والمجازر بأبناء الإقليم، تلك الجرائم التي لم تأخذ حيزًا في وسائل الإعلام وهمشت بشكل كبير، رغم أن الحرب ومنذ 2023 تسببت بنزوح ما يقارب 10 مليون سوداني ونصف سكان السودان مهددين بالمجاعة، ولا يبدو أن الحرب ستنتهي قريبا؛ لأن لكل طرف من الأطراف لديه حلفاء يقدمون الدعم مقابل أجندة مختلفة تطمح لتحقيقها وتبقى الضحية هي الشعب السوداني الذي لم يشعر بالأمن والأمان يوما.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد