خدمة حكومية بلا جهد

mainThumb

09-11-2025 12:47 AM

تتغيّر مفاهيم الإدارة العامة في العالم بسرعة، فلم يعد المواطن يقبل أن تكون معاملاته مع الحكومة رحلة طويلة من التوقيعات والانتظار. اليوم، تتجه الدول إلى مفهوم جديد يُعرف بـ "الخدمة الحكومية بلا جهد"، أي أن يحصل المواطن على الخدمة بسهولة وسلاسة، دون أن يضطر للتنقل أو المتابعة أو التكرار.
“الخدمة بلا جهد” لا تعني إلغاء الجهد البشري تماماً، بل تهدف إلى تقليل المشقة على المستفيد عبر إعادة تصميم تجربة الخدمة من منظور المستخدم، لا من منظور المؤسسة. أي أن المواطن أو المستثمر أو السائح هو محور العملية، وتبنى الإجراءات والأنظمة بما يلبي احتياجاته بسلاسة ووضوح.
الفكرة ببساطة أن الحكومة هي من تفكر وتبادر نيابة عن المواطن، وتجعل طالب الخدمة في قلب استراتيجياتها وعمليتها وبالتالي تمحور الخدمة حول المواطن. فإذا احتاج إلى تجديد وثيقة أو دفع رسوم، يتم الأمر تلقائياً عبر أنظمة رقمية مترابطة، دون أن يشعر بأن هناك إدارة تعمل في المكاتب الخلفية.
الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب إجراءات بسيطة، وتكامل بين المؤسسات، وتحول رقمي وبيانات دقيقة تسمح بتقديم الخدمة قبل أن تُطلب. فالحكومة الحديثة لا تنتظر المراجع، بل تذهب إليه بخدمة ذكية ومتكاملة.
في الأردن، بدأت ملامح هذا التحول بالظهور من خلال مشاريع التحول الرقمي ومنصات الخدمات الموحدة، لكن الطريق لا يزال بحاجة إلى إرادة إدارية وثقافة مؤسسية جديدة تؤمن بأن الوقت والراحة حق للمواطن.
في النهاية، الخدمة الحكومية بلا جهد ليست ترفاً تقنياً، بل مؤشر على نضج الدولة واحترامها لإنسانها. فالحكومة التي تعمل بصمت، وتُنجز دون عناء، هي التي تصنع ثقة الناس وتبني المستقبل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد