رد على ورقة الملك النقاشية

mainThumb

19-10-2016 12:51 PM

صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظكم الله ورعاكم ، تحية طيبة لكم لجلالتكم
 
 
 
إيمانًا أن أوراقكم وكلماتكم محط الإعجاب والتقدير فكل كلمة في أوراقكم تتضمن مضامين غاية في الأهمية وكحس تفاعلي نتناقش فيها إيمانًا بأهميتها كمادة نقاشية هادفة يجب أن تجد مكانتها في الحوارات والندوات وصولا للغاية المرجوة.
 
 
 
صاحب الجلالة ، كأردني بلا ألقاب يحق لي بحكم سيادة القانون الذي أقر به وبسيادته وبحكم تشجيعكم لنا لممارسته أن أوجه لكم هذا الرد على ورقتكم النقاشية الأخيرة:
 
 
صاحب الجلالة  لما الرد على ورقتكم باسم أردني؟
 
  صاحب الجلالة : أردني أداة التعريف التي يتمنى الأردنيون أن تكون وحدها تكفي لتضمن حقوقهم وإنسانيتهم وكرامتهم في الأردن وخارجه، أردني كفيلة لتحترم في كافة مؤسساته في الداخل والخارج، تضمن أن هنالك سيادة للقانون تفوق الألقاب والفئوية والواسطة والمحسوبية.
 
صاحب الجلالة لا ينكر أي مطلع ومواكب للواقع والحقائق بما لا يقبل الشك أن ما تناولته أوراقكم النقاشية القيمة الستة من الأفكار والرؤى حول مسار عملية الإصلاح السياسي في وطننا وما تشكله من رسالة ومنهج للتغيير الفعلي لهيئة ما عرف بالربيع العربي الذي كان داميًا في ما حولنا وكان أيضًا في وطننا، وهذه تنم عن حكمة تحاكي الواقع ويلتمسه، وهذا جهد يكتب لكم في سجل التاريخ يشير له أبسط مطلع بشهادة غير الأردنيين قبل الأردنيين وبشهادة الحقيقة الواقعة والماثلة في واقع وطننا الذي ينعم بما يتمناه الملايين من حولنا، وقد رسمتم في خطواتكم الأخيرة عبر أفعالكم بما وضحتم بأوراقكم النقاشية الأدوار المأمولة من كل أردني في العملية السياسية، كلمة السياسة والإصلاح التي كانت فقاعة وقناع الكثيرين للمطالبة بالتغيير نحو التدمير الذي حصل في المنطقة، وقد وضعتم نقاطًا على حروف المطالبين ومضيتم مع الكل نحو هدف نهائي كان مطلبا متمثلاً بالوصول إلى المستوى المنشود من المشاركة الفعلية في العملية الديمقراطية ككل متكامل والتي توجت بالانتخابات الأخيرة، وقد بدأتم التغيير وقدمت حراكا للأهداف قبل أن تتضح للمطالبين فيها، وقد بدأتم بالتشريع واستندتم للحوار الوطني الشامل الذي كان مرتكزًا لضمان السلم المجتمعي في وطننا، وقد خطيتم طريقًا لم يرتكز على المحاباة والآنية في تصدير الأزمات في سنوات يشهد التاريخ أنها عصفت باعتى الأنظمة في المنطقة والعالم وأطاحت بها في سنوات حملت فوضى عارمة تخللت لبنة المجتمعات وحولت السلم الداخلي حتى على مستوى لبنة المجتمع المتمثلة بالأسرة إلى حالة صراع ان لم يكن ظاهريًا فقد كان فكريًا، ورغم هذه التحديات فقد شكلتم واسط الميزان الذي أبقى كفة الأردن (وطننا) متزنًا رغم محولات العبث في كفاته، وقد كنتم وما زلتم محل تقدير الأردنيين وغيرهم وما زلتم وستبقون بإذن الله بلا مجاملة من قلمي واسط وعمود البيت للسلم المجتمعي لهذا الوطن.
 
 
 
صاحب الجلالة 
 
في ورقتكم الأخيرة الورقة النقاشية السادسة (الضامدة للجرح) التي هي محور الواقع الذي نعيشه كأردنيين قد وضعتم اليد الضامدة على جرح نازف في قلوبنا، جرح يعد محوريا في ترسيخ المواطنة الصالحة والانتماء الفعلي، فغياب سيادة القانون التي تولد غيابًا للعدالة تعد معول هدم في أي مجتمع كان مهما كان من الصلابة والازدهار الظاهر، وفي وطننا قد لا يكون من الإنصاف أن ندعي كأردنيين أننا عبرنا بالربيع الأبيض نحو مستقبل مزهر في ظل محاولات الكثيرين ترسيخ ثقافة السيادة الفردية فوق سيادة القانون، وهذه السيادة الفردية خطر مجتمعي تشيرون له وهي مرتكز لمداخل الجنون الفكري الذي يولد بمرور الزمن حالة انتزاع انتقامية من الحلة الوطنية وحتى الإنسانية متجها بالأفراد والمجتمعات نحو حالة قانون الغاب والعصبيات المختلقة التي هي بالفعل منشأ الفكر الضلالي للدواعش وغيرهم في عالمنا، وكما أشرتم فإن وطننا تحمل من الصدمات والأزمات ما يجعله محل دراسة اعجابية عالمية تبدأ من يعاصر الواقع وتنتهي بمن يكتب التاريخ ليقرأ في المستقبل، وقد ضرب الأردن مثلاً معاصرًا للمشككين في تسامح الإسلام بما يمثله من حالة فريدة يسود فيها الجوار بين ألوان فكرية وعقائدية استحال في محيطنا الإقليمي الجمع بينها في طاولة حوار ولكنها جمعت في الأردن بقيم تؤمن بالإنسانية تحت ظل رايتكم الهاشمية، وهذه الحالة شهادة بواقع الاغتراب من جاليات عربية مختلفة وحتى ثقافات مختلفة يعتبرون الأردن بمثابة نموذج يتمنونه في بلادهم التي بات طرق عودتهم لها أحلام في خيالاتهم وأصبح الأردن واجهت مخططاتهم المستقبلية لواقع ونموذج لنظام دولة يمكن التعايش بها ضمن سيادة قانون يحكم المجتمع ويمنع التغول الفردي أو الفئوي لجهة على أخرى،  وهو ما أشرتم له في ورقتكم بأن الأردني بالخارج يمكنه أن يدرك المغزى مما تقولون بحكم الاحتكام لشهادة الكلمة العابرة في دول يعبرها الأردنيين وهم على ثقة أن طريق العودة للأردن الوطن لا يحتاج لمحطات وأذون (تأشيرات) وتخطيط للعودة، هذه الفوارق يدركها أهل الأشقاء في العراق، اليمن، سوريا، ليبيا،...، يدركونها بحكم تجربة حقيقة لدول تمتلك إمكانات تفوق الأردن بالماديات ولكنها افتقرت لقيادة حكيمة في مسيرتها.
 
 
 
صاحب الجلالة 
 
إن الأردنيين في الخارج وبحكم التعايش مع الجاليات العربية يمكنهم أن يتفهموا هذه الحقيقة كما أشرتم لها في ورقتكم (الضامدة للجرح) كما يمكنهم أن يتفهموا محور وعمود الميزان الذي افتقدته تلك النماذج العربية مما أوصلها لما وصلت له من فوضى، ولكننا ندرك بحكم التجربة أن تلك الضوابط في وطننا التي ينتابها خلل يحاول كثيرون أن يرسخوه ويرسخوه ليصبح ثقافة ويصبح قانونًا فوق سيادة القانون، وهو الواسطة والمحسوبية وسيادة الفرد على القانون بحكم سلطة وظيفية تتحول في ما بعد إلى مشرع وضابط وقاضي ومنفذ (تتحول إلى قانون الغاب)، وهذا اتضح بنماذج هزة مشاعر الأردنيين في أحداث يشهدها الأردنيين بين الحين والحين كحالات فردية، ولكن لا يمكن إنكار تناميها يومًا بعد يوم، وهنا يكمن محور ورقتكم النقاشية السادسة (الضامدة للجرح) بأنكم تخبرننا كأردنيين أنكم بحكمة تدركون الحقائق والواقع الذي يحاول أن يرسخ وأنكم بمعرفتكم هذه ستكوننا الرقيب والقائد الحازم في تفعيل سيادة القانون على الجميع لتسود العدالة والإنصاف بشكل كامل يضمن عدم تغول القوي على الضعيف يضمن لجيل من الشباب يدرك أن أحلامه في حقه بالعمل يكفلها له قانون يحميها قائد يؤمن بالمساواة والعدالة بين أبنائه.
 
صاحب الجلالة 
 
بمضون ورقتكم : أنكم تدركون بوجود الظلم المتسلط على الكثيرين، وأنكم تحاولون الإصلاح ما استطعتم وهذا واقع يحييكم به الأردنيون.
 
صاحب الجلالة
 
 لا أنكر كأردني بلا واسطة ولا ألقاب أمام كلماتكم هذه في ورقتكم النقاشية (الضامدة للجرح) أنكم رسمت لنا طريقًا يؤمن أن ما يخيل لنا انه بعيد عنكم هو في الحقيقة في فكركم وهو محور ما تجتهدون في سبيله في الصعيد الداخلي والخارجي والمتمثل بمعرفة المتلمس لهموم المواطن الضعيف، فلا يمكن الإنكار أنه في لحظات يتخلل الفكر أن الأردن كوطن يتجه بمسار لا ترتضونه بحكم المتسلقين فوق سيادة القانون ليرسموا قيودًا في الحقوق لنصبح كأردنيين نعيش حالة اغتراب ولجوء داخلي لا يعلمه محيطنا العربي والعالمي بحكم ظاهره السلمي ولكنه يتمثل بحالة احتراق ذاتي يحاول العابثين إيجادها في جيل يعيش ظلمًا يصنع باسم سيادة من يدعون أنهم فوق سيادة القانون، وهذا فتيل لا يمكنه البقاء كثير بلا اشتعال في ظل كترة الهشيم، كثرة الهشيم التي تخرج شبابًا نحو (داعش وغيرها) تحرق أحلامهم وتحولهم لفراغ فكري ومستقبلي يجدون فيه مثل هذه التنظيمات خيرًا لسده، ليتحولوا من طبيعتهم الإنسانية الطيبة لحالة همجية تحرق وتنكل بغيرها.
 
 
صاحب الجلالة 
 
كأردنيون ندرك أن سيادة من يحاولون التسيد فوق القانون لا تتمثل فقط هم فئة من المتمركزين بوظائف بذاتها كحالات فردية لا عامة بل أيضًا تتجاوزها لتسيد الفوضويين ممن يجعلون من عملية تعايشهم في مجتمعاتهم كحالة فوضوية في كل شيء ابتداء من إزعاج المارة بالشارع مرورًا بحمل السلاح واستعراض القوة والعصبية بحكم عقلية التعصبات الفئوية وصولًا للتعصب للعشائرية والتعصب الديني في غياب منطق العدالة، وهؤلاء فئات لا يمكن إنكارها لكنها كلها يمكنها أن تحجم وتقزم وتنتزع بحكم سيادة حازمة للقانون الذي نتمنى أن يكون حاضرًا في كل شيء، وهذا لب حديثكم حول التطوير في القضاء ومسيرة القضايا والمؤسسات ذات الصلة وآلية التعامل معها.
 
 
 
نتمنى أن تكون ورقتكم (الضامدة للجرح) أن لا تكون أحبارا على أوراق لا تتجاوز طاولتكم ومطابع الصحف فكما أشرتم فيها فالتنظير وحده لا يكفي وانتم أهل التنفيذ صاحب الجلالة نتمنى أن نجدها واقعًا نعيشه، فمن لم يحاكي الواقع يتجاهل أننا كفئة من الشباب وجدنا أن الشباب في هذه الحالة أيامًا تمضي بلا معنى وأنهم طاقة تهدر في ظل غياب سيادة للقانون لا تحقق العدالة وتحول منظور الشهادة العلمية والكفاءة إلى مستند مساند وأن الواسطة والمحسوبية هي الشهادة وهي الغاية، للحظات واسطتك قبل شهادتك، معارفك قبل كفاءاتك، انتماءاتك قبل إنسانيتك، هذه حقائق موجودة لا يمكن لأي كان إنكارها في أغلب مؤسساتنا.
 
صاحب الجلالة 
 
إنكم بورقتكم (الضامدة للجرح) تحيطوننا كأردنيين أنكم تعلمون ما يدور في الشارع من واقع وتدركون أن ما حدث من أحداث ظهرت فيها الفوضى أنها ليست وليدة فراغ وبالأخص بما يتعلق بالبطالة والشباب، تدركون أن القضية تتعلق بسيادة القانون الذي يغيب بين الحين والحين تتعلق بالواسطة وبالعدالة في التنمية وتوزيعها ولا تتعلق بقضية النظام، تدركون أن هنالك اخطأ علينا كأردنيين أن نتشارك لحلها تتدرج تصنيفاتها في سلوكياتنا في حياتنا اليومية والوظيفية وفي آلية تعايشنا في وطننا في كل ركن أركانه.
 
صاحب الجلالة
 
 بلا شك لا يحتاج شهادة أن إشارتكم إلى مدنية الدولة المتمثل باستنباط الحكمة من السيرة النبوية الكريمة في حالة التعايش في المدينة المنورة الذي تمثل نموذجًا يهتدى به وبهديه وترسخ منهجا الدولة الذي يستقي من تاريخنا الإسلامي منهجه، وهذه تمثل مطلبًا للبسطاء يضمن انتزاع العصبيات في المجتمع يؤمن بلحمة وطنية واحدة لا تحابي ولا تفاضل بين الناس وتضمن الحقوق للجميع للأقليات والأكثرية للضعيف والقوي ولا تستند للعشوائية في الأحكام وفي الإدارة وفي القرار وفي تطبيق القانون، دولة مدنية تؤمن بالإنسان كإنسان بهيئته التي يظهر بها بلا مسميات بلا تفاضل بين الأنساب والألقاب، صاحب الجلالة بحكم الإنصاف التاريخي فلا فضل في الأنساب إلا للهواشم على العرب والعجم بحكم ما قدموا من تضحيات في سبيل طمس هويات التعصب والظلم والضلال.
 
صاحب الجلالة
 
 أنكم تدركون أن الكثيرين من الخارجين من طور التعايش في وطننا يمكن أن تكون هنالك فرص ضائعة لم يدركها غيركم ليكونوا أفضل، هذه الفرصة تمنحوها لكثيرين بل كثر لكي لا ينجرفوا في حمى الانحراف الفكري، ونأمل أن لا تصبح ضائعة.
 
ودمتم بحفظ الله ورعايته أملاً كأردني أن أجد (الضامدة للجرح النازف) بكلماتها وما تحمله من معاني محط تقدير من يعيها وان تكون قاعدة ومرتكزًا يوقف نزف سيادة القانون.
 
نسأل الله أن يحفظكم ويعطيكم الفصل بالخطاب وأن يشدد ملككم


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد