اللهم لا حسد .. اللهم لا حسد .. اللهم لا حسد ..

mainThumb

19-01-2010 12:00 AM

موسى إبراهيم أبو رياش

يقول الخبر: " قررت لجنة شؤون الموظفين المنبثقة عن مجلس الأمانة تعديل راتب مدير المدينة ليصبح 6500 دينار شهريا بأثر رجعي اعتباراً من منتصف العام الماضي. كما قررت تعديل رواتب نواب مدير المدينة في الأمانة لتصبح 4 آلاف دينار وبأثر رجعي أيضاً من منتصف العام الماضي، وتبعهم تعديل رواتب المديرين التنفيذيين لتصبح نحو 2000 دينار، بالإضافة إلى كوادر أخرى بمن فيهم عمال الوطن، حيث يتقاضى عامل الوطن المتزوج حاليا 250 دينارا. وجاء القرار في سياق إعادة الهيكلة بهدف الحفاظ على الخبرات العلمية والهندسية في الأمانة، خاصة وأن القطاع الخاص يتصيد هذه الخبرات وبرواتب مضاعفة." انتهى الخبر بتصرف.

أعترف أني طلعت ساذجاً جداً، فقد كنت أحسب أنّ?Z رواتب القطاع العام لا تتجاوز الألف دينار باستثناء الأمناء العامين والسادة الوزراء، وتبين أنّ?Z البعض تزيد رواتبهم عن الوزراء إن لم يكن عن رئيس الوزراء نفسه، وإذا كان راتب مدير المدينة 6500 دينار فما راتب أمين عمان؟ ويبدو أنّ?Z المخفي أعظم في المؤسسات الحكومية المستقلة الأخرى.

حكاية إعادة الهيكلة أعجبتني، ولا أدري هل الهيكلة مشتقة من هيكل أم من الهيكل العظمي، حيث يتم مصمصمة اللحم من قبل المحظوظين، وترك الهيكل العظمي للموظفين الكادحين. وعلى وزن إعادة الهيكلة إعادة الانتشار وهي بالتأكيد نوع من الخداع والمراوغة والمناورة العسكرية. كما أنّ?Z التعديل بأثر رجعي يلفت الانتباه، ويبدو أنّ?Z الأثر الرجعي مخصص لناس وناس، إلا إذا كان في الأمر ضرائب واقتطاعات فهو للجميع دون استثناء.

وفي ذات السياق تأتي حكاية المؤسسات الحكومية المستقلة التي يحظى موظفوها بالامتيازات والرواتب المرتفعة وخاصة المدراء والرؤساء، وهذا يعني أنّ?Z في الجانب المقابل مؤسسات حكومية غير مستقلة أي الوزارات على النقيض من ذلك، وهذا يؤكد على أهمية الاستقلال وفوائده التي لا تحصى!

قضيت في الوظيفة الحكومية ما يقارب عشرين عاماً وراتبي يقل عن نصف باكو، وكنت أحسب نفسي من ذوي الرواتب المرتفعة ومن الموظفين المحظوظين، وطلعت موظف أستحق الشفقة، وراتبي مجرد خانة مئوية من راتب موظفين لا ندري عددهم.

ديوان الخدمة المدنية لا يتشاطر إلا على موظفي الوزارات ويحدد رواتبهم ضمن سلم مقنن، ويمنحهم زيادات سنوية بخسة، وكل زيادة إضافية بحاجة إلى ألف مطالبة ومعاملة ورجاء وواسطة، أما هؤلاء في المؤسسات الحكومية المستقلة فإعادة هيكلة رواتبهم تساوي فروقاتها راتب موظف حكومي قضى عمره في الخدمة.

من ناحية المبدأ لا اعتراض على الرواتب وصحتين وعافية لكل مستحق، ولكن في خضم الأزمة المالية الخانقة، وضرورة شد الأحزمة على البطون، وتخفيض النفقات، فإنّ?Z هذه الزيادات غير مستساغة وغير مبررة، ولن تولد إلا القهر والإحباط لدى جميع الموظفين الذين لا يطالهم إلا الفتات، وهم ينظرون بأم أعينهم رواتب خيالية، وهم يستجدون وخبراتهم تزيد عن عشرين وثلاثين سنة ولا يطالون إلا رواتب هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع. وإذا كانت الحجة الحفاظ على هذه الخبرات وعدم تسربها، فإنّ?Z هذا يشجع على إعادة هيكلة سنوية حتى لا تنزلق هذه الخبرات إلى القطاع الخاص. وأين حجة المحافظة على الخبرات من الوزارات المختلفة وخاصة وزارة التربية والتعليم التي تستجدي معلمين فلا تجد، وتعاني تسرباً دائماً للكفاءات، وهي مقيدة بسلم رواتب لا يتسلقه إلا من سدت الطرق في وجهه. ثم بالله عليكم أي قطاع خاص هذا الذي يعطي رواتب تبلغ ضعف راتب مدير المدينة، إلا إذا كان المقصود –والله أعلم- أنّ?Z الراتب السنوي للبعض في القطاع الخاص ضعف الراتب الشهري لمدير المدينة ومساعديه!

المطلوب فقط بعض العدالة في رواتب الموظفين، وأن تكون التباينات معقولة ومهضومة، وأن يعطى كل موظف كفايته على الأقل، وأن لا يصنف موظفي الدولة إلى طبقات، البعض أبناء وزارات والبعض أبناء مؤسسات والبعض أبناء أمانات، وإذا كان موظفي المؤسسات مدللين، فلم لا يتم تحويل جميع موظفي الدولة إلى مؤسسات وأمانات، فيكون هناك مؤسسة الزراعة الوطنية بدلاً من وزارة الزراعة، وأمانة التربية والتعليم العظمى بدلاً من وزارة التربية والتعليم، وهكذا دواليك لبقية الوزارات.

أظن أنّ?Z الموضوع بحاجة إلى قليل من الدراسة وإعادة النظر وإنصاف موظفي الوزارات الذين يتقلبون على جمر الديون والسلف والقروض والجمعيات بل والتسول المبطن أحياناً، وليعلم من بيدهم مقاليد عباد الله أنّ?Z كل موظف له أسرة معني برعايتها، فلا يعقل أن تعيش أسر في العسل والمن والسلوى، وتقتات أسر أخرى على البصل والشاي والخبز الحاف.

وأخيراً هل يوجد شاغر لي في أمانة عمان الكبرى أو أي مؤسسة حكومية مستقلة لرئيس قسم أو مدير ما علماً أن خبرتي العملية عشرين عاماً في الوظيفة الحكومية؟

mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد