مذبحة البحث عن "شاليط"

mainThumb

11-01-2009 12:00 AM

في صيف العام 2006، قررت إسرائيل شن الحرب على لبنان بعدما وصلت كل جهودها للإفراج عن الجنديين الإسرائيليين اللذين إختطفهما حزب الله فيما عرف حينها بعملية "الوعد الصادق"، فحينها رفض الحزب كل الوساطات الدولية للإفراج عن الجنديين مشترطا الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية وعلى راسهم الأسير المحرر "سمير قنطار".

والآن، فإن إسرائيل قررت خوض حرب شاملة على غزة بعد فشل كل محاولاتها للإفراج عن جنديها الأسير لدى حماس جلعاد شاليط، وإذا ما عدنا بالذاكرة قليلا الى الوراء، فإن الجهود التي قادتها مصر على وجه التحديد، وبعيدا عن الدبلوماسية، قامت إسرائيل بالمعاملة بالمثل عندما إعتقلت سياسيين فلسطينيين ونوابا منتخبين لا سيما من قيادات حركة حماس حتى تجبر الحركة على مقايضتهم بشاليط، ومع ذلك فشل هذا الأسلوب، ولا ننسى أيضا أن قادة تل أبيب قاموا بعملية عسكرية محدودة فور أسر شاليط لمحاولة تحريره، وما زاد غضب إسرائيل، أن حركة حماس رفعت سقف مطالبها بالإفراج عن قيادات فلسطينية أخرى ومن تنظيمات أخرى مقابل الإفراج عن شاليط.

ولم تقف الأمور عند هذا الحد فحسب، فعقب إتباع إسرائيل لسياسة الحصار والخنق ضد القطاع في عقاب جماعي لكل ساكنيه خاصة بعد وصول الحركة الى الحكم، وفوق هذا إنسلاخها عن السلطة الوطنية الفلسطينية التي تعتبرها إسرائيل الشرعية الوحيدة للفلسطينيين، وبعد فشل كل الجهود العربية والدولية لفك الحصار، وبعد بدئ تساقط الضحايا واحدا تلو الآخر بسبب نقص الدواء والغذاء والماء والطاقة، بدأت حماس بالتصعيد العسكري كما "اليائس" الذي يبحث عن نفس أخير ليبقى على قيد الحياة بعدما منعوا عنه الهواء، وبدأت صواريخ القسام تطال المستعمرات الإسرائيلية في الجنوب، فوجدت إسرائيل في هذا ذريعة أخرى لشن حربها الشاملة برا وبحرا وجوا على القطاع، وبالعودة الى عدوان الصيف على لبنان، فإن حرب غزة لا تختلف إطلاقا عنها، فبعد فشل إسرائيل عبر الوسيط الأوروبي تارة، والعربي تارة أخرى، للإفراج عن جندييها، بدأت قصفا عشوائيا كان المدنيون تحديدا ضحاياه، ثم بدأت صواريخ الكاتيوشا من حزب الله تقصف المناطق الشمالية لإسرائيل وتصل الى المستوطنات هناك، وبدأ الإعلام الإسرائيلي يصور "ضحايا" قصف الحزب والملاجئ، وهي نفس الصورة التي كانت تتكرر في غزة، وتتكرر الآن. إذن الحربان، متشابهتان الى حد كبير بالأسباب والدوافع، ومتشابهتان أيضا بحجم الجريمة الإسرائيلية، ففي لبنان، لم تتوانى إسرائيل عن قصف المدنيين بحجة أن المقاومين يختبؤون بينهم ومن هناك يخرجون منصات الصواريخ ويطلقون النار بإتجاه المناطق الإسرائيلية الشمالية، وفي غزة، فإن مشاهد قتل الأطفال والنساء والعزل وتدمير المنازل بشكل منهجي هي نفسها ذات المشاهد ولنفس الحجة.

وفي الجانب الإعلامي، فإن إسرائيل تحاول ما إستطاعت إخفاء خسائرها الحقيقية لا سيما البشرية منها، في الوقت الذي تكشف فيه المقاومة بأن خسائر إسرائيل تفوق ما تعلنه إسرائيل التي تخفي أي معلومات يمكن أن تؤثر سلبا على معنويات جنودها وعلى الدعم الشعبي لمعركتها.

هذا بإختصار شديد بعض من أوجه الشبه بين العدوانين الإسرائيليين على غزة ولبنان، ولكن "الشبه الوحيد" الذي لم يحصل بعد، أن إسرائيل، وبعدما هزمت في لبنان سواء عبر قرار دولي أو غير دولي لوقف النار، حصلت على رفاة أسراها مقابل إطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين اللبنانيين والعرب، إضافة الى "ولادة" ما عرفت بلجنة "فينوغراد" التي كشفت مدى الإخفاق الذي وصل إليه حال "الجيش الذي لا يقهر"، وعليه فنحسب أن نفس المشاهد ستكرر، وسننتظر لنرى صور المعتقلين الفلسطينيين المحررين تبث عبر شاشات التلفزة، ونسمع بالمقابل تشكيل لجنة شبيهة بلجنة فينوغراد لتكشف عن حجم هزيمة أخرى، وهزة أخرى مني بها الجيش "الاسطوري" الأقوى" بعد أن تصدت له دماء أطفال غزة قبل أن تتصدى له صواريخ القسام.

وبعد، فإن شاليط قد يعود الى إسرائيل، لكنه من الممكن أن يعود رفاتا كما عاد الجنديان اللذان إختطفهما حزب الله.
Nashat2000@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد