مأدبا طقس الفسيفساء ورحلة التعميد
لا أحد يعلم كم هي تلك اللذة المتحصلة حال مسيرك في مأدبا، مدينة الفسيفساء، طفلة كنت إذ أجوب حواريها وأزقتها مع أقراني، أجمع أحجارًا مربعة ملونة، تعج بها أتربة مأدبا، لنعلب معًا بعد انتهاء المدرسة على أرصفة حنونة ملساء نسجتها الأيدي، وصقلتها الأهداب كنحت رخامي.
نتفيأ ظل كنيسة الرسل، وأحتفظ بأحجاري في جيبي حتى إذا ما صادفت حجرًا مربعًا مصقولاً احتفظت به تيمنًا على عادتنا البريئة نحن الصغار، ولم أجد معنى لذلك إلا عندما قرأت "الخيميائي" "لباولو كويلو" حيث احتفظ بطله "سانتياغو" بحجرين اسمهما "أوميم وتوميم"، تمامًا كما كنا نفعل، فنمد اليد في الجيب، ونقترع فيما بيننا نتفائل أو نتشائم من أمر بريء كبراءتنا، ثم نجمع أحجارًا ملونة ننظفها من الأتربة ونصنع بيوتًا وشوارع ونساءً وأزقة وطرقات، وننطلق باتجاه بيوتنا هاربين قبل ضوء القمر، لنعود في اليوم التالي إلى فسيفسائنا من جديد.
يرتحل الناس من شتى البقاع إلى مدينتي، أشاهد السياح، ونلحق بهم، نرى ألوانهم وملابسهم وقبعاتهم وكمراتهم، حتى إذا أردنا رؤية الأحجار كيف شكلت خرائط الأرض ذهبنا إلى كنائس مأدبا ودخلنا كنيستها المشهورة، الأحجار المربعة ترسم امرأة وسمكة ونهرًا وكتابة، عتمة رطبة تعج بالمكان، التقي بنساء أعرفهن جيدًا ممن اضطرتهن قسوة الحياة إلى ممارسة طقوس مختلفة "أم محمد" قد أحضرت طفلها الثاني للتعميد والتبرك من أجل أن يعيش، و"ليلى" قد قدمت لزيارة الكنيسة حتى تنجب ولدًا، "أم إبراهيم" قد ذهبت لتعميد ابنها عند الخوري "اسبيرو الصناع" الذي بارك لها به، وها هي تنصرف مع نسوة مأدبا من كل الأطراف، لا يقطع عليهن الحديث عن أخبار النساء سوى أذان الظهر فيذهبن لصلاة الظهر حاملات معهن أولادهن، وعلى دأبهن يتلاقين بنساء أخريات قد قدمن من عند الشيخ حافظ القران، لتلاوة الآيات على أبنائهن الصغار، أو على شاب منهك متعب، أو فتاة مفزغة في الليل، فتخبرها "أليس" بأنها ذهبت إلى الشيخ فقرأ عليها آيات وشفيت فتلقى "أليس" "أم جريس" "بفاطمة أم محمد"، ويتصافح الخوري "أسبيرو الصناع" مع قرينه "الحاج عبدالقادر" في لقاء مأدبي حنون.
منذ فجر تاريخ مأدبا تجاور الديني مع الديني تزامن الديني مع الديني وتزامنت الطقوس مع الطقوس المأدبية وتداخلت المناسبات المتعددة معًا فولد ذلك علاقات حسنة بين أبنائها.
تعايشنا معًا في أفراحنا وأحزاننا نساند بعضنا بعضًا، نركض نزولاً في شوارعها نشير إلى رجل "متئد الخطو" يسير ببدلته الرسمية، ويضع "حطة وعقالاً" يسألنا عن أسمائنا ومن منا تحفظ القران والشعر فنسمعه بعضًا من طفولتنا، يقص علينا بعضًا من حكايا مأدبا وأمثالها لنعلم لاحقًا أنه "روكس بن زائد العزيزي"، فتسرع بنا الطرقات لهثًا وراء أعيادنا جميعًا خروف للأضحية يقسّم على الجيران، وحلوى القطائف والأقراص الرمضانية، وبيض ملون وأقراص للعيد نأكلها ونحتفظ "بشعانين" في بيوتنا، لا فرق بين ما يعشقه الأطفال وما يدور في رحابات منازلنا، نحن أبناء "مأدبا والأردن" كل ذلك ونحن نحمل معًا حصنًا حصينًا يقول :"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
واليوم تلبس مأدبا حلتها الفسيفسائية في تآخٍ ديني وفسحة إنسانية لأبناء الكون نستقبل بها ضيوفنا متحدين ومبتهجين لهذا الحدث الرائع والمحج الديني.
فسقيًا لمأدبا وسقيًا لطفولة عابرة تبدأ بالولادة من رحم مأدبا تؤذن بحيّ?Z على الفلاح في أذن الوليد وسماع قرع الأجراس يوم الأحد وتسير على طرقات مأدبا للتعميد لتستمر بنا الحياة فطوبى للكرماء الأتقياء عند ربهم وطوبى لطفولة ورجولة نسجتها فسيفساء مأدبا وفاضت بها الادمغة والطرقات وطوبى للقادمين وللقاطنين وطوبى للسائرين على معارج الوفاق الإنساني الأبدي.
جامعة آل البيت-المفرق
كلية الآداب-قسم اللغة العربية
الحكومة تتجه لتغيير آلية تسعير المشتقات النفطية
جورج وسوف بصحة جيدة ويطمئن جمهوره
جرادات نقيبًا لنقابة شركات الخدمات المالية
ميمي جمال تدافع عن دينا الشربيني: فيديو
المنتخب الوطني لكرة اليد يواجه باكستان لتحديد المركز الثالث
تفاصيل القمة الخليجية الأمريكية
الأحوال المدنية تؤكد أهمية الأمن السيبراني
تجارة الموت الرقمية رائجة في دول المغرب
طلبة علوم التأهيل يعرضون مشاريعهم البحثية بالجامعة الأردنية
توقف مؤقت لمنصة "حماية" لتطوير النظام
إنجاز كبير .. بلدية أردنية بلا مديونية
بيان من النقابة بخصوص الحالة الصحية للفنان ربيع الشهاب
مهم من التربية للطلبة في الصفين الثالث والثامن
تحويلات مرورية بتقاطع حيوي في عمّان اعتباراً من الجمعة
متى تنتهي الموجة الحارة وتبدأ الأجواء اللطيفة
تحذيرات من موجة حر غير معتادة .. آخر مستجدات الطقس
هام بخصوص تأجيل السلف والقروض لمنتسبي الجيش
الأردنيون على موعد مع انخفاض ملموس في درجات الحرارة
اعتماد رخص القيادة الأردنية والإماراتية قيد البحث
تراجع كبير بمبيعات السيارات الكهربائية محلياً .. لماذا
الهيئة الخيرية الهاشمية ترفض أكاذيب موقع إلكتروني بلندن .. تفاصيل
حب ميرا وأحمد يُشعل سوريا .. خطف أم هروب
مهم للأردنيين بشأن أسعار الأضاحي هذا العام