لم يصبح المعلم جلادا

mainThumb

09-05-2009 12:00 AM

حسام عواد
عند دراسة واقع العنف الصادر من المعلم بحياد ، فإننا نتخيل رجلا حازما يدخل للحصة الصفية فيهدأ الجميع مباشرة ويقف احتراما لهيبة المعلم ، ويبدأ الدرس بصوت المعلم الأجش والذي لا يقاطع إلا برفع اليد بكل احترام ، فإذا وجدنا أن الحصة تخللها ضرب وتعنيف جسدي ونفسي فإننا سنلم بكل تأكيد معلم المادة الذي لم يستطع استيعاب طلبته ، ولكن الواقع المرير الذي نشهده في العديد من الحصص المدرسية والتي يدخل المعلم لصفه فلا تلحظ أي تغيير في سلوك الطالب فمن وقف لم يجلس ومن يتكلم لم يصمت ، ومن نام لم يستيقظ ، حتى يبدأ المعلم بإخراج انفعالاته الصوتية و الجسدية ، ويحل الصمت بقوة التهديد والوعيد والصوت المرتفع ، ويكون المعلم قد دخل في حالة من التوتر والإستفزاز الشديدين ، وحينما يبدأ الحصة ولا تكاد تجد سوى بضعة طلبة مهتمين بدرس اليوم ، والبقية حالهم انشغال ولا مبالاة وتعطيل للحصة ، فقد يتغاضى المعلم بعد مدة من عمله عن الطلبة الذين ينشغلون عن حصته بصمت ، ولكنه لا يستطيع إعطاء الحصة بحضور طلبة يصدرون سلوكيات من شأنها تعطيل الحصة ، وهذه الفئة التي يجب على المعلم ضبطها تتطلب عدة اجراءات وجميعها اصبحت هشة وضعيفة مع تكرارها وعدم جدواها والتي تختلف من اسلوب التهديد و الصراخ و الطرد وخصم العلامات والإتصال مع ولي الأمر والشكوى لمدير المدرسة وغيرها مما تعود عليها الطالب وأصبحت بنظره روتينا يوميا لا يؤثر به .

تلك الفئة من الطلبة التي لم تلق تربية أخلاقية في أسرتها أو بيئتها يصعب ضبطها دون التضحية بوقت الحصة الصفية وكذلك التضحية بقيمة وكرامة المعلم الذي سيصبح في النهاية جلادا يحمل عصاه لضرب الطالب ، وحينها يخسر المعلم كل شيء ويقع فريسة لشكوى الطالب عليه في مركز الأمن ، أو قيام الكلب بالتهجم عليه وفي جميع الأحوال تضيع الحصة الصفية وتضيع بها هيبة المعلم وكرامته ، وتفقد في تلك اللحظة قداسة العلم ورسالته

نعم التربة القاحلة لا تنبت زرعا مهما بلغ إتقان الفلاح ، وكذلك هنالك فئة من الطلبة لا يمكن للمعلم أن يتعامل معها ، كونها تتطلب إرشادا نفسيا وتربويا يتطلب جلسات خاصة ، وكوادر مختصة ، ودراسة حالة ، وهذا كله لا يمكن فعله في الحصة الصفية ، والمشكلة تبقى قيد الحل حينما تكون هذه النوعية طالبا أو اثنين في كل شعبة صفية ، فإن زادت فلن يستطيع حتى المرشد النفسي من ضبطها وعلاجها ، وتصبح غرفة المرشد التربوي كالمستشفى الحكومي

كثرت في الآونة الأخيرة التحذيرات من ممارسة العنف الجسدي والنفسي من قبل المعلم ، ولكنها افتقدت للإجراءات الوقائية التي تحد من قيام المعلم باستخدام العنف ، والذي لا يلجأ إليه إلا راغما مضطرا

حينما نعي أننا عند معالجة العرض ونسيان السبب الرئيسي فإنما نزيد المشكلة ونعقدها ونبتعد بها عن الحل الصحيح ، فيمكننا بداية سن القوانين الرادعة التي تعطي المعلم صلاحيات يمكنه من خلالها ضبط الطلبة من غير اللجوء إلى العنف

لذا قلما نشهد في جامعاتنا الأردنية لجوء الأستاذ الجامعي لاستخدام العنف كونه يملك قوة ردع حقيقية أمام الطالب

* معلم لقسم الإدارة المعلوماتية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد