بعد نتائج الثّانوية - تساؤل إلى أولياء الأمور

mainThumb

25-07-2010 07:14 AM

   أُعلنت النتائج ، وانطلقت جحافل الطلبة ليعلم كلٌّ منهم نتيجة ما بذل من جهد طيلة عامٍ كاملٍ ، فها هي حالة الترقب والانتظار قد انتهت وآن أوان جني الثمار. وهنا تطالعنا ثلاثة وجوه :

 


وجوهٌ فرحةٌ مستبشرةٌ  ، وهي وجوهُ أولئك الذين نالوا النّجاحَ بمجموع علاماتٍ يؤهّلهم دراسة َما يرغبون ، وهؤلاء يبدؤون بتبادل التهاني والقبلاتِ والتفاؤل ِبغدٍ جميل. أمّا البعض الآخرُ فيبدو على وجوههم الامتعاضُ برغم نجاحِهم ، فهؤلاء لم يحصلوا على مجموع ٍ يؤهّلهم لدخولِ التخصص الذي يريدون. أمّا المجموعة الثالثة فهي التي أخفقت ولم يحالفها توفيقُ الله تعالى ، فتحملُ في وجوهِها الأسى والقهرَ وتتزاحمُ الأفكارُ المجنونة في رؤوسِهم القلقة ، فهذا يفكرُ كيف سيكون ردّ فعل ِوالديهِ والأقاربِ والمعارفِ ، وآخرُ يفكّرُ كيف سيكون مسـتقـبله ، وهل سيتمكّن من إعادةِ العام ، وآخرُ يفكّر برفاقهِ الذين سيمضون يغـذ ّون الخُطى نحو مستقبلهم دونه .وهنا أحبّ أن ألفت انتباه طلبتنا الناجحين إلى ضرورة مراعاة إخوانهم الذين يتألمون لخسارتهم حيث قال عليه السّلام : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) .

 

      


وأوجّه حديثي الآن إلى أولياء الأمورِ الأفاضل ، فالطالبُ قد يبذل كل جهده في أداء امتحاناته ولكن تأبى مشيئة الله له النجاح ، ولهذا أسبابٌ عديدة : كالخوف والارتباك ، عدم معرفة الإجابة الصّحيحة للأسئلة ، فهمُ السؤال بشكل ٍخاطئ ، عدم التمكّن من جزءٍ معيّن من المادة وغيرها من أسبابٍ ظرفيةٍ طارئةٍ تسبّب إخفاقه . ولكن علينا كأهل أن نتذكّر دائماً أنّنا الأكبرُ سنّاً والأكثرُ حُنكة في الحياة ، وأنّ أبناءَنا سيقلّدوننا في تصرّفاتنا ويكون لكلّ تصرّف منّا ردّ فعلٍ منهم  . فإذا أظهرنا التعاطفَ والتفهّم لما حدث وأنّ هذا الأمر ليس نهاية الكون ، وأنهم سيقدرون على تعويض ما فاتهم في مرّة تالية ، وأننا لسنا ساخطين عليهم فهي قسمةٌ ونصيب ، كلّ هذا سيعطيهم حافزاّ لبذل المزيد من الجهد والمثابرة حتى يكونوا بقدر الثقة التي أوليناها لهم ويحققوا النّجاح. أما   إذا واجهناهم بالغضب والعقاب والسّخرية فهذا له عواقبه الوخيمة ، فبعضهم قد يجابهنا بالقسوة أو الاستهتار أو اللامبالاة  ، وآخرون قد يتقوقعون على أنفسهم ويتجنّبون الناس ، وبعضهم قد يهجر البيت هرباً من التوبيخ فيضيع في الشّوارع ومع رفاق السّوء ، والأخطر ، هم من يحاولون الهروب من القسوة البالغة بإنهاء حياتهم بـأيّـة طريقة ، ويساعدُ ضعفُ الوازع الدّيني وشدّة الهلع على سرعة التنفيذ !!

 

 

فهل هناك والدٌ يريد خسارة ابنه للأبد لمجرّد رسوبه في امتحان ؟؟ هل هناك عاقلٌ يريد أن يخسر ابنُه حياتَه كلّها بدل أن يخسر عاماً واحداً يمكن إعادته ؟؟

 

الأمر أعزائي لا يستحق إزهاق أرواح زهراتنا التي انتظرناها طويلاً لتزهر ، فكم من أناسٍ خسروا جميع ممتلكاتهم في صفقةٍ تجاريةٍ أخفقوا فيها باتّخاذ قرارٍ صائبٍ وبدؤوا من الصّفر ، فهل سنحكم بالإعدام على كلّ مُخطِئ ؟ لنرحمَ فلذات أكبادنا فيكفيهم حزناً أمرُ إخفاقهم ، لنحاولَ الأخذ بيدهم لتجاوز محنتهم النفسيّة ، فنكون قد كسبنا أبناءنا وأثرنا فيهم حافزاً للنّجاح وعوّدناهم النهوضَ بعد التعثّر و الرّضى بقضاء الله وقدره. لنستدرك الأمانةَ التي وضعها اللهُ في أعناقنا تجاه أبنائنا ، ولنـعلم أنهم هم الشّجرة التي غرسناها ، فإن أحسنّا رعايتها رَبَت وأينعت وإن أسأنا تجرّدت من الورق ِوالثمر ويبست عروقها.

أمنياتنا لجميع طلبتنا بالنّجاح دوماً ولمن لم يحالفه التوفيق أن يكلّله الله بالنّجاحِ في المرة القادمة . 

nasamat_n@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد