راعي الأوله

mainThumb

22-08-2010 08:00 AM


راعي الأوله مصطلح قديم من طبائع العرب وإن أخذ هذه الأيام طابع البداوة فقط كما نراه بالمسلسلات البدوية, ويقصد به صاحب المعروف الأول, وقالوا فيه "راعي الأوله ما ينلحق", ذلك أنك لا يمكن أن ترد لراعي الأوله معروفه حتى لو حاولت. والسبب في ذلك أن صاحب الأوله عمل معك معروفه وأنت محتاج فأغاثك وسد لهفتك وقضى حاجتك, وربما فعل هذا وهو في ضائقة, فآثرك على نفسه. أما أنت فإنك ترد معروفه من باب السداد وعندما تكون في حالة رخاء اقتصادي هذا إذا تذكرت ذلك, فالبشر عادة ما يذكرون ما لهم وينسون ما عليهم.



جانب آخر في موضوع راعي الأوله وهو مهم جدا ويغفل عنه الكثيرون للأسف وهو الجانب الاجتماعي, فراعي الأوله قد حفظ ماء وجهك, ربما من موقف محرج أمام الناس, فكيف يمكن أن ترد مثل هذا الأمر لرجل أغاثك وأنت لا ملجأ لك فقيض الله لك من _(نشلك) من هذه الورطة من حيث لا تحتسب.


قال الشاعر:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه     لا يذهب العرف بين الله والناس



جاء بأخبار هارون الرشيد انه كان في رحلة صيد مع جعفر البرمكي حيث نزلا بضيافة أحد العرب الذي ذبح لهما شاته الوحيدة دون أن يعرفهما, فطلب هارون الرشيد من جعفر أن يعطيه كل ما معه من ذهب. فاستكثر جعفر ذلك على شاة عجفاء. فقال له هارون أن هذا البدوي هو أكرم منى ومنك, فقال جعفر وكيف ذلك. فقال هارون هذا أقرانا بكل ما يملك ونحن كافأناه بجزء يسير مما نملك, فأينا أكرم ؟ طبعا الجواب هو راعي الأوله البدوي.



ومن عظمة ديننا الحنيف أنه شجع على هذا السلوك الذي ساد من قبل الإسلام وأسماها السنة الحسنة حتى يشجعنا أن نكون جميعا من أصحاب الأوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء. وهذا دليل ديني بأن راعي الأوله ما ينلحق. هل تستطيع اللحاق برجل تأتيه الحسنات من كل شخص يعمل هذا العمل سواء قصد ذلك أو لم يقصد؟



إلا أن الدين وهو الدين الكامل قد أشار إلى النقيض من راعي الأوله أو السنة الحسنة وهي السنة السيئة, فقال صلى الله عليه وسلم إلى أنه " من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"



لنتسابق جميعا أن نكون رعاة الأوله في هذا الشهر الفضيل وفي كل وقت على مختلف المستويات عائليا وعشائريا ووطنياً, ولنتذكر جميعا أننا سنسأل يوم القيامة عن أعمال بشر لم نرهم ولم نتعامل معهم لمجرد أنهم قلدونا, فلنكن القدوة الحسنة لمن لحق بنا.


وكل عام وانتم بخير

alkhatatbeh@hotmail.com

alkhatatbah.maktoobblog.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد