مصائب موقوتة

mainThumb

03-10-2010 07:16 AM

يعيش الوطن العربي في هذه الايام وضعا قلقا وحرجا  للغاية بحيث أصبحنا نستشعر بوجود مصائب وكوارث تمترس في مسارات معظم الأقاليم العربية ، ومع أن معظمها تبدو أحداث منفصلة نظريا لكنها متزامنة ومتتالية من حيث طرائقها وشخوصها ونتائجها . ، فالقضايا الإقليمية التي فرضت نفسها على الوطن العربي أصبحت معظمها  عصية  على الحل العربي حيث بات الضعف العربي العام يؤشر بعدم ملكيتنا لحق إغلاق ملفاتها بالطريقة المفترضة بل تموضعت معظم نخبنا في قضايا هامشية  أشغالا للوقت في انتظار مشاهدة أثارها بعد إنطلاق شراراتها .

هذه المصائب التي تنتظرنا أخذت أشكالا مختلفة وأحجام متغيرة متواترة حسب شخصية وهوية الدولة الحاضنة لها حيث نجد أن كل الإشكالات والقضايا التي أصبحت تشكل مصائب موقوته في الوطن العربي هي بالأساس والنهاية ... قضايا نزاعات داخلية بتصنيع خارجي مع متابعة حثيثة من الراعي لها ،  حيث أخذت بعض هذه النزاعات أشكالا عرقية أوثنية أو طائفية  ، وتسعى هذه التناقضات التي تحولت من ثانوية  وهامشية إلى رئيسية ومشتعلة إلى مزيد من القوقعة بين الأقطار العربية وانهماكها في مشاكلها الداخلية وتباين استقرارها مما يؤدي بدوره إلى إضعاف عوامل الوحدة والتكامل العربي المنشود سابقا .



ومما يجعل الأمر أكثر تأثيرا على استقرار الوطن العربي هو التوقيت المتزامن لمعظم القضايا المصيرية حيث أن معظم هذه القضايا اتخذت مرحلة التصعيد والتأزم  في وقت واحد تقريبا ابتدءا من انهيار مفاوضات السلام المتوقعة مع العدو الأكبر وما يترتب عليه  من قضم الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس وطرد مزيدا من الشعب الفلسطيني والذي أيضا قد يترتب عليه أيضا توسيع حالة الاستغلال للحالة الفلسطينية  من قبل حماس لتحاول توسيع حدود الإمارة لتشمل الضفة وبنظام الكانتونات المعزولة لتصبح بالتالي قضيتنا المركزية في طور التجميد  المشرع دوليا .



أما في لبنان  فأن القرار الظني المتوقع صدوره قد يؤدي إلى خلخلة النظام السياسي الهش وإنفراط الحكومة اللبنانية بالإضافة إلى احتمالية الانزلاق إلى تصعيد عالي للتناقضات الطائفية واستغلال السلاح المجير باسم ( المقاومة ) لفرض حالة الخاصرة الملتهبة وإنشاء حالة إبتزاز للدول العربية بواسطة وكيل طهران في الوطن العربي .



وفي العراق فأن بوادر الانهيار الكامل للدولة العراقية أصبحت واضحة  حيث عجلت الانتخابات البرلمانية  الأخيرة في إظهار مدى تحول الدولة العراقية إلى ولاية إيرانية فوضوية تحكمها مكاتب الباسيج من طهران وبتنسيق أمريكي  ، حيث لم تفلح المكونات الرئيسية للحالة السياسية العراقية بتعيين رئيس وزراء لغاية الآن وبات من المتوقع تصعيد كبير لعمليات التخريب وعمليات القضاء على الكتل والنخب المعارضة لنظرية ولاية الفقية لتكون تجربة العراق هي بداية الخطة الموضوعة للاستحواذ على الخليج العربي انطلاقا من كربلاء .



أما في السودان فالتصويت على انفصال الجنوب لم يبقى عليه سوى  أشهر معدودة ومن المرجح أن يتم التصويت لصالح الانفصال ، مما يعني بشقيه المادي والمعنوي خسارة السودان الكبيرة لموقعها الإقليمي والاقتصادي ، ليتم بعد ذلك فتح ملف دارفور وشرق السودان لنفس الأهداف المطلوبة من التقسيم .



أما اليمن فقد ابتلي بضربات ثلاثية متتالية أولها من الحوثيين الذي ما زالوا يتلقون الدعم الإيراني  والثاني من الحراك الجنوبي وثالثها من القاعدة التي تتعمد ضرب المصالح العسكرية والأمنية اليمنية ، وفي الوقت الذي يختلف تنظيم القاعد في اليمن مع الحوثيين ايدولوجيا نراه يصب في نفس الاتجاه والذي يحاول اضعاف وتقسيم اليمن ليخلق حالة معقدة أمام الدولة اليمنية لا بد له من مواجهتها وفك الشيفرات الخاصة بذلك .



وفي مصر والتي كان لها الدور الريادي الكبير سابقا في حصار وحل المشاكل الإقليمية العربية نجد ان هناك  تناقضات ثانوية بدأت في إنهاك القيمة الفعلية للدور التاريخي لمصر ،  اول هذه المشاكل هي الأزمة اقتصادية المتصاعدة بالإضافة إلى بروز إشكال طائفي خطير بدء في التصاعد  ، حيث أن الأقباط والذين يشكلون نسبة  اقل من 10 % يجتهدون وبإصرار عجيب للقيام  بحملات خارجية وداخلية معارضة لطبيعة وهوية الدولة والشعب المصري المسلم  ، ويكمن خطر هذه الحملات من خلال مجموعات تفرغت تماما وتجنّدت في الخارج لمحاربة اسلام وعروبة مصر وبات نشاط الأقباط أكثر شراسة وتطور نشاطهم ليصل لمحاولة النيل من سمعة مصر عالميا وإفقادها سمعتها الريادية في الوطن  العربي .



وفي مناطق أخرى من الوطن العربي هناك مكامن للتناقضات الثانوية والتي قد تجد فرصتها في الظهور في حال اشتداد التصعيد المتوقع في مناطق الوطن العربي الملتهبة كما تم تحديدها سابقا  حيث لا يخلوا الأمر من طروحات إقليمية قابلة للتصعيد في بعض الدول العربية وطروحات عرقية أيضا كما يطبخ الآن في دول المغرب العربي الذي يتواجد فيه العرقية الامازيغية .




اذا نحن نمر الآن في منعطف تاريخي قد يشكل علامة فارقة للمستقبل وقد يكون إحدى الإسقاطات الكبيرة المتتالية  للقومية العربية بالنتيجة إذا لم يتم تدارك  الأمر وبالعمل العربي الجماعي  ، حيث تعمل المملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية  الان على تطويق الأزمة اللبنانية  والمساهمة في المصالحة الفلسطينية ودعم جهود السلام الحقيقي وبجهد عالي ومتواصل  ، ولكن امام المكر والخداع ( الاسرائيلي )  وكذلك أمام إصرار حزب الله على التغول على الدولة والشعب قد تكون القضية  الفلسطينية والمشكلة اللبنانية بداية  التصعيد بطاقته القصوى لاستحقاق فشلنا في تطويق المصائب في الوطن العربي  .



 حيث من البديهي أن تؤدي هذه المصائب الموقوتة في حال تواليها لا سمح الله وعدم القدرة على مواجهتها....  ان تصبح قضيتنا التالية هو المحافظة على الذات بحدها الاقليمي  الادنى مع استسلام ضمني لا إرادي لهجومين أولها هجوم عقائدي فيروسي  خبيث من ناحية الشرق بقيادة ايران بحيث  يستهدف عصب حضارتنا وتراثنا الإسلامي العروبي ، والهجوم الثاني استعماري بقيادة المعسكر الغربي بما فيها ( اسرائيل ) بحيث  يستهدف الاقتصاد العربي ومنابع النفط والموقع الاستراتيجي المتوسط بين الشرق والغرب لتصبح بالتالي الدول العربية مجرد استراحات ومحطات لتعبئة الوقود والجيوب وقواعد متقدمة للقوى العظمى القديمة والمستجدة  .
 - khalaf120@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد