وسقط الصنم الأول

mainThumb

15-01-2011 08:37 PM

سقط (شين العابدين)، وبرهنت الشعوب مرة أخرى أن إرادتها لا تقهر . إذا الشعب يوم أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر ربما لم يكن يعلم الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي حين قال تلك الكلمات؛ أن شعبه سيكون يوما المثال الأوضح على نبأته هذه . نعم، لقد استجاب شعبك بدوره لكلماتك يا أبا القاسم، واستجاب القدر بدوره لهذا الشعب . أراد الشعب التونسي الحياة، فاستجاب القدر له بعد شهر واحد فقط، وانجلى ليل تونس الذي طال ثلاثة وعشرين عاما .



 لقد تعطش الشرق وليس العرب وحدهم لمثل هذا السقوط منذ عشرات السنين، فبعد سقوط النميري في السودان عام 1985م، وبعد سقوط الشاه في إيران عام 1979م، أو كما عبر أحد الزعماء الغربيين آنذاك حين قال : "اليوم سقط أحد أعمدة الغرب في الشرق"، يأتي اليوم سقوط العامود الثاني للغرب في الشرق، والصنم الأول من أصنام العرب في الألفية الثالثة . نعم سقط شين العابدين أولا ... وابتدأ سقوط الخطاب الليبرالي العربي الذي قاده زمرة رعناء من حكام العرب، التي أثبت فشله منذ عشرات السنين، وأثبتوا أنهم كانوا حرسا للمستعمر، وأنهم لم ينهوا الاستعمار العسكري الغربي في ذاك الوقت، بل استبدلوه باستعمار فكري وثقافي، طمسوا به دين أمتهم، وعاداتها، وتقاليدها، وفكرها، ,وارثها، ورجالاتها الأحرار .




 سقط الجنرال الطاغية ... سقطت يا شين العابدين، والتي أسقطتك ليست دبابة ولا جيوش، ولا دول ولا أحزاب؛ لقد أسقطك عامل واحد يبيع على عربته في الشارع، حينما أقدم نظامك على منعه من كسب لقمة عيشه؛ فأقدم هو بدوره على إضرام النار في جسده، ليشعل بجسده ثورة لم يعلم أنها ستدخل التاريخ . نعم لقد دخلت متحف التاريخ يا (محمد بو عزيزي) ... وسيظل التونسيون والعرب معهم يهتفون باسمك؛ بأنك أول من أشعل ثورة لإسقاط دكتاتور عربي في الألفية الثالثة، وبأنك أول عامل يسقط ذيل من ذيول الاستعمار، وبأن ما صنعته أيها البائع المتجول، أيها العظيم، لم يصنعه مفكرون وحزبيون وسياسيون .




فإلى جنات الخلد يا محمد بو عزيزي، والى أعلى عليين يا من كنت أعلانا، وطوبى للتونسيين بك، وطوبى للتونسيين بنصرهم السريع . أما أنت يا شين العابدين فإلى مزبلة التاريخ يا قمامة تونس، يا من منعت الناس أن يعبدوا ربهم، يا من منعت حجاب نساء تونس، يا من جوعت شعبك، يا من طمست هويته، وطردت مفكريه خارج بلدهم . يا من لفظتك تونس ولفظتك الدول، حتى من كنت صديقا لهم يلفظوك، ويرفضوا استقبالك؛ وهذا حال الخونة والعملاء .




 لقد نسي شين العابدين أن الغرب لا يراهن إلا على حصان رابح. ذهب زين العابدين بن علي وليس هو شأننا الآن؛ بل ما هو شأننا هو حال غير تونس من الدول العربية ... هل تكون تونس الخرزة الأولى من المسبحة ؟ والذعر الذي يمكن أن ينتاب حكام العرب بعد سقوط النظام التونسي، لا ينتابهم وحدهم؛ بل لابد أن ينتاب كل مسئول عربي كبر أم صغر، إن أراد خيانة شعبة، أو أراد أن يحيد عن الطريق .... سقط الصنم الأول فهل تسقط أصناما أخرى ؟ 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد