الإصلاح المبتور

mainThumb

02-08-2011 04:44 PM

نحن نعرف كيف تشكلت الأنظمة ، وفي أي مرحلة ، إذ أصبح مسلسل فساد الدولة هو القانون الذي يوحي باستمرارية الدولة وقوننته ، فإذا ما خرجنا من مرحلة سياسية صعبة ، أصبح الرد أن هناك أوضاع اقتصادية صعبة تشكلت من جراء هذه الأزمة أو تلك ، لتعطي صاحب القرار  بسط الشرعية في الاسترسال وذلك بالالتفاف على الوطن وبيعه وسرقة مقدرات الشعب التي تمنح له حقاً ، وليس من جراء جهود كما تدعي المقولات التي أُجهضت قبل أن تولد أصلاً - فمثلاً - مرة يقولون لولا جهود الرئيس المصري لم تكن مصر دولة عصرية ولولا جهود الرئيس لم تُـبن الدولة بالشكل الحديث ، ولولا جهود الرئيس لم يدخل المواطن لحيز الحداثة ، ودولة المؤسسات المزورة ولولا..ولولا.. ولولا , حتى ضننا أن ملاكاً من عند الله يحكم الأرض وهو من فلك آخر نتقرب إليه كما تقربت رجال في الزمن السالف من هبل// هبل وأي هبل , فقد تشكل ثقافياً عند المواطن عند سماع أغنية وطنية توحي بأن هناك رجالاً // يا لطيف// كما لو كانوا الرجال حول الرسول ، وأن النصر قريب ، وأن الأرض قد تزلزلت من حروف الكلمات الانفجارية التي احتوتها الأغنية الوطنية ، ..وشد الشارع.. , أن لا نصر ولا وطن بلا هبل ، وأن صكوك الغفران حقيقة منه ، وأن الأرض والجنة  تلتصقان بشخصه الفذ...
 
تمر الأمة العربية في مرحلة طبيعية حتى وإن كانت كما يدّعي البعض مؤامرة لكنها ليست بأدق التفاصيل هي كذلك , فالأنظمة بمختلف أنواعها حتى وان تشكلت فهي مختلفة شكلاً ظاهراً ، لكنها متشابهة في المضمون - فجميعهم يألفون الأسياد وهناك عبيد وأن السيد والنبيل كما  تشكل في داخلهم هذا المرض هو  من أَشْهرَ القوّة بوجه الشعب , ومارس بعدها ما يُحلل فقط , لأن الأمر بالنسبة له أصبح ملكه ، وليس لله من شأن بذلك- فيمارس الكذب ، ويمارس التسلط ، ويمارس الكرم ، ويمارس الصلاة ، ويمارس السرقة ، ويمارس.. ويمارس المتناقضات جميعاً ، لكنه أخفق في ممارسة أن يحمي نفسه من القادم الطبيعي ، والذي تشكل بوعد من الله وهو (إن  الملك لله فلله الأمر من قبل ومن بعد ) وأن المؤامرة من الأنظمة التي مورست على الشعوب والتي عفا عليها الزمن أو أصابها التعفن لأنها مكشوفة وقد بدأت تسقط ، إن لم يكن بالعدوى فهي لا محالة ستسقط بالتقادم , فلا من دولة مثالية تشكلت // وأقصد دولة المؤسسات ، ولا انتقال طبيعي للسلطة مورس بالانتخاب//.


إذ تتحدث بعض الأطياف عن الإصلاح فمنهم من يؤيد الأنظمة العفنة ، ومنهم من يريد إصلاحها وإذا تعذر ذلك فاستبدالها ، والحكم بذلك هو  الشارع (الحراك الشعبي) فالأصل أن يتقبل الواقعي لهذا الأمر ، لأن عدم وجود عدالة اجتماعية بين المجتمع يزيد من الاحتقان وربما حالة من الوعي وليس اللاوعي لاستبدال الفساد بما أمكن بالإصلاح وهو ما ينشده الأكثرية من مجتمعاتنا حتى لو اختلفوا بالرأي فمن ساواك بنفسه ما ظلمك .

الدولة الفاضلة ليست موجودة ولا نملك المعجزة لإيجادها لكن الإنسان عندما يولد -يولد بمساحة من الحرية- لم يألف على أن تتشكل حوله العبودية ولا في داخلة ، لكن في قراءة الاستعمار  للأنظمة المتعفنة وحتى تستطيع الدولة من الاستمرار ، لا بد من وضع الفرد موضع العبد المتلقي، لتستمر بعدها مصالح الغارقين في قذارة السلب والنهب وممارسة كافة أشكال العنف في الدول المُسْتَعْمرة من كل أشكال الاستعمار ، ولازالت تُـمارس من خلال المال والجغرافيا ، وتقسيم الثروات ، والمناصب وإملاء القرارات , والتي من شأنها إضعاف الأنظمة أمام شعوبها ، بحيث يصبح النظام عبارة عن لعبة نرد متى تكتمل اللعبة تطوى!!! وكيف تطوى اللعبة..؟

ما يحدد ذلك من هو الأقوى وهذه هي الحقيقة //فالأصل إذا أرادت الأنظمة مسح العفن عنها لا يمكن أن تتشكل بقوة إلا من خلال شعوبها بحيث يمكن للنظام الذي يرى الإصلاح ضرورة ، أن يُـبادر وبصدق لإيجاد عقد اجتماعي يُنظم علاقة الحاكم بالمحكوم , هذا إن كان النظام يأخذ صفة الشرعية ، وإبعاد مسلسل الفاسدين من العبث بشؤون الدولة ومقدراتها ، ولضمان استمرارية الدولة - وأقصد النظام - لا بد من إصلاحات في الدستور تعطي المواطن مساحة من الحريات تجعله مشارك في القرارات لا متلقياً لها ، فقد يصنع منه النظام بعد ذلك -الحاقد الذي يهوى الموت في سبيل الحرية ونيل الكرامة ويجعله إنساناً خرج بعد فترة من الزمن عن السيطرة نادماً على عبادة الأصنام- وبالدعوة الأممية الشعبية والتي تسعى لنيل الحقوق وبأثر رجعي جراء ممارسة غير شرعية تحكمها سطوة السلاح وليس شرعية القبول بنظام منتخب كما نادت شرائع  السماء.

إن الوطن معادلة صعبة لمن لا يعرف كيف تشكل ، فالنسيج الاجتماعي الذي تبلور من الداخل بفعل الطبيعة ليأخذ صفة المواطنة هو الأقدر على ممارسة انتزاع حق الوطن , وحق المواطنة من سماسرة طارئين وبفعل السياسات الخارجية ، فالوقت ليس من صالحهم فرفض الشعوب لهم  قد تترجم لواقع ، وممارساتهم للإصلاح شكلاً قد أصبح مكشوفاً وللأسف لم تسعفهم عقول المستشارين إلا بعدم الإصلاح وقمع الشعوب //فما لبثوا أن تهاووا جميعاً دون أن يُدْعَ لهم من الله بالنصر// فحتماً أن الأنظمة التي لم تأخذ صفة الشرعية من الداخل لم ولن يُسْعِفُها الخارج عندما تَهبّ العاصفة //////- وقد هبّتْ فعلاً.....


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد