موائد الرحمن في رمضان

mainThumb

21-08-2011 02:31 AM

أن شهر رمضان هو شهر التودد والتعاون بين المسلمين ، وإقامة موائد الرحمن هو باب من أبواب الخير حيث يوجه المال في شهر رمضان إلى إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في عمل الخيرات وهو سمة الصالحين وهو من أعلى درجات الجنة. إن الإسلام يعظم ثواب إفطار الصائم فمن فطر صائما كان له من الأجر مثل الصائم لا ينقص من أجره شيء ، إن  موائد الرحمن نوع من أنواع التضامن وحبذا لو يشترك أسر الحي في إعداد هذه الموائد  مما يجعلهم يشعرون بالفقراء والمحتاجين.



تعود فكرة موائد الرحمن  إلى زمن الرسول صلى الله عليه و سلم ، حينما قَدِم إليه وفد من الطائف ليعلنوا إسلامهم، فكان يرسل لهم طعام الإفطار والسحور، واقتدى به الخلفاء الراشدون حتى أعد دار للضيافة لإفطار الصائمين ، و يقال إن الأمير احمد بن طالون مؤسس الدولة الطولونية هو أول من أقام مائدة الرحمن في مصر في السنة الرابعة لولايته حيث جمع القادة  والتجار والأعيان على مائدة حافلة في أول أيام رمضان منذ أكثر من 1100 عام تقريباً.  وهناك من يشير إلى إن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي كان أول من وضع تقليدا للمآدب الخيرية في عهد الدولة الفاطمية،  وكان الفاطميون يعدون الموائد تحت اسم دار الفطرة . وفي العصر الحديث  يقيم موائد الرحمن  العديد من المواطنين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات الخاصة لمساعدة الفقراء وكسب ثواب الشهر الفضيل .



        هناك فوائد عظيمة للموائد الرحمن حيث كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات. وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل . إن عبادة إطعام الطعام ، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها : التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة : كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " ، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك .



ومن المنظور الاقتصادي ففي رمضان يزداد دخل الفقير والمسكين ويصبح فوق حد الكفاية أي فوق حد الفقر ويستطيع أن يغطى حاجاته المعيشية ويكون لديه فائضاً ،  ولذلك يطلق علماء الاقتصاد الإسلامي على رمضان شهر بلا فقر . ومن منظور المؤسسات الخيرية والاجتماعية نجد أن مواردها تزيد عن حاجة الفقراء والمساكين وغيرهم وتقوم بادخار الفائض ليغطى الاحتياجات بعد رمضان وهذا يجعل الفقراء والمساكين يقولون يا ليت السنة كلها رمضان .



هناك من  يشكك في نوايا القائمين على  موائد الرحمن التي يطلق عليها موائد رحمن (خمس نجوم) والتي يقيمها رجال الأعمال حيث تحفل هذه الموائد بأنواع مختلفة من الأطعمة لم يتذوقها معظم الفقراء إلا من خلال هذه الموائد التي أصبحت تنافس موائد أشهر الفنادق العالمية . أخشى أن تقدم للصائمين طعام الإفطار من خلال موائد الرحمن بكرم يصل حدّ التبذير ، فما إن ترفع تلك الموائد حتى ترى كميات هائلة من الأطعمة ومثلها من أدوات الطعام وملحقاته ترمى في القمامة ، وجهود جبارة تبذل في أعمال النظافة والصيانة اللاحقة ، وقد فكرت كثيرا في موائد الرحمن ، والتي هي عادة من أروع العادات الرمضانية ، ولكنها على روعتها لا تخلو من أمور يمكن أن نعيد فيها النظر والتفكير بها .



يمكن أن نطور موائد الرحمن بالاستعاضة عن الموائد بالحقائب الرمضانية و هي  وسيلة عصرية مناسبة لمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة بدلاً من عشوائيات الموائد التي قد يقصدها الغني والفقير، و هي طريقة فاعلة لإيصال الطعام لمستحقيه في بيوتهم والمتعففين الذين يخشون التعرض للحرج المتمثل في الجلوس على طاولة ، وفي مرحلة لاحقة يمكن الانتقال من ثقافة تقديم الصدقات بملء أكياس البطون -وهي أكياس مثقوبة ، إلى تنشيط العقول لتفكر في العمل ، العمل الذي يحيي ويبني ويرفع ، حيث يمكن تقديم مساعدات مادية لعدد من الأسر كل عام تسهم في عمل مشروع صغير يدر دخلاً ، ولعل أعظم أنواع العبادة هي أن تأخذ بيد أسرة الى عمل تحيا فيه كريمة ، وتأكل كريمة ، وتعيش كريمة .  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد