وداعا قداسة البابا شنوده

mainThumb

24-03-2012 08:11 PM

 ودعت الجماهير العربية في مصر الشقيقة رجلا فذا وقائدا وطنيا محترما ورجل دين مستنير جعل علمه في خدمة وطنه لتعزيز وحدته الوطنية في ظروف ومعادلات صعبة للغاية ، حيث كان نظام الحكم يحاول أن يجعل الصراع مع الاستعمار وعملائه والفقر والبطالة وكأنه صراعا مذهبيا وطائفيا بين مكونات الشعب الواحد ، فقيدنا الكبير البابا شنوده قاد معركة الوطن من موقعه كرجل دين معتدل مستنير ، والكاريزما التي متعه الله بها ووظفها لتكون عامل وحدة وتقارب بين أبناء الوطن الواحد وألأمه الواحدة .
 
 لسنا بحاجة لتذكير الأمة العربية والإسلامية أن البابا شنوده وقف موقفا مبدئيا وطنيا دفع ثمنه غاليا عندما طلب منه يهوذا الاسخريوطي ( أنور السادات ) أن يسمح للإخوة الأقباط بالحج لبيت المقدس وذلك لكسر ما أسماه السادات وهو كاذبا وهو الحاجز النفسي ما بين العرب والصهاينة ، ووقف البابا شنوده موقفه الوطني المشرف عندما قال ليهوذا عصره السادات (( أن أقباط مصر لن يكونوا خونة الأمة وهم أي الأقباط لن يدخلوا فلسطين وليس إسرائيل كما أسماها السادات إلا مع إخوانهم العرب والمسلمين )) . 
 
ورحل البابا شنوده لجوار الله وهو ضد التطبيع وقد قاومه بنفسه بسلطته الدينية ومكانته الوطنية وكان بذلك القدوة الحسنة لكل أبناء الأمة بدياناتها ومذاهبها المختلفة، ليس في مصر العروبة وحدها. لقد رحل البابا شنوده والأمة بأمس الحاجة للرجال الوطنيين أي كانت مواقعهم أمثاله من الوطنيين الصادقين ، ووقف البابا شنوده في وجه كل المؤامرات الداخلية التي افتعلها نظام كامب ديفيد السادات مبارك لإثارة الشارع المصري وإلهاءه عن قضاياه الرئيسية وثم جره لتناقضات فرعية هي في حقيقتها وعلى مدار التاريخ مثلت عاملا هاما لإثراء الوطن وليس العكس ، ولبابا شنوده الكثير من المآثر الوطنية لجانب مقاومته للتطبيع مع المجرمين الصهاينة .
 
 فقد ساهم كثيرا في احتواء الاحتجاجات للإخوة الأقباط الذين عانوا من التهميش السياسي والتدخل السافر حتى في شؤونه الدينية ، وعزل البابا شنوده نفسه من الخائن أنور السادات مثالا صارخا على ذلك ، لأن البابا شنوده يعلم أن تفتيت الوحدة الوطنية هي هدف كل من يريد شرا بمصر التي لم تعرف التطرف والتصحر إلا بعد انفتاح السادات على أمريكا وعملائها في الجزيرة العربية ، عندما كان التطرف والتصحر مطلوبا أمريكيا لمحاربة المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي وكان المنّظر للجهاد ضد السوفيت هو بريجنسكي مستشار الرئيس كارتر للأمن القومي حيث كان يقوم ذلك من الرياض عاصمة نظام آل سعود .
 
 والبابا شنوده رحمه الله شكل رمزا وطنيا ومرجعا لكل المصريين والعرب ولذلك رحيله في هذه الظروف الصعبة والحساسة ومصر العزيزة تمر في ظروف دقيقة جدا والمؤامرات والدسائس من الصهيونية وغربان التصحر في الجزيرة العربية والخليج العربي المحتل وأتباع العملاء من دعاة التيار الإسلام السياسي يشكل خسارة لمصر وأمتها العربية كما أن رحيله خسارة لكل دعاة التسامح والسلام في العالم ، ولعل أفضل ما يمكن تقديمه لهذا الرمز الوطني الكبير هو المحافظة على رسالته الوحدوية وتسامحه فقد كان مثالا للخير والمحبة والتسامح ورمزا لوحدة التعايش في العالم ، وفي مصر كان شعاره مصر فوق الطوائف وهي لكل أبناءها من المصريين مسلمين وأقباط ، وهو بذلك مدرسة لكل ما هو خير وتسامح لمصر وأمتها العربية على مر الأجيال . 
 
alrajeh66@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد