الفوضى المؤطرة بالبرامج

mainThumb

03-11-2012 02:09 PM

أكثر من سبعين عاماً ونحن بدائرة الفوضى المقوننة، ويسوّق كل يوم على المواطن مجموعة من البرامج تساعد بإشاعة الفوضى المؤسسية على بنى تفكك وانعدام رؤى ومعالم واضحة تؤسس لوطن ينعم نوعاً ما بالنجاح والاستقرار بعيداً عن التدخّل في الشأن السياسي العام؛ فإن تعمقنا بمطالب المجتمع من حيث الرئيس من الهدف، لوجدتها لا تتعدى الاقتصادية، ونوع من المؤمل في العدالة الاجتماعية والخدميّة، ولو استعرضنا ما يتشكّل من ممارسات المسؤول الذي أوكل له مهمة القرار مدعوماً بالقوة وليس القانون، لوجدته وضع كل العراقيل التي تحول دون تحقق لمنتج واحد من الحقوق في المواطنة، ما يعطي للمواطن نوعاً من فرصة لرؤية أمل في أن الدولة إن كانت بمستوى هذا الاسم -دولة طبعاً؟!، أنها تتقدم نحو الإصلاح والصّلاح؟
 
الأحزاب والقوى الوطنية هي في حالة صراع على المصالح والسلطة، وما يدور من رسم للشعارات، ليست أكثر من سرقة مواقف لتغليف القالب النفعي بغطاء من الشرعية، والنظام يعيش في دائرة مغلقة، وفنتازيا مموّلة من الخارج بكل ما يحمل هذا المفهوم من مرض، ومسيطر عليها من سفارة وسفير دائم مفروض بإحكام لأجل ديمومة التبعية، وتحديداً في هذا البلد المتشكّل فكرياً وسلوكيّاً على بنى ديمغرافية الطاعة، وحب الآلهة والموت من أجلها؟.
 
هناك برامج تولد كل يوم بعامل أو غير عامل، لمحو هوية الإنسان، وممارسة حقّه في مطلبه، وهناك تيارات تولد على مناكفات في الدين والإثنيات، وهناك مؤسسات تقوم على بيع المواقف ومسيسة، من أجل تقديم موقف إعلامي أن الآلهة(الصنم) المنغلقة هي وحدها من تعطي صكوك الغفران والحياة والبقاء في مستنقع العبودية والإذلال، وهناك قوى امبرياليّة مقيمة في هذا البلد لرسم كل هذه المشاهد بمختلف وجهات النظر من أجل حماية حدود العدو المحتل؛ فكل هذا التفكك من مظلة النظام والقوى الوطنية بالشكل والمضمون، تحاك من أجل بقاء هذا الوطن العربي، وهذا الوطن -الأردن- بالذات والذي يحمل كل رؤى التاريخ لنبقى ويبقى في حلقة صراع دائم -- ليتنا ما ولدنا لنشاهد هذا الآلام، وهذا المختلف والمعقّد من الإنسان؟
لمجرد أنك تشاهد مستشفيات بلا دواء وخدمات ليست بمستوى ما يقدّم للزاني بهذا الوطن وعبدة الشيطان، ولمجرّد أنك تشاهد وزارات بلا وزير وإنسان ولا قانون محترم، وحكومات ورؤساء بدون قيم وعلم وشهادات مزورة، ونقابات بلا رأي، ودولة بلا قيادة، ورموز بلا رمز، وحقارات بلا موقف، وصحافة مجردة بلا مضمون وشكل، وأصنام كل همّها أن يقسم اليمين ويترأس الوزارة كوزير طفرة وصدفة، أو رئاسة للحكومة من رئيس كاذب بلا أخلاق تبنى على أساس واحد وهو (شراء ولاءات وجهوية مقيتة، وتجذير الأحقاد بين هذا الشعب)، على أمل أن يحضى كل واحد من هؤلاء من نخب الأكفان المتحرّكة باحترام!، وهذا هو المستحيل، فكيف لك أن تشاهد وطن يمكن أن ينحى باتجاه الإصلاح، ومواطنيه بلا عقل وفهم لكامل المسرحيّة.
 
في هذا الوطن غباء سياسي، وإن استمرار الحراك سيكون الأخطر في المنطقة، وأن ما نشاهده من فرض قرارات من قبل المسؤول ما هي إلا سلسلة من النخاسة، واستمرار  فوضى مؤطرة من النظام (الحاكم من الخارج)، وأن في القادم من الأيام ما يعطيك مؤشّراً، أن الوطن يبنى على أساس فوضى وليس على أساس قانون ومؤسسات؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد