التفكير في زمن التكفير

mainThumb

15-12-2012 10:24 PM

 أستعير عنوان مقالي لهذا الأسبوع من كتاب مشهور للمفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد رحمه الله ، عنوانا لمقالي هذا ،  ذلك المفكر الذي عانى من ظلم واضطهاد وجهل دعاة الظلام والإرهاب الذين يريدون باسم الدين الوصول للسلطة وباسم الدين قمع الرأي الآخر وباسم الدين تفكيك الدولة كما جرى في ليبيا ويجري في مصر اليوم وباسم الدين زرع الفتن الطائفية والأحقاد بين أبناء الشعب الواحد والأمة الواحدة التي قوتها في تعدد ثقافتها ومعتقداتها .

 
وعانى الدكتور نصر أبو زيد من شرورهم وهرب هو وزوجته لأوروبا وعاش في هولندا ، ومن المفارقات أن يؤسس هناك في هولندا مع مجموعة ثقافية محترمة لوبي عربي إسلامي للدفاع عن الدين الحنيف الوسطي الذي لا يعرف ولا يقر بتكفير الآخر وبالتالي سفك دمه ، ألم يقم أحد الظلاميين بمحاولة اغتيال أديب ورمز بقيمة نجيب محفوظ ، الم تنطلق رصاصات إرهابية ظلامية لقتل المفكر فرج فوده في مصر وحسين مروه في لبنان ، تذكرت ما حدث في مصر الوسطية الحضارية ذات السبع الآف عام من الحضارة والوسطية ، عندما دخلها الفكر الوهابي الصحراوي القادم من الجزيرة العربية مع انفتاح المقبور أنور السادات بطل العبور المزيف على آل سعود ذلك الانفتاح الذي دفع ثمن خيانته لمشروع الزعيم جمال عبد الناصر القومي العربي الذي قادته مصر في خمسينات وستينات القرن الماضي بقتله وهو يحتفل بذكرى حرب أكتوبر الذي اغتاله السادات نفسه وأجهض نتيجته .
 
ومن المفارقات أن قتله جاء من تجار الدين وهو أي السادات الذي طالما حاول تضليل الشعب بمنح نفسه الرئيس المؤمن وذلك باستخدامه الدين لما يخدم مصالحه ونظامه وهو وحده من يتحمل صعود تيار التأسلم والإرهاب الذي استخدمه السادات لتصفية خصومه السياسيين من اليسار والناصريين والوطنيين الشرفاء الذين عارضوا انحرافه وبالتالي دفع ثمن ذلك التحالف لأن الدين الحنيف أكبر من أن يستخدم لإغراض سياسية تخدم سياسة منحرفة .
 
تذكرت قصة المفكر العظيم نصر أبو زيد رحمه الله وأنا أتابع ما يجري في مصر الحبيبة وسوريا وقبلهم العراق وهو المثلث الأهم لعنوان قوة الوطن العربي وحضارته التاريخية ووحدته الجغرافية حيث استخدم الدين لزرع ثقافة الموت في العراق وإثارة الفتن الطائفية التي جاءت مع احتلال  العراق ، ومن المفارقات أن الاحتلال الأمريكي استعان بقوى الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي الذين شاركوا بمجلس بريمر الصهيوني حيث شارك الإخوان المسلمين كما شاركت القوى الشيعية التي جاءت هي والإخوان والجلبي والحزب الغورباتشوبي (الشيوعي سابقا)  مع دبابات الاحتلال وشاركوا بذلك المجلس والخيانة والعمالة ليس لها وطنا أو دين أو مذهب .
 
وسوريا الوطن يحاول اليوم خفافيش الظلام ودعاة الإرهاب تفتيتها وتقسيمها لدويلات ورأينا جرائم القاعدة وأخواتها ودعاة الفكر الوهابي المتصحر ما يعجز القلم عن وصفه ، ورغم الدعم المالي من أمريكا الصهيونية وأتباعها تركيا ومحميات الخليج المحتل إلا أنها فشلت وستفشل بإذن الله في القضاء على الدولة السورية بحكم وعي وانتباه أبناءها وهذا الصمود الأسطوري أكبر دليل على قوة النظام وترسيخ شرعيته لدى الشارع السوري وإلا ما استمر بهذا الحجم من المؤامرة الامبريالية الصهيونية والإعرابية عليه .
 
وفي تصحيح مسار الثورة المصرية الأخير يحاول دعاة الإرهاب والتصحر إعادتها إلى ما قبل عصر الدولة من خلال دستور المرشد ومجلس الإرهاب والتكفير المسمى بالإرشاد الذي سبق له وأن أصدر الكثير من قرارات الاغتيال السياسي لشخصيات مصرية تاريخية وزرع ثقافة الإرهاب المتأسلم ودعاته الذين هم في رأس السلطة اليوم ويسوقوا المعارضين لتفتيت الدولة المصرية والحضارة العريقة ذات  السبعة آلاف عام بأنهم ضد الدين وهذه الاحتجاجات المصرية التي قام بها الشعب للتعبير عن رفضه للإرهاب وعودة السادات مبارك بدقن من خلال مرسي ، هذه الاحتجاجات الثورية هي باب الأمل والإثبات أن هذه الأمة لم تموت ، وأن الفكر الاقصائي المتحجر هو أعجز أن يقوم بإدارة دولة مدنية وحضارية بحجم مصر ، ومرسي وسيده المرشد ومكتب الإرشاد كما يسمونه إذا لم يسقطهم الشعب في الميدان ستسقطهم صناديق الاقتراع في المستقبل القريب التي يدعون أنهم جاءوا بها ولو كان ذلك في صفقة مخزية على حساب الثورة ودماء أبناءها المخلصين من الشهداء عندما كان المرشد ومكتبه يحاوروا اللواء عمر سليمان لإبرام صفقة على حساب الثورة .
 
 
 
ومن المفارقات أن يصور المحتجين على سياسة الإقصاء والإرهاب بأنهم أعداء الله والدين حتى ولو صلوا معا صلاة الجمعة في ميدان التحرير كما رآهم العالم أجمع بالصورة والصوت.
 
ألم أقل لكم أننا في زمن التكفير في عصر التكفير وغياب العقل والمنطق ولا عزاء للصامتين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد