وجاء عصر القرود

mainThumb

22-12-2012 11:04 PM

 منذ سنوات طويلة قرأت كتاب صغير الحجم كبير القيمة والمعنى يحتوي عدة مقالات للدكتور مصطفى محمود رحمه الله ، عنوانه ( وجاء عصر القرود ) تذكرت ذلك الكتاب وأنا أتابع ما يجري على الساحة الوطنية من تناحر وتناقضات تكاد أن تصل لدرجة اللا معقول ، والتعامل الرسمي مع هذه الأزمة الموجودة التي أصبحت أزمة حكم مركبة تدحرجت كقطعة الثلج الصغيرة حتى كبرت وتفاقمت وأصبح تأجيلها أمرا مستحيلا .

 
وللأسف الأردن المحكوم بالقبضة الأمنية التي برضوا بكل أسف هي من يحدد السياسة الداخلية منذ إنشاء هذا الوطن العزيز الذي ليس لنا غير ترابه ، إذا كان أصحاب الأزمة من كبار المسئولين يملكون الجنسيات الأمريكية والبريطانية وما بينهم فإننا نحن الغالبية العظمى من هذا الشعب لا نملك إلا هويتنا الأردنية العربية ولن نبدلها بأخرى لأن وطننا يعيش فينا وهو حزين مثلنا حيث تتقاذفه قوى متفردة لا تنظر إليه إلا من المواقع التي يتقلدونها والأبراج العاجية التي يعيشون بها ، وأساءوا إلينا واليه وباعوا كل مقوماته ومؤسساته وأراضيه ورهنوا إرادته للخارج ولم نعد نسمع بالمشاريع الوطنية بقدر ما أصبحنا نسمع بالمشاريع الأمريكية وزيارات السفير الأمريكي والتدخلات الأمريكية من خلال ما يسمى بوكالة الإنماء الأمريكي التي أصبحت وكأنها شؤون اجتماعية لوطننا تعطي وتمنح لله وليس لأهداف سياسية خبيثة ستناضل أجيال طويلة من أجل الخلاص منها حتى يمن الله علينا بجمال عبد الناصر آخر ولكن بشكل مؤسسي ليساعدنا على إعادة مؤسساتنا الوطنية وأراضينا وتأميمها باسم الوطن والشعب والأمة .
 
من يتابع أوضاع الأردن اليوم لا يملك إلا أن يضرب كفا على كف لمأساة وطن لا يعرف القائمين عليه قيمته بعد أن رهنوا إرادته وباعوا مقدراته ، وأصبح يصنف لو كانت هناك قوانين صحيحة بأنه دولة فاشلة بحكم ارتفاع مديونيته على حجم إنتاجه ولا يزال هذا الوطن ينهب باسم الخصخصة ويسرق من الذين لا تنطبق عليهم القوانين .
 
وسط هذه المأساة خرج الشعب الأردني يطالب بالإصلاح والتغير وبالتالي إيجاد حكومات وبرلمانات مستقبلية منتخبة قادرة على تحمل المسؤولية ، ولكن للأسف مطالب الشعب قوبلت بالمراوغة والمماطلة وحتى الرفض وتستمر القبضة الأمنية ولا يوجد وسط هذا وذاك صوت عاقل من أهل القرار .
 
 
في هذه الظروف يدعوا النظام وحكومته الشعب لما يسمى بالانتخابات النيابية وسط حالة من الضبابية وعدم الاستقرار السياسي وكما هي العادة سيكون برلمان 10% من إجمالي الشعب ولا يوجد كما أسلفت من أهل الحكمة من يطالب بتأجيل هذه الانتخابات حتى لا ندخل لمرحلة أكثر حرجا للنظام لأن البرلمان القادم لن يكون إلا برلمان الأزمات في هذه الظروف وإعادة إنتاج الأزمة التي كبرت وتكبر كركرة الثلج كما أسلفت ولا نعلم إلى أين ستقود الوطن وأتساءل هل جاء عصر القرود هل حقا يريد أصحاب القرار إصلاح أم أنهم يحاولوا العودة إلى ما قبل عام 1989م ، والتي لا زالت مستمرة مع كذبة من الديكور تسمى ديمقراطية وبمعنى آخر هل سنرى حكومة عسكرية أكثر قمعا وإرهابا من حكومات الريموت كنترول إياها وهل الحوار مع مجموعات وهي محترمة بلا شك من خلف الكواليس يخلق حالة من ألأمن والاستقرار وهل القفز من خندق الإسلاميون إلى الخنادق الأخرى يحل الأزمة ، أليس إجراء الانتخابات في هذه الظروف يعني أخذ الوطن للمجهول الذي لا يعرفه أحد .
 
 وهنا تذكرت كتاب مصطفى محمود وجاء عصر القرود حيث العناد السياسي والاتكال على الدائرة إياها لا يبني وطنا بل هو سبب الأزمة  ولم يكون جزء من الحل إلا إذا أردنا العودة للوراء ناسين أو متناسين أن عقارب الساعة في حركة التاريخ الإنساني لا يمكن أن تعود للوراء ، حمى الله الأردن أرضا وشعبا ولا عزاء للصامتين ولمن يقول الحقيقة كما هي ، واللـــــــــه من وراء القصد .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد