مؤتمر مكافحة الفساد في لندن‎

mainThumb

14-05-2016 09:35 AM

الفساد شكل من أشكال امتهان الشعوب وقتل مستقبلها، ترعاه الدول العظمى التي استولت على بلاد وشعوب بهدف السيطرة على مقدراتها ونهب خيراتها لصالح هذه الدول التي تعتبر نفسها العالم الأول، وأطلقت على هذه الشعوب المنكوبة العالم الثالث.


المؤتمر أقيم الخميس في لندن ، وحضره مجموعة من الدول المتهمة بالفساد وعلى رأسها افغانستان ونيجيريا، وسيبحث المؤتمر أشكال الفساد الذي يمارس في الدول التي تعتبر من أكثر البلاد فسادا، وكيفية مكافحة هذه الآفة التي أصبحت ملازمة لدول ما يسمى بالعالم الثالث.

 من أشكال الفساد في هذه الدول، أن قادة هذه الدول أصبحوا تجارا يملكون الشركات خارج بلادهم، ويتلقون الرشاوى، ويسيطرون على مقدرات شعوبهم، وقد يديرون شبكات تهريب مخدرات وغيرها، وأصبحت دولهم عبارة عن دكاكين لهم، يبيعون الشعوب ويتربحون، ما جعل مؤسسات الدولة وأجهزتها تعمل لشخص الحاكم هو وعائلته ما جعل الفساد مقننا تحميه أجهزة الدولة..!!

هذا الأمر سائد في البلاد العربية، ولا أقول في الدول غير المستقرة، بل أيضا في الدول التي تعتبر نفسها مستقرة ويحكمها قانون ولا يوجد بها مليشيات أو تتنازعها تيارات متعددة، فالشعوب في هذه الدول -حتى الغنية منها- تئن تحت وطأة مؤسسات الحكم التي انشغلت بتجارتها، وجمع الأموال وتكبير الأرصدة، وطرد الاستثمار الذي لا يصب في أرصدتهم، ومتابعة الملذات أينما وجدت، وترك الشعوب يعصف بها  الفقر والبطالة نتيجة انهيار مؤسسات الدولة التي سرقت مواردها وتعثرت أو تجمدت في مكانها لا تستطيع الحراك، فصارت عبئا على الشعب الذي أصبح المورد الوحيد لمؤسسات الدولة ولجيش الفساد الذي لا يشبع.

كيف للدول العظمى أن تدعو الى مكافحة الفساد وهي تحتضن الشركات والاستثمارات لرؤساء الدول التي تعتبر فاسدة في نظرهم، وهي أيضا من بنى هذه الكيانات وبنت جيوشها وأجهزتها الأمنية التي يحتمي بها الفاسد ويوجه أسلحتها الى صدر كل من قال بفساد الحاكم الأوحد، وسفاراتها ترى وتسمع وتشجع الفساد في هذه الدول لكي يبقى هذا الفاسد يرعى مصالحها الاقتصادية في البلاد التي وكّل بها، وما دام  الدول العضمى تضمن الرفاه لشعوبها فلتذهب شعوب مايسمى بالعالم الثالث الى الجحيم، فهي شعوب مغلوبة انتصرت عليهم ومن حق المنتصر أن يصادر كل شيء للمغلوب.

فلماذا اذن تتحدث الدول العظمى وبريطانيا بالذات عن مكافحة الفساد، وتصنف الدول حسب نسبة الفساد فيها؟!! أهي دعوة حقيقية لمكافحة الفساد، أم لأمر آخر من قبيل الحرب غير المعلنة بينها لتقاسم خيرات الشعوب، ولماذا تظهر دول على رأس قائمة الفساد، وهي لا تكاد تذكر بجانب دول أخرى تعج بالفساد ولا تذكر في قائمة الفساد؟!!

لماذا تكشف قضايا فساد في دول، ثم تختفي أو يلفلفها القضاء وتنتهي ويبقى الفاسد؟ لماذا في دول تقام مؤسسات لمكافحة الفساد ومهمتها تقنين الفساد وحماية الفاسدين؟.

 وهذا طبعا يحدث على مرأى ومسمع من الدول التي تسمي نفسها عظمى، وسفاراتها هي الحاكم الفعلي في ما تسمى دولا نامية- وهي لم تنمو اصبعا واحدة منذ أن أنشأتها دول الفساد الكبرى، بل تقزمت وهرمت وهي تنحدر سنة بعد سنة.

الفساد الحقيقي هو في الحضارة الرأس مالية التي أطلقت حرية التملك، وأزاحت من أمام هذه الحرية كل المحرمات، والعواطف والانسانيات، فأصبحت حضارة متوحشة لا تعرف الا جمع المال، حتى لو أبادت جميع شعوب الأرض، فلا عجب ان كانت منبع الفساد، ووبالا على الانسانية جمعاء.. ونحن في العالم المنكوب لن نصدق تباكيكم ولا تخدعنا دموعكم، فالفاسدون أبناءكم وليسوا منا، ومؤتمراتكم كانت تنطلي علينا سابقا أم الآن صارت مكشوفة..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد