الدرس التركي‎

mainThumb

17-07-2016 11:19 AM

 نعم علينا نحن العرب وأقصد الشعوب وليس الحكومات أو الأنظمة، علينا أن نقف مليا عند حادثة محاولة الانقلاب الفاشلة، ونقارن ولو بشكل بسيط بين حالنا وحال الشعب والقيادة التركية، وأظن أن الكثير منا لم تفته هذه المقارنة، وكتب الكثير من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، ما شعروا به عند مشاهدتهم ما حصل في الشوارع التركية، ولكني سأقف عند فواصل مما حصل، وأقارن بين تعاملنا وكيف تعاملت الشعوب الحية!!

 
أول مشهد هو أن رئيس الدولة عندما سمع الخبر لم يطلب طائرة ليهرب، لأنه لا يخاف من فساده وبطشه وظلمه، بل بقي في البلاد وطلب من الشعب أن ينزلوا الى الشوارع ويدافعوا عن حريتهم واستقلالهم وكيانهم المتمثل بمؤسسة الحكم المنتخبة، وليس عن شخص الرئيس ولا النظام الذي تدعمه دول الاستعمار..
 
 
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أول ما تكلم قال إن الانقلابيين استخدموا طائرات الشعب ودبابات الشعب وسلاح الشعب ليسيطروا على إرادة الشعب، فيا أيها العرب الشعب أكبر من كل ما نُصبكم وأصنامكم وأزلامكم، فدعوا الشعوب تقول كلمتها تعتز هي وتعزكم.
 
 
نعم، الشعب هو من حمى إرادته وحمى مؤسساته ومن ضمنها مؤسسة الرئاسة وكل هذه المؤسسات لا شيء أن لم يكن هناك شعب واعٍ، فليس الجيش فوق الشعب، ولا مؤسسة الرئاسة فوق الشعب، فكلها يصنعها الشعب ويسيرها حسب مصالحه، فيا أيها العرب، الجيوش التي يبنيها الغرب في بلادكم، يبنيها لنفسه وليس لكم، فمجرد أن تُهدد مصالحه من أي شعب بنا له جيشا، تتوجه بنادقه في وجه الشعب الذي يظن ان الجيش له، وما درى أنه مرتزق في جيش الاحتلال..
 
 
الشعب التركي بكل عزم وقوة إرادة ضرب الجيش وأعطاه درسا وليتنا نتعلمه، بأن الجيش صنعه الشعب للدفاع عنه وليس لاستعباده، أو تركيعه لمصالح رأس النظام وزبانيته..
الشعب التركي لم يهتف لأردوغان، وأردوغان وحكومته لم يطلبوا من الشعب حمايتهم بل طلبوا حماية إرادة الشعب. . ولم يتحدث أحد عن شخص الرئيس ولم يسند إليه أحد البطولة بل كان المشهد كله للشعب، الذي أعطى درسا للعالم أن تركيا والشعب التركي تخلّص من التبعية والاستعمار .. وأصبح للشعب إرادة حرة تدافع عن كيانها وعن مؤسساتها وسيكون لذلك أثره الكبير في المستقبل، وقد يؤثر على الموقف الدولي برمته.
 
 
بهذا الحدث قد تنحل عقدة من عقد الاستعمار التي ربطها على العالم العربي والإسلامي. وبه تسترد الشعوب بعضا من وعيها على نفسها، وتتقدم خطوات نحو الحرية والتخلص من سطوة الجيوش التي تدين للدول الكبرى، والتي جعلها الاستعمار العميق في بلادنا هي الضابط لوجوده، وهي التي تقصر البلاد برمتها- حتى مؤسسة الحكم- على السير حسب ارادة الدولة الكبرى التي تملكهم..
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد